اللافت للنظر أنه بمجرد وقوع حادث مجتمعى، فإننا نبادر بالقول (هذا حادث غريب عن مجتمعنا) مع أن دفتر أحوالنا فى الآونة الأخيرة مكتظ بأحداث جِسام تقطع ببطلان هذه المقولة، فلسنا مجتمعا من الملائكة، أضف إلى هذا أننا واقعون فى مرمى شظايا العولمة، وقد خلّفت شبكات التواصل وراءها تداعيات أثّرت سلباً على قيمنا وأنسجتنا الاجتماعية، والتى ظلّت ترافقنا بمثابة قوتنا الذاتية التى كانت سلاحاً ندرأ به كل المخاطر وندفع كل الشرور التى تولدت فى توجهاتنا ونتج عنها أفكار وأفعال كبيئة خصبة يترعرع فيها الميل إلى العنف والسطو والفساد، ومن ثمّ تآكلت المنظومة القيمية، وتفاقمت هشاشتها فاستحالت أمامها الحلول المرتكزة على الخيال والعواطف، واستوجب الأمر التعامل معها بنمطياتها الواقعية ومفرداتها الحقيقية بوعى وتمحيص بعيداً عن الاستنكار والشجب ورومانسيات النصوص التقليدية التى تدفعنا إلى مسار يكون فى طليعته الاعتراف بأنه لم يعد هناك شيءٌ غريب فى عالمنا الذى نعيشه، ومن ثم تكون خطواتنا فعالة من خلال ما نملكه من أبجديات قوتنا الداخلية من أعراف وتعاليم دينية لا يجوز التسامح عند تجاهلها، وإلا فالردع القاسى واقعٌ لا محالة وبلا هوادة فنضبط بها حركة الشارع والبيئة الداخلية مما يُحدث ثورة فى الشخصية المصرية ترتكز على وعى جمعى كخطوط دفاعية بمثابة قوة ناعمة تعكس صلابة المجتمع وقدرته على التصدى لأى أخطار، وهو ما يقطع الطريق على كل الأفعال السيئة، وبالتالى تصبح لدينا فرصة للتعامل معها بشكلٍ مدروس بعقلانية وحكمة تضع حلولاً تتميز بديمومة تأثيرها كأساس استراتيجى لإنقاذ الحاضر وتأمين المستقبل، فنمتلك زمام أكبر قوة حامية لحياتنا بمعناها الفعال ليس الآن فقط، ولكن على مدار الزمان بعيداً عن سياسة دفن الرؤوس فى الرمال .
عبدالحى الحلاوى
رابط دائم: