فى داخل كل منا شخص معاق على اختلاف نوع الإعاقة ودرجتها وقدرتنا على إخفائها، أما ذوو الإعاقة أو ذوو الهمم كما اعتدنا أن نطلق عليهم لتخفيف وقع الوصف المؤلم، كنوع من الاعتراف بان تغيير المسمى يغير من وجع الشعور وحقيقته، وهيهات أن يحدث ذلك، فأنتم فقط غطيتم الجرح دون أدنى معالجة.
ما جدوى تغييرنا للمسمى؟ ومازالت نظرة المجتمع لذوى الإعاقة تمتزج بالشفقة، وكل أفكار القصور والنقص، حتى وان رأينا منهم وفيهم ما يغير تلك الأفكار من قوة إرادة وتحد ونجاح فى شتى نواحى الحياة والمجالات الوظيفية المختلفة، أو لعلنا نسقط عليهم شعورنا نحن بالإعاقة والقصور، لذا قبل أن نطالب بتأهيل ذوى الإعاقة نفسيا علينا أن نطالب أولا بتأهيل المجتمع بأكمله، لنتمكن من تغيير نظراتنا لهم وتفهم أوجه قصورهم، ودعونا ننحى جانبا تلك الشعارات الرنانة ونواجه قصورنا الذى اخترناه، ونعالج قصورهم الذى اجبروا عليه، ولنضع نقطة جديدة لسطر صحيح فى التعامل معهم، يكمن فى تفهم وضعهم وأوجاعهم وتجنب محاولة الطرق عليها بشكل أو بآخر.
لا احد منهم له يد فى إصابته بعلة، ومع هذا وجد نفسه مجبرا على التكيف معها، ومع نظراتكم الموجعة، فالشخص ذوى الإعاقة يتمتع بحساسية عالية لأقل شئ وادنى تصرف قد تثيره تلك الحساسية، لذا هم دائما يسعون إلى التصرف بشكل كامل يثير إعجاب من يسمون نفسهم الأسوياء، فنجدهم يبرعون فى المجالات المختلفة الرياضية والأدبية والفنية وغيرها.
هم فقط يحاولون أن يخبروا المجتمع بأنه لا فرق بيننا وبينكم. نحن أيضا بارعون بل ربما ابرع منكم، وكأنهم فى صراع ليس فقط مع الأسوياء وإنما فى صراع مع نفسهم، فى حرب البقاء، فى مطحنة الحياة، صراع لا هدنة فيه، بعضهم يستسلم وكثير منهم يغامر، ليكسب ذلك التحدى الذى وضعه لنفسه.
وقليل منهم من يصل إلى السلام النفسى والرضا عن ما حققته له إعاقته، كاعتراف ضمنى لها بانه لولاها ربما ما وصل إلى ما وصل إليه، وليبدأ هو الآخر فى كتابة سطر جديد عن تأهيل نفسه لتقبل إعاقته التى لا مفر منها.
رابط دائم: