رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

حجمه يتجاوز الـ 1٫8 تريليون جنيه..
ترويض الاقتصاد غير الرسمى

تحقيق ــ هبة جمال الدين
> دمج المشروعات غير الرسمية يدفع الاقتصاد القومى > صورة أرشيفية للأهرام

  • مئات الآلاف من المشروعات المتوسطة والصغيرة تعمل دون تراخيص
  • النائب ياسر عمر: دمجه فى الاقتصاد يحول عجز الموازنة إلى فائض

 

 

ربما لا يعرف كثيرون أن هناك مئات الآلاف من المشروعات الصغيرة والمتوسطة مازالت تعمل بعيداً عن أعين الدولة الرسمية، مثل المحلات والتكاتك والأكشاك والباعة الجائلين والسيارات المتنقلة ومراكز الدروس الخصوصية وغيرها من الأعمال التى لا يمكن إحصاؤها بسهولة.هذه الأنشطة تقع تحت اسم »الاقتصاد غير الرسمي « والذى يمارسه سواء أفراد أو مؤسسات، ولا تعرف الأجهزة الحكومية تقديرها الدقيق، ولا تدخل فى حسابات الناتج القومي، وبالتالى لا تدخل فى الحصيلة الضريبية ولا يخضع العاملون فيها لأى نظام ضمان اجتماعي.

تحقيقات الأهرام ناقشت الخبراء والمعنيين حول آلية دمج هذا النوع من الأنشطة فى الاقتصاد الرسمي، وتجدر الإشارة إلى أن هناك فرقا جوهريا بين الاقتصاد غير الرسمى والاقتصاد الأسود (الإجرامي)، فالاقتصاد غير الرسمى انشطته جميعها مشروعة ولكنها غير مدرجة تحت طائلة القانون، وتتم بدون أن يتم تقييدها فى الدفاتر الحكومية مثل عمال البناء بالأجر اليومى وغيرهم، وعلى العكس من ذلك فإن أهم ما يميز الاقتصاد الأسود أن أنشطته جميعها ذات طابع إجرامى كالاتجار بالبشر والسلاح المخدرات وغيرها التى تهدد أمن وسلامة المجتمع... وإلى مزيد من التفاصيل...

 

 

بداية نشير إلى أن دار الافتاء المصرية حذرت من الاقتصاد غير الرسمى الذى يسير ضد الاتجاه العام للدولة كالاتجار فى السلاح والمخدرات وغيرهما من المشاريع الضخمة غير المشروعة والتى تساعد فى تمويل العمليات الإرهابية، وكذلك الاقتصاد غير المقنن، كما نشير إلى أن الحكومة أعلنت فى وقت سابق أن حجم الاقتصاد غير الرسمى فى مصر بلغت قيمته حوالى 1٫8 تريليون جنيه، وإذا افترضنا أنه تم تحصيل نسبة الضرائب العادية على هذا الرقم سوف يضاف إلى الموازنة ما يقرب من 250 مليار جنيه، وحسبما يقول النائب ياسر عمر رئيس لجنة الخطة والموازنة بالنواب فأن الاقتصاد غير الرسمى يندرج تحت عباءته الكثير من البسطاء الذين يعملون بمشروعاتهم الصغيرة التى تدر عليهم دخلا يساعدهم على متطلبات الحياة، وهؤلاء إذا تم ضمهم إلى المنظومة الرسمية للدولة سينعكس مردوده على المواطنين، فبدلاً من الاقتراض لسد عجز الموازنة والذى تصل فوائده إلى 540 مليار جنيه فدمج الاقتصاد غير الرسمى مع المنظومة الحكومية سيحول عجز الموازنة إلى فائض، ونستطيع بأموال الفوائد بناء مشاريع استثمارية ضخمة كمشروعات الطرق والنهوض بالتعليم والصحة وغيرها من المشروعات التى تعود بالنفع على المجتمع ككل.

ويرى عمر أن من الأخطاء الشائعة التى يرتكبها المستهلك فى حق نفسه وتكون سبباً فى خلق اقتصاد غير رسمى هو عدم مطالبته بالفاتورة عند شراء أى منتج، مشدداً على أهمية توعية الناس بأن الفاتورة من أساسيات الشراء وهى الوسيلة الوحيدة التى تحمى المستهلك وتضمن حقه بعد الشراء ضد عيوب الصناعة فى المنتجات، ويروى أنه ذات مرة قام بشراء مبيدات زراعية من إحدى الشركات ولم يحصل على الفاتورة وتسببت تلك المبيدات فى فساد المحصول، الأمر الذى لم يستطع بسببه مقاضاة الشركة أو أخذ حقوقه منها، فهو لا يملك ما يثبت شراء المنتج من هذه الشركة، قائلاً بسبب عدم اهتمامى بالسؤال عن الفاتورة تضرر محصول الأرض الزراعية وتكبدت خسائر مالية كبيرة، مستطردًا أن المجتمع يحتاج إلى وعى ضريبى وأن يكون على دراية بكل حقوقه وواجباته، مضيفاً أن البرلمان يقوم بتشريع القوانين كقانون حماية المستهلك لكن المواطن يهدر حقه بتغاضيه عن الحصول على الفاتورة، وأشار إلى أن هناك جزءا كبيرا من الاقتصاد غير الرسمى تستغله الجماعات المتطرفة، فهم يحققون مكاسب وأرباحا طائلة وهؤلاء يدفعون نسبا من أرباحهم لتمويل الكيانات الإرهابية، وأنهى حديثه قائلاً: لو تم التعامل بالفواتير لن يكون هناك تقديرات جزافية من الضرائب والجميع سيحصل على حقه ويقوم بدفع ما عليه ومنه سيعم الخير على المجتمع.

ويقول الدكتور فخرى الفقى أستاذ الاقتصاد ومستشار صندوق النقد الدولى ان الاقتصاد غير الرسمى يمثل عدة مخاطر اقتصادية واجتماعية وامنية، فمثلاً بالنسبة للقطاع العقارى نجد به أكبر نسبة لممارسة النشاط غير الرسمي، فعمليات البيع والشراء النقدية تتم بعقود ابتدائية غير مسجلة بالشهر العقاري، وذلك لعدة أسباب منها تعقيد الإجراءات فى بعض الحالات، مضيفاً أن هناك بُعدا ثقافيا لدى المواطنين فى عمليات البيع والشراء للعقارات، حيث يفضل البائع التصرف فى العقار بعيداً عن أعين الدولة لكى يتجنب سداد 25% قيمة ضريبة تصرفات عقارية هذا بخلاف الضريبة العقارية، وأيضا نسبة كبيرة من النشاط غير الرسمى فى العقارات تعامل أغلب من لديهم فوائض مالية فبدلا من إيداعها فى البنك يفضلون شراء العقارات التى تزداد قيمتها عن إيداعها فى البنك، كما أن البعض لديه اعتقاد خاطئ أن الفوائد البنكية تعد ربا، ولذلك يعتبر قطاع التشييد والإسكان من أكثر القطاعات التى يتم التعامل فيها بشكل غير رسمي.

وأشار الفقى إلى أن عناصر كثيرة من جماعة الإخوان أثناء فترة حكمهم كان لديهم فوائض مالية كبيرة، ولكى يبتعدوا عن أعين الدولة تجنبوا التعامل مع البنوك وقاموا بشراء عقارات بأسعار خيالية وبعقود ابتدائية، ويرى الدكتور الفقى أنه لابد من تشجيع المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر كمبادرة البنك المركزى لدعم هذه المشروعات حينما رصد 200 مليار جنيه بفائدة تبدأ من 5% وهو سعر فائدة مدعم للمشروعات متناهية الصغر وتزداد كلما زاد حجم المشروع من صغير إلى متوسط، ويقترح على وزارة المالية استقطاب المواطنين ووضع شروط ميسرة وإطلاق مبادرات لمن يستخرج بطاقة ضريبية تفيد بعدم تحصيل ضرائب منه إلا بعد 3 سنوات للتحفيز للدمج، كما أن الشمول المالى أحد الحلول المهمة وهو عبارة عن إتمام جميع التعاملات المالية للمواطنين بطريقة إلكترونية لضمان أن كل فئات المجتمع تدير أموالهم بشكل آمن وسليم لكى لا يلجأوا للوسائل غير الرسمية.

فيما يرى اللواء حمدى بخيت المحلل الإستراتيجى وعضو مجلس النواب أنه لكى يتم تقنين الاقتصاد غير الرسمى والأموال التى لا فائدة منها للدولة يجب الإصرار على وجود سجل تجارى لكل من يمارس النشاط، بحيث تقوم الدولة بحصر الممارسين للنشاطات التجارية غير الرسمية وإمهالهم فترة زمنية ولتكن 3 شهور لفتح سجل تجاري، ويشترط أن يكون لهذا النشاط مقر ثابت بعنوانه، قائلاً: كم من النشاطات التجارية العشوائية التى نراها فى الشارع من أكشاك وسيارات متنقلة وتكاتك تتربح بشكل غير قانوني، ومن السهل اجتذابهم وتوجيههم فى أى اتجاهات إرهابية، أما لو كان لكل نشاط سجل تجارى وبطاقة ضريبية وله عنوان سيأخذ حقوقه ويدفع ضرائبه بطرق مشروعة، مناشداً مسئولى الضرائب باستقطاب المواطنين بالتسهيلات والابتعاد عن التقديرات الجزافية والتى تساعد على التهرب الضريبي، مضيفًا أن أسلوب ممارسة جمع الضرائب به أخطاء كثيرة ولابد من وضع برنامج للتوعية يتم تنفيذه بحرفية شديدة.

أما الدكتور رشاد عبده رئيس المنتدى المصرى للدراسات الاقتصادية وأستاذ الاقتصاد والتمويل الدولى فيوضح الفرق بين نوعى الاقتصاد الرسمى وغير الرسمي، قائلاً: الأول يكون تحت مظلة الدولة بحيث يؤدى افراد أو المؤسسات حق الدولة نظير تلقيها خدمات مقابل ما يتم دفعه من ضرائب، كما يتم دفع التأمينات والضرائب للعاملين لديهم، أما غير ذلك فهو اقتصاد غير رسمي، مشيراً إلى أن الاقتصاد الرسمى لا يمثل خطورة أمنية على الدولة ويتمثل ضرره فقط فى عدم تحصيل الدولة ضرائب من هذه الأموال والتى تتمثل فى المشاريع الصغيرة ومتناهية الصغر كأن يبدأ شاب مشروعاً صغيراً دون عمل سجل تجارى وبطاقة ضريبية، وكذلك الأموال التى يحصلها المدرس الخصوصى دون دفع ضرائب والسيدة التى تسوق منتجاتها من خلال شبكة الإنترنت من منزلها وغيرها من النماذج.

ويرى رشاد أنه يجب على الدولة تغليظ العقوبات وتشديد الإجراءات وإحكام الرقابة على المنافذ وإعطاء الأجهزة الرقابية المزيد من الاختصاصات، كما يجب الاستعانة بأحدث الأجهزة الرقابية للتفتيش وتشديد الرقابة على الحدود فاتساع حدود مصر يجعلها عرضة للاختراقات من قبل المنظمات الإرهابية، وبالتوازى مع هذه الإجراءات الأمنية يجب توعية المواطنين من خلال وسائل اعلام المختلفة.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق