فسر هانى السيد فى رسالته بالبريد عبارة (احذر !! الرادار بعد 1 كم) بأحد احتمالين لا ثالث لهما، الأول: وجود رادار فعلا طبقاً للافتة ورصد المركبات غير الملتزمة بالسرعة المقررة، وهى دعوة مفتوحة لقائدى المركبات للإسراع بعد منطقة الرادار.. أما الثانى فهو عدم مطابقة الإعلان الواقع، فيصبح فخاً لهواة السرعة الجنونية، فتنهال عليهم مخالفات السرعة، لكنى أقول ببعد الاحتمالين عن الواقع ومجافتهما للحقيقة ومخاصمتهما للقانون جميعا، فبالنسبة للاحتمال الأول وهو مناف للمنطق ومناقض لوظيفة حارس القانون إذ يحوِّل التحذير من المخالفة وهو واجب عليه نحو المخاطبين به إلى نصيحة يُسديها لهم فيتيح لهم ارتكابها وتسهل الإفلات من عقوبتها، وبالنسبة للاحتمال الثانى كفخ للإيقاع بالمخالفين، فهو مثل سلفه لا يخلو من العوار الواضح ولا يعلو إلى الفهم الصحيح بسبب وجود خطأ فى اللافتة مقصود رادارياً مرفوض إدارياً، وهو تحديد موضع الرادار بعد 1 كم، فهذا التحديد يُفرغ قانون المرور من مضمونه ويفقده فلسفته، ويفسد عليه مرماه لأن وظيفة اللافتة ــ أصلا ــ هى التنبيه والتذكير للمؤهلين للمخالفة من ذوى السيارات الحديثة وهواة المغامرة ومدمنى الرعونة من صغار السن والمتعاطين غير المتعافين، وذلك استنادا للمنطق القانونى القائل بأنه (لا جريمة إلا بنص، ولا عقوبة إلا عن إدانة، ولا إدانة إلا بدليل) ولقوله تعالى .. (وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا).. والرسول هنا هو اللافتة وما تضمنت والعبارة وما أفصحت وهى انعكاس لنص القانون على لسان سدنته وحراسه مفاده مأثورة (قد أعذر من أنذر)، فالقول بالفخ المصطنع قول ترفضه المشروعية القانونية وتأباه القاعدة الذهبية القائلة (ما بنى على باطل فهو باطل) إذ لا يستقيم تطبيق أحكام القانون وهى مشروعة بوسيلة غير مشروعة بالإيقاع فى المخالفة، ولنا فى قصة سيدنا عمر عبرة وعظة بل حكمة وحكم حين تسوَّر جدار بيت، فوجد شارب خمر فنهره لأنه على معصية فقال له: (إن أكن عصيتُ الله واحدة فقد عصيتَه ثلاث، حيث قال تعالى: (ولا تجسسوا)، وقد تجسستَ وقال (وليس البر أن تأتوا البيوت من ظهورها)، وقد تسوَّرت ودخلتَ من ظَهر البيت بغير إذن، وقال عز وجل: (لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها)، فقد دخلتَ بغير سلام .. فقال عمر: (هل عندك من خير إن عفوَت عنك؟ قال: نعم والله يا أمير المؤمنين.. لئن عفوتَ عنى لا أعود لمثلها أبدا) قيل فعفا عنه وخرج وتركه.. إذن فالاحتمال الثالث هو الصحيح مع ما سلف من التصحيح بأن تكون عبارة اللافتة للتذكير والتحذير فقط بأن (حدود السرعة، هى كذا وهى مراقبة بالرادار بغير تحديد) ليلتزم المُلتزم عن بَيِّنة وليُعاقَب المُخالِف عن بَيِّنة .
حُسام العَنْتَبْلى ــ المحامى بالنقض
رابط دائم: