وافق مجلس النواب أخيرا وبصفة نهائية على قانون الزراعة العضوية، ويهدف هذا القانون إلى ما يلى:
ـ المحافظة على خصوبة وخواص التربة وزيادة محتواها العضوى.
ـ إيجاد نظم زراعية متكاملة تستهدف استخدام المخصبات العضوية والمكافحة الحيوية وتدوير المخلفات العضوية حفاظاً على البيئة.
ـ الإسهام فى تنفيذ مشروعات الاستصلاح القومية باعتبارها قيمة مضافة عند تعميم هذه النوعية من الزراعات، وزيادة فرص تصدير الحاصلات الزراعية للخارج.
ـ توفير احتياجات السوق المحلية من المنتجات العضوية، وذلك لحماية صحة الإنسان من كثير من الأمراض.
ـ خفض معدلات استهلاك الطاقة غير المتجددة.
ـ الحد من الانبعاثات الغازية الناتجة عن صناعة الأسمدة الكيماوية وخفض معدلات التلوث بالمخلفات الصناعية.
ووفقاً لهيئة دستور الغذاء (الكودكس) فإن الزراعة العضوية هى نظام شامل لإدارة الإنتاج يدعم ويعزز الصحة الزراعية والبيئية بما يحقق التنوع البيئى والنشاط البيولوجى للتربة، بمعنى أن ممارسات الزراعة العضوية هى عدم استخدام مدخلات من خارج المزرعة ، بل استخدام ما بداخلها ، حيث يتم استخدام الأسمدة العضوية المتحصل عليها من مخلفات حيوانات المزرعة مع المخلفات الزراعية بها (يحضر منه السماد العضوى أو الكمبوست بطريقة الكمر) ولا تستخدم أى مواد كيماوية زراعية كالمبيدات ومنظمات النمو وغيرها، ومن الشائع استخدام مصطلح ( أورجانيك) على المنتجات التى تستخدم الزراعة العضوية فى انتاجها.
إن الزراعة العضوية هى «الزراعة النظيفة» ومن ثم وبلا مراء، فإنها الطريق إلى الغذاء الآمن، حيث تستخدم فيها الاتجاهات الحديثة فى المكافحة المتكاملة للآفات الزراعية ومنها استخدام المكافحة الحيوية (بدون استخدام كيماويات)، وزراعة أصناف مقاومة للآفات مع تطبيق نظم التنبؤ والإنذار المبكر والتسميد الحيوى (التسميد الأخضر).
ثمة حقيقة مفادها أن الزراعة العضوية لم تبدأ من فراغ، ولكنها فرضت نفسها وزاد معدل استخدامها على مستوى العالم فى ضوء مخاطر وسلبيات استخدام المركبات الكيماوية وعلى رأسها مبيدات الآفات على صحة وحياة الإنسان، وفى عام 1948 بدأ العالم فى تكثيف استخدامه مبيدات الآفات على أمل زيادة الإنتاج الزراعي، ولكن جاءت الرياح بما لا تشتهى السفن كما يقال، إذ أن زيادة معدلات رش مبيدات الآفات على النباتات لم تؤد إلا إلى تأقلم الحشرات والفطريات والآفات الأخرى التى تصيب النباتات على هذه المبيدات، وذلك عن طريق انتاج سلالات جديدة من هذه الآفات لها قدرة أعلى على مقاومة سمية المبيدات، مما أدى إلى اللجوء لاختيارين أحلاهما مر، الأول: زيادة جرعات المبيدات التى يتم استخدامها، والثاني: تصنيع مبيدات أكثر سمية، والأخطر أن بقايا بعض المبيدات لا تتحلل وتظل ملوثة للتربة لعشرات السنين، وعلى سبيل المثال مبيد الـ «DDT» ما زالت بقاياه موجودة فى التربة رغم حظر استخدامه منذ سنوات بعيدة، ولقد تنبه العالم منذ سنوات طويلة إلى هذا المأزق الخطير، ففى عام 1962 صدر كتاب بعنوان (الربيع الصامت) تأليف راشيل كارسون حذرت فيه من مخاطر الإفراط فى استخدام مبيدات الآفات على صحة بل حياة الإنسان، كما نشر فان امدن ودافيت بيكال فى عام 1996 كتاباً بعنوان (ما بعد الربيع الصامت: الإدارة المتكاملة والأمان الكيماوى لمقاومة الآفات) أكد فيه المؤلفان الأهمية القصوى لتطبيق الإدارة الرشيدة لاستخدام مبيدات الآفات باعتبارها خطراً مدمراً على صحة الإنسان، كما تنبهت الأمم المتحدة إلى هذا الخطر، فأصدرت وثيقة عام 1973 تحت عنوان (سلامة الغذاء تبدأ فى المزرعة)، وتعد هذه الوثيقة أساس كل القوانين التى تعنى بالزراعة العضوية.
ونظراً لارتفاع أسعار المحاصيل العضوية (الأورجانيك)، فلابد من التأكد من مطابقتها المواصفات القياسية حيث توجد هيئات رقابية تمنح تصاريح استخدام وصف (محاصيل عضوية) وذلك من خلال التفتيش المفاجئ على المزارع، والتأكد من أنها تطبق كل معايير ومواصفات الجودة للزراعة العضوية، أى عدم استخدام أى كيماويات فى العمليات الزراعية المختلفة، وفى الخارج يتم ترقيم الفواكه والخضراوات، فإذا كان العدد مكوناً من خمسة أرقام، وأول رقم هو 9 فإن ذلك يعنى أن المنتج قد زرع بالطريقة العضوية (ملحوظة: من المستحيل على المستهلك أن يفرق بين المنتجات الزراعية المزروعة بالطرق العضوية وتلك المزروعة بالطرق التقليدية).
د. محمد محمود يوسف
أستاذ بزراعة الإسكندرية
رابط دائم: