مبان شاهقة .. واجهات زجاجية لامعة .. سيارات من كل ماركة وشكل ولون.. نواد .. مولات .. فنادق .. وزارات .. سفارات. القاهرة .. تلك العاصمة الساحرة ذات الأضواء المبهرة، يمكن أن تراها أيضا «مفرمة» قادرة على تكسير عظام البشر فى أحشائها بنفس راضية.
وما هى إلا بضعة كيلو مترات خارج حدودها إلا وينتابك شعور من انفصلت الكهرباء فجأة عن مكبر صوت مسلط على أذنيه بلا رحمة، فتنبسط ملامح وجهه ويفتح عينيه ليرى مساحات خضراء واسعة ووجوها راضية وبشرا أصحاب بال أطول، وتشم أنفه هواء لا يخالطه عادم خانق وتسمع أذناه صوت الهدوء تخالطه من بعيد ضحكات صافية ودعوات مخلصة. هنا، كل يعرف ما له وما عليه وينجزه بلا جدال أومهاترات أو تنصل من المسئولية، حتى أبو قردان الذى اختفى من القاهرة بعد أن كنا نراه فى المساحات المحيطة بالنيل ووجد راحته هنا، كل يوم يؤدى عمله بلا كلل أو ملل.
أى شيء ينقص من يعيش هنا؟ ماء وخضرة وأهل وعشرة عمر وراحة بال، ولعل هذا ما يفسر ذلك الزحام الشديد فى الإجازات على محطات القطار للهروب من «المفرمة» لبحرى وقبلى لالتقاط الأنفاس هنا قبيل العودة للضغوط والتلوث من جديد.
رابط دائم: