جاءت «لويزا» مع الحملات الصليبية لتحرير أورشليم(القدس)من العرب فى فيلم «الناصرصلاح الدين»للمخرج الراحل يوسف شاهين،الذى تمكن من إبراز الأبعاد الانتقامية لشخصيات قادة وملوك وملكات تلك الحملات وحاشيتهم من ريتشارد قلب الأسد إلى فرجينيا،وأرثر،وملكة إنجلترا،لكن لويزا تبعد بشخصيتها التى جسدتها الراحلة نادية لطفى عن هذه النزعة لتظهر لنا بملامح هادئة،وشخصية متزنة مؤمنة بقضية وطنها لكنها تحمل السلام والهدوء النفسى بين طيات نفسها وفى ثنايا قلبها.
فأحبت عيسى العوام المسيحى العربى وأحد قادة جيش صلاح الدين،هذه العلاقة التى أوضح من خلالها شاهين مدى ملائكية لويزا التى تمكنت نادية لطفى من إبرازها بعمق ودقة وبساطة فى الأداء ظهر على ملامح وجهها الذى اعتمدت عليه فى التعبير عن الأبعاد النفسية والفكرية والعقائدية للشخصية من خلال التباين.
ففى مشهد محاولة اقتحام الصليبيين أسوار القدس لاحتلالها نجد لويزا محاربة مؤمنة بالهدف الدينى من الحرب وقوة إيمانها بعقيدتها الدينية وتعاليمها التى تظهر فى نفس المشهد بسقوط البرج المحترق على فرجينيا جميلة الجميلات فتترك صف الجنود وتدخل فى قلب النار غير مكترثة بتوابع ما تفعله لإنقاذها،لتظهر لنا الراحلة نادية لطفى باقتدار وحرفة ممثلة مخضرمة بعد أن تبدل دورها تماما،الأول مقاتلة ومحاربة شرسة،والثانى محاربة بقلب يحمل الإنسانية والرحمة فى نفس المشهد.
يتأكد البعد الأخير الذى يظهر بوضوح تام فى المشهد التالى لمشهد إقتحام السور نجد لويزا تحتضن فرجينيا التى تعترف لها وهى محروقة الوجه بأنهم كقادة كانوا يحاولون التخلص منها بقتلها،لتبقى الإنسانية هى رد فعل لويزا من ملامح وجهها التى برعت نادية لطفى فى توظيفها جيدا فى أثناء أدائها للشخصية،وهو أمر طبيعى لشخصية متمسكة بدينها وتعاليمه.
فى أثناء هذا المشهد يجرى الحوار بقوة من طرف فرجينيا التى تعترف للويزا بكل شىء وكأنها أمام كاهن الكنيسة،وتسترسل فى الحديث لتصفها قائلة : «لويزا أنت الطاهرة،أنت القريبة إلى قلب العذراء»،وتأكيدا من شاهين على هذه الملامح نجده فى مشهد الاحتفال بعيد الميلاد يضع لويزا على رأس مثلث قاعدته ريتشارد قلب الأسد وملكة إنجلترا،فى دلالة منه على أن لويزا هى من تمثل جوهر الدين المسيحى فى يوم الاحتفال بعيد الميلاد،وتمكنت لطفى فى هذا المشهد أن تعبر عن هذا البعد بسلاسة وتناغم شديد أكد رؤية شاهين وأظهر قدرته فى فهم الشخصية وتجسيدها بأداء جعلها تبقى فى أذهاننا.
رابط دائم: