رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

وفاة الطفلة ندى كشفت عن الجريمة..
«الختان» مازال مستمرا

تحقيق ــ عبير الضمرانى
الختان - ختان الإناث

  • الظاهرة تجرمها القوانين والفتاوى الدينية.. ومطالب بسرعة محاكمة المتورطين
  • المجلس القومى للطفولة والأمومة: لا تهاون فى مثل هذه الوقائع .. والقانون يحظر إجراءها
  • د. إيمان بيبرس:لابد من حملة إعلامية كبيرة للتوعية المجتمعية وللفتيات فى المدارس بخطورة ظاهرة الختان

 

إيمان.. نيرمين.. سهير.. بدور.. كريمة.. ميار.. وأخيرا ندي، وغيرهن من الأطفال والفتيات فى عمر الزهور فقدن حياتهن بسبب الختان.. ندى 12 سنة من قرية الحواتكة التابعة لمركز منفلوط بأسيوط، توفيت منذ أيام فى إحدى العيادات الطبية بعد أن ساقها والدها للموت بنفسه.

ولعلنا نتذكر الفتاة «بدور» التى توفيت وهى فى سن الرابعة عشرة فى المنيا وتم اختيار تاريخ وفاتها فى 14يونيو2007 اليوم الوطنى لمناهضة ختان الاناث فى مصر، وبالرغم مما تتعرض له الفتاة من مشاكل جسدية ونفسية تؤثر عليها بالسلب بقية حياتها إذا نجت من الموت.. وبالرغم من أن لدينا قوانين تجرم هذه العملية وتم تغليظ العقوبة ولدينا جمعيات المجتمع المدنى التى بُحت أصواتها لتنادى بمنع ختان الاناث، كما جاءت الفتاوى ورأى رجال الدين تمنع هذا الفعل..

وبالرغم أيضا مما تنادى به الأمم المتحدة بإنهاء ممارسة الختان، إلا أن الأباء والأمهات وبعض الأطباء يضربون بكل هذا عرض الحائط ويصرون على ما فى عقولهم من أفكار موروثة ومفاهيم مغلوطة ليذبحون بناتهم بدم بارد.

والسؤال الذى يطرح نفسه هنا، لماذا لا يستجيب المواطنون بل يأخذ الأب ابنته بنفسه ليعرض حياتها للخطر.. لماذا يصر العريس على أن تكون الفتاة التى يتقدم للزواج منها مرت بهذه التجربة المريرة فيجبر والديها على ذلك؟، لماذا لم تأت الجهود بثمارها ويظل انتهك حقوق الطفل والعنف ضد المرأة فى هذه القضية قائما ومستمراً؟، متى يعلمون أن الاخلاق محلها العقل وأساسها التربية وليس الجسد، وأن الالتزام أو الانحراف لا يرتبطان بهذه العملية؟ خاصة وأنها ليست قضية دينية لها علاقة بالعبادات ولكنها قضية مجتمعية ترتبط بالعادات والتقاليد والموروثات الفرعونية.. وطالما ثبتت خطورتها سواء بتعرض البنت للوفاة أو بترك أثر سلبى عليها إذا نجت من الموت إذن لابد من الابتعاد عنها.

تساؤلات كثيرة طرحتها «تحقيقات الأهرام» على المسئولين والمتخصصين .. وكانت تلك التفاصيل...

لا تهاون

فى البداية كان لابد من معرفة رد فعل المجلس القومى للطفولة والأمومة تجاه مثل هذه الواقعة؟ تجيب د.عزة العشماوي، أمين عام المجلس القومى للأمومة والطفولة قائلة: إن المجلس لا يتهاون ابداً فى مثل هذه الوقائع ولدينا آلية لاستقبال الشكاوى وهى خط نجدة الطفل 16000 ويتم الإبلاغ من خلاله عن وقائع ختان إناث، ويتم اتخاذ الاجراءات اللازمة بإحالتها للنيابة العامة للتحقيق القضائى فى مثل هذه الجرائم ومعاقبة مرتكبيها، كما يتم الاستعانة بلجان حماية الطفل بالمحافظات والتى تقوم على رصد الحالات ايضاً وإبلاغنا بها كما تقوم اللجنة بدراسة الحالة والتدخلات وتقديم التوعية للأسر.

وهذا لم يكن يعنى أن هناك قصورا فى الخطوات اللازمة لمنعها فعلى المستوى التشريعى تخالف هذه الجريمة أحكام قانون الطفل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 1996، المعدل بالقانون 126 لسنة 2008، و المادة (242) مكرر من قانون العقوبات الصادر بالقانون رقم 58 لسنة 1937 « المستبدلة بالقانون رقم 78 لسنة 2016، والتى قررت عقوبة السجن من خمس إلى سبع سنوات لكل من قام بختان لأنثي، وتكون العقوبة السجن المشدد إذا نشأ عن هذا الفعل عاهة مستديمة أو أفضى ذلك الفعل إلى الموت والمادة 242 مكرر ( أ )، المضافة بذات القانون التى قررت الحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تجاوز ثلاث سنوات لكل من طلب ختان أنثى وتم ختانها بناءً على طلبه. وقد بذلت الدولة جهودا حثيثة لمكافحة هذه الجريمة منذ عقود عديدة ولن يتهاون المجلس القومى للطفولة والأمومة فى تقديم كل السبل لمكافحة جريمة ختان الإناث

وهذا يطرح تساؤلاً، لماذا لم تأت الجهود بثمارها فى محاربة ختان الاناث رغم تغليظ العقوبة والتوعية؟ تقول د.عزة العشماوى كان لحملات التوعية وتغليظ العقوبة أثر فى تقليل هذه الجريمة ولكن لازال البعض يقبل عليها لاعتقادهم المغلوط بأنها من السنة.

وهل يتم تنفيذ العقوبة على الاطباء الذين يقومون بها ام مجرد تحويلهم لمجلس تأديب؟ بالفعل يتم معاقبة ومحاسبة الأطباء طبقاً للمادة ( 10 ) من القانون رقم 415 لسنة 1954 فى شأن مزاولة مهنة الطب، وقرار وزير الصحة رقم 271 لسنة 2007 ، الصادر بتاريخ 28/6/2007 فى شأن حظر إجراء الأطباء وأعضاء هيئات التمريض وغيرهم أى قطع أو تسوية أو تعديل لأى جزء طبيعى من الجهاز التناسلى للأنثي، سواء تم ذلك فى المستشفيات الحكومية أوغيرها من الأماكن الأخري.

إذن الأمر يستدعى مزيدا من التوعية حيث يبدو أن التوعية الموجودة الآن غير كافية لتغيير المفاهيم المغلوطة عن الختان. مع ضرورة استخدام وسائل توعية أكثر فاعلية وأسرع وأحدث من الموجودة حاليا ليستجيب لها افراد المجتمع، تؤكد د.عزة أنه تم بذل العديد من الجهود فى حملات التوعية من خلال حملة «احميها من الختان» تضمنت رسائل تم بثها من خلال مواقع التواصل الاجتماعى وعلى المحطات الإذاعية فى الراديو، بالإضافة إلى حملات طرق الأبواب، ولأول مرة استقبل خط نجدة الطفل 16000 استشارات عن ختان الإناث من الفتيات أنفسهن ومن الآباء للمشورة عن أضرار الختان للبنات ورأى الدين والرأى الطبى أيضاً، ولكن نحتاج أيضاً إلى المزيد من الجهود فى حملات التوعية والوصول لأكبر عدد من المستهدفين وللوصول إلى الفتيات أنفسهن لتوعيتهن بأضرار هذه الجريمة ومن أجل إعلان مصر خالية من جريمة ختان الإناث، لابد من وجود إجراءات مشددة لحماية الاطفال والفتيات من تعرضهن للختان وتتمثل فى سرعة محاكمة ومحاسبة المتورطين فى هذه الجرائم ليكونوا مثالا لكل من تسول له نفسه إجراء هذه العادة الذميمة.

غير مشروعة

فيما تقول الدكتورة إيمان بيبرس رئيسة جمعية نهوض وتنمية المرأة: إن الختان عملية غير مشروعة لوقوعها تحت طائلة التجريم وفقاً لقانون العقوبات إذ ينطوى على جرائم ثلاثة، وهى الإيذاء البدني، وهتك العرض، وممارسة العمل الطبى بدون ترخيص، وبالرغم من الدعوات المتكررة من المؤسسات المعنية والجمعيات النسوية والصحية ومنها جمعية نهوض وتنمية إلا أننا ما زلنا نشاهد وقوعها فى المجتمع المصرى خاصة فى الصعيد.

وهذا ما تابعناه مؤخرًا للأسف من وقوع ضحية جديدة لختان الإناث تدعى «ندى « بقرية الحواتكة بمحافظة أسيوط، والتى تعرضت لصدمة عصبية أثناء إجراء عملية الختان بدون وجود طبيب تخدير أو تمريض، فضلاً عن أن الطبيب الذى أجرى لها العملية ليس طبيب جراحة متخصصا، بل طبيب نساء وولادة مما أدى إلى وفاتها على الفور.

وعلى من تقع المسئولية فى هذه الجرائم تقول د.إيمان بيبرس فى ظل قيام الجميع بالنهى عنها وتجريمها، فمن الناحية الشرعية التى هى المرجع الأول لمرتكب هذه الجرائم، أكدت دار الإفتاء المصرية، أنه لم يرد نص شرعى يأمر المسلمين بأن يختنوا بناتهم، كما لم يثبت أن النبى صلى الله عليه وسلم قام بختان بناته الكرام، وأن ختان الإناث مجرد عادة اجتماعية موروثة عرفها المجتمع المصرى قبل اعتناقه المسيحية والإسلام، وأن الختان الذى أمر به الرسول -صلى الله عليه وسلم- هو ختان الذكور فقط.

كما أضافت دار الافتاء أن القيام بهذه العملية بالشكل والطريقة التى يتم بها حالياً، هو عادة محرمة شرعاً، وذلك لما أثبته الطب الحديث بالأمر القطعى واليقيني، بمضاره الكثيرة الجسدية منها والنفسية على الأنثي، حيث يكون ختان الأنثى بقطع جزء من جسدها بغير ضرورة طبية ملحة أمراً محظوراً شرعاً، أما من الناحية الطبية والنفسية، فهذه العملية سواء تمت بإشراف طبى أو غير طبى فإن لها العديد من الأضرار العضوية والنفسية للمرأة المختونة مما ينعكس على المحيطين بها وأولهم الزوج والأولاد فيما بعد.

ومن الناحية القانونية ، فقد تم تغليظ عقوبة ختان الإناث وفقًا لآخر تعديل لهذه العقوبة فى عام 2016، بالسجن مدة لا تقل عن 5 سنوات ولا تتجاوز7 سنوات، وذلك بعد أن كانت العقوبة فى القانون قبل التعديل متمثلة فى الحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر ولا تتجاوز سنتين أو بغرامة لا تقل عن ألف جنيه ولا تتجاوز 5 آلاف جنيه.


الختان - ختان الإناث

عودة انتشار الظاهرة

والسؤال هنا ما أسباب انتشار هذه الظاهرة مرة أخرى بعدما كانت آخذة فى النقصان؟، تقول د.إيمان بيبرس بالفعل أوضحت منظمة اليونسيف العالمية أن نسبة انتشار ختان الإناث فى مصر عام 2000 تعدت الـ97%، بينما سجلت انخفاضها عام 2015 إلى 92%، ثم إلى 87% عام 2016، إلا أن انتشار تلك الممارسة عاد فى الصعود إلى 91% عام 2017، رغم تبنى الحكومة المصرية منذ عام 2008 تشريعات عقابية لمن يقوم بالختان للإناث، فما أسباب تمسك المصريين بهذه الممارسة خاصة فى صعيدها بهذه العادات، على الرغم من تجريمها من الناحية الشرعية والقانونية والطبية؟، هل هو جهل وعدم وعى كاف أو عدم تفعيل القانون الذى يجرم هذه الممارسة بالفعل فى هذه المناطق وهى ليست الا عادة فرعونية وغير منتشرة فى البلدان العربية حتى فى المملكة العربية السعودية ولا فى بلاد الخليج كله، وانما فقط فى شمال وجنوب القاره الافريقية

لذا نطالب بتفعيل قانون العقوبات الخاص بختان الاناث، كما يجب أن تتكاتف جهود جميع الجهات سواء المؤسسات الدينية، ومنظمات المجتمع المدني، ووسائل الإعلام وجميع المسئولين فى القيام بحملة قومية فى جميع محافظات ومراكز وقرى مصر والمدارس، تكون مهمتها رفع الوعى لدى أفراد المجتمع إزاء هذه الممارسات الخاطئة «ختان الإناث» لمحو تلك العادة البشعة من ذاكرة المجتمع من أجل «بناتنا» نصف المجتمع.

مازالت الجرائم ترتكب

رباب عبده المحامية ونائب رئيس الجمعية المصرية لمساعدة الأحداث وحقوق الإنسان تقول ناقشنا أكثر من مرة تجريم ختان الاناث وتم تغليظ العقوبة ولكن مازالت الجريمة ترتكب بنفس الشكل والأسلوب، وتمثل إشكالية خطيرة حيث ان الأب والأم هما اللذان يأخذان بناتهما ليتم ختانهن ويعرضونهن للتشويه وربما الموت دون أى شعور بالذنب تجاههن أو الخوف عليهن، ومن ضمن أسباب لجوء الآباء لختان بناتهن فى القرى والنجوع هو عندما يتقدم شاب للزواج من الفتاة يشترط أن تكون مختنة وذلك من مفهومه يضمن له عفتها خاصة إذا اضطر للسفر أو الغياب عن منزله!

وتمثل الواقعة الأخيرة انتهاكاً صارخاً لحقوق الطفل لمخالفتها أحكام قانون الطفل والذى تقرر فيه عقوبة السجن من خمس إلى سبع سنوات لكل من قام بختان أنثي،وتكون عقوبة السجن المشدد إذا نشأ عن هذا الفعل عاهة مستديمة أو أفضى ذلك الفعل إلى الموت، وقرار وزير الصحة رقم 271 لسنة 2007 والذى يحظر إجراء الأطباء وأعضاء هيئات التمريض وغيرهم أى قطع أو تسوية أو تعديل لأى جزء طبيعى من الجهاز التناسلى للأنثى سواء تم ذلك فى المستشفيات الحكومية وغيرها من الأماكن الأخري.

كما تكشف الفجوة الكبيرة بين جهود الآليات الوطنية المعنية بشئون المرأة والطفل وبين القواعد الشعبية المستهدفة بجهود تلك المجالس والآليات، مما يجعل مرتكبيها فى حالة من الأمان تضمن لهم الاستمرارية فى تنفيذ تلك الموروثات المغلوطة المسيطرة عليهم وهو ما يستوجب إعادة النظر فى طرق مكافحة هذه العادات الاجتماعية الكريهة ولابد من تصويب مسار وطرق التوعية للأهالى.

 

  • د. صلاح المغربى : تؤدى إلى الوفاة .. وتسبب صدمة عصبية للفتاة

يقول الدكتور صلاح المغربى استشارى طب الأطفال، إن هذه العملية مرتبطة باعتقاد خاطئ عند بعض الرجال فى مجتمعنا حيث يربطون عفة المرأة بأعضائها وأن الفضيلة لا تأتى إلا من خلال هذه العملية وبالطبع هذا الجهل أدى لهذه النتيجة، فلم يعرفوا أن هذا إهانة للمرأة وتحقير لجسدها، وبالفعل عملية الختان تؤدى إلى الوفاة بنسبة كبيرة نتيجة للمضاعفات التى تحدث لأن هذا القطع فى هذه المنطقة التى بها أوعية دموية تؤدى إلى نزيف حاد، كذلك شدة الألم لأن المنطقة بها أعصاب حساسة للغاية تؤدى إلى صدمة عصبية كرد فعل، ويحدث هبوط فى الدورة الدموية والدورة التنفسية، ولأن هذه العملية تجرى فى عيادة وليست مستشفى فليس لدى الطبيب أكياس دم ومعدات لينقل للفتاة دما بديلا للذى فقدته، وكذلك يستعمل مخدرا موضعيا وليس كليا مما يجعلها لا تتحمل الألم فتصاب بصدمة عصبية عنيفة غير محتملة كل هذا يؤدى إلى الوفاة ومن تنجو منها تكون مسألة حظ ليس أكثر.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق