رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

كندا وتجدد مطالب انفصال مقاطعات الغرب

إسلام عزام
جاستن ترودو

كانت مفاجأة صادمة أن تتجدد المطالبات فى مقاطعات الغرب الكندى بالانفصال بعد الانتخابات الفيدرالية وفوز الحزب الليبرالى وتأسيسه لحكومة أقلية. فقد زادت شعبية حركة ويكسيت التى تتزعم هذه المطالبات. فهذه المقاطعات تشعر بالإهمال الشديد من جانب حكومة الحزب الليبرالى، ويشكو المؤيدون للانفصال من انهم يدفعون ضرائب كثيرة للحكومة فى العاصمة اوتاوا، فى حين انهم لا يحصلون بالمقابل على ما يستحقونه من دعم مالى.

وهذا يفسر لماذا لم يفز الحزب الحاكم فى الانتخابات الأخيرة بمقعد واحد فى مقاطعتى البرتا وساسكاتشيوان. وفى مقاطعتى بريتش كولومبيا ومانيتوبا لم يحصل سوى على 11 مقعدا من أصل 42 مقعدا.

حركة ويكسيت ،التى تكتسب انصاراً يوما بعد يوم، التقدم بتأسيس حزب لها، وخوض الانتخابات التشريعية فى المقاطعات الأربعة وعلى صعيد كندا كلها، والهدف ليس الاندماج أو رفع الظلم عن هذه المقاطعات، لكن التمكن من تنظيم استفتاء يطالب بالاستقلال. وتأتى هذه المطالبات لتشير الى تراخ من قبل الحكومة الليبرالية الكندية خاصة وان المقارنة مع الحكومة المحافظة السابقة ليست فى صالح الليبراليين على الاطلاق ، فطوال فترة حكم حزب المحافظين التى امتدت نحو عشر سنوات، تراجعت الأصوات المطالبة بالاستقلال، فقد كان رئيس الوزراء السابق ستيفن هاربر يهتم بمطالب هذه المقاطعات.

لكن يبدو ان تحقيق بعض هذه المطالب أمر بعيد فى ظل حكومة الحزب الليبرالى الحالية. فقد رفض رئيس الحكومة جاستن ترودو تأجيل تطبيق ضريبة الكربون لمدة عام، حتى تتمكن مقاطعة البرتا من توفيق أوضاعها، وخاصة بعد الأزمة الاقتصادية التى تعرضت لها بسبب انخفاض اسعار البترول منذ عام 2014 حيث تنتجه البرتا بكميات كبيرة ويعتمد اقتصادها بشكل أساسى عليه. وهو نفس موقف رئيس حكومة سسكتشوان» سكوت مو» الذى وصف لقاءه مع رئيس الوزراء بالمخيب للآمال، فهو كما قال لم يقدم وعودا جادة لتنفيذ المطالب ومنها مد خطوط انابيب البترول الى الولايات المتحدة مما يخفض سعره ويمكنه من المنافسة وتساعد المقاطعات الأربع على استعادة نشاطها الاقتصادى مجدداً. فالأزمة الاقتصادية أدت إلى تخفيض الخدمات التى تقدمها المقاطعات لمواطنيها، فى حين ان مقاطعة البرتا وحدها تدفع ضرائب تقدر بنحو 20 مليار دولار سنوياً لحكومة كندا. ومع ذلك فقد قرر جاستن ترودو رئيس الحكومة ان يمنح مقاطعة كيبيك 13٫1 مليار دولار من أصل مبلغ إجمالى قدره 20 مليار دولار مخصصة للمقاطعات الأقل ثراء طبقاً لبرنامج «مدفوعات المساواة»، وهو الذى يمكن الحكومة الفيدرالية من تقديم نفس الخدمات تقريبا لكل المواطنين الكنديين، سواءً كانت المقاطعة التى يعيش فيها فقيرة أم غنية.

وقررت جيسون كيتى رئيسة حكومة مقاطعة البرتا، حفاظاً على شعبية حزبها وتحسباً للغضب المتنامى، تنظيم جلسات استماع للمواطنين، وذلك بهدف الوصول إلى توصيات فى العلاقة بين المقاطعة وبين الحكومة الفيدرالية.

هذه ليست التحديات الوحيدة امام حكومة الحزب الليبرالى، فهناك قلاقل ايضاً فى مقاطعة كيبيك الفرنسية، والتى لديها مطالبات قديمة بالاستقلال تعود إلى نحو 100 عام مضت. فقد حذر فرانسو لوجو رئيس الحكومة فى المقاطعة من المساس بقانون علمانية الدولة من جانب الحكومة الليبرالية. وهذا القانون يقضى بعدم ارتداء الموظفين فى الدولة والذين يتعاملون مع الجمهور، أى رموز دينية من أى نوع، وذلك استناداً الى أن الدولة يجب ان تكون محايدة فى تقديم خدماتها لكل المواطنين من مختلف الأعراق والأديان والثقافات. وبعد تطبيق القانون تم نزع الصليب الذى كان موجودا فى برلمان المقاطعة.

لكن الحزب الليبرالى الفيدرالى كان قد رفض هذا القانون وألمح رئيسه ترودو الى أنه سيلجأ الى الطعن عليه دستورياً، وبعد فوزه فى الانتخابات بحكومة أقلية قال انه لن يفعل ذلك الآن، وهو ما يعنى انه من الممكن ان يفعل ذلك مستقبلاً. ورد عليه رئيس حكومة كيبيك مؤكداً أنه لا يملك الشرعية الكافية أنه لم يحظ بأغلبية البرلمان، وما زالت المعركة مستمرة.

هذا الصراع يأتى على خلفية الرأى المنتشر فى أوساط المواطنين فى المقاطعة أن الحزب الليبرالى (اليسار) يفسد كندا ولا يحترم القيم التى قامت عليها الدولة. فكندا فى رأيهم دولة علمانية، ولا يجب السماح بانتهاك قيمها العلمانية. فلابد من ضبط الهجرة واللجوء، بحيث يمكن الى حد كبير استقدام المهاجرين الذين يؤمنون بقيم كندا، وليس هؤلاء الذين يؤدون إلى هدمها.

أضف إلى ذلك فوز الكتلة الكيبيكية التى تتبنى استقلال مقاطعة كيبيك بـ32 مقعداً فى الانتخابات الفيدرالية، وهذا يعنى أنها القوة الثالثة فى البرلمان الفيدرالى بعد الحزب الحاكم وبعد حزب المحافظين. وكانت الكتلة الكيبيكية رفضت المشاركة فى الحكومة الفيدرالية، حتى لا تعطيها شرعية وثقلاً امام الناخبين فى مقاطعة كيبيك، وأوضحت أنها شاركت فى الإنتخابات فقط من اجل ان يكون «استقلال كيبيك» ممثلاً فى برلمان دولة كندا!

وتجدر الإشارة هنا الى ان استقلال كيبيك مطروح منذ هزم البريطانيون الفرنسيون عام 1759، حيث كانوا يحلمون بالانفصال عن بريطانيا على الأقل. وفى عام 1960 ظهر اول تجمع سياسى تحول الى حزب يدعو الى استقلال كيبيك. تبعته تجمعات وأحزاب أخرى، معظمها توحد تحت راية الاستقلال. لكن ظهرت جبهة تحرير كيبيك المسلحة التى زرعت قنابل أمام مكاتب الحكومة الفيدرالية فى كيبيك، واختطفت الملحق التجارى البريطانى ووزير العمل والهجرة عام 1970 وتم قتل الأخير. وتم اطلاق صراح الدبلوماسى البريطانى بعد موافقة الحكومة على ان يغادر الخاطفون مع أسرهم كندا إلى كوبا.

بعد ذلك تفككت هذه الجبهة لكن ظل مطلب الاستقلال موجوداً ففى عام 1980 أجرى استفتاء، لكنه جاء مخيباً لآمال الداعين للاستقلال، وفى عام 1995 تكرر الاستفتاء لكن هذه المرة خسر دعاة الاستقلال بفارق بسيط جدا. لكن من يدرى فربما يستطيعون الاستقلال فى المستقبل ويتبعهم مقاطعات الغرب الكندى.. وتتفكك كندا.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق