رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

الدكتور شبلى تلحمى رئيس برنامج «السادات» للسلام فى حوار لـ «الأهرام»: غزو العراق 2003 أضر بأمن الشرق الأوسط وجلب القاعدة وداعش

أجرى الحوار ــ إبراهيم السخاوى

  • الأزمة الأمريكية ــ الإيرانية قد تقود المنطقة لحرب غير مرغوب فيها

 

عندما نطالع النشأة فإنها عربية.. من عرب مابعد 48، جاء سفر الدكتور شبلى تلحمى رئيس برنامج «السادات» للسلام والتنمية إلى أمريكا للدراسة والاقتراب فى الوقت نفسه من كواليس إدارة الشأن العالمى، وعلى رأسه الشأن الشرق أوسطى وبيت قصيده مشكلة فلسطين، لم يكتف بالدراسة بل الممارسة السياسية فعمل مستشارا للبعثة الأمريكية فى الأمم المتحدة،وعضوا فى وفد الولايات المتحدة إلى اللجنة الثلاثية الأمريكية الإسرائيلية الفلسطينية، التى انتدبت حسب اتفاقية واى ريڤر. وشارك فى مجموعة دراسة العراق كعضو فى مجموعة العمل البيئى الإستراتيجى.

كما عمل فى المجموعة الاستشارية الأمريكية للديمقراطية العامة للعالم العربى والإسلامى، وشارك أيضا فى صياغة تقارير لمجلس العلاقات الخارجية حول الدبلوماسية الأمريكية، وجهود السلام العربى الإسرائيلى، والأمن فى الخليج العربى.ويعد كتابه: الخدعة: أمريكا والشرق الأوسط الأكثر مبيعا واختارته الخارجية الأمريكية من أفضل خمسة كتب عن الشرق الأوسط عام 2003. وله مؤلفات سياسية اخرى عديدة.

.. يذكرنا الدكتور شبلى تلحمى مدير برنامج السادات للسلام والتنمية بجامعة ميرلاند، وزميل معهد سياسات الشرق الأوسط بمؤسسة بروكينجز فى واشنطن بحالة الفقد التى نعيشها لحلم بسلام شامل يسود منطقتنا من أجل الاستقرار.. وقد دفعنا ثمنا غاليا لتحقيقه.. خضنا حربا مجيدة وعقدنا اتفاقية للسلام.. لكننا مازلنا ندور فى فلك البحث عن استقرار فى منطقة مشتعلة بالخطر من كل جانب.. ومن اجل هذا نحاوره، لعلنا نظفر معه بقراءة لحاضر مشوش ومستقبل مجهول..

أجاب الدكتور تلحمى عن أسئلة الحوار فور إرسالها تقديرا لمكانة الأهرام وحرصا منه على ابداء رأيه فى مختلف القضايا، منها تأثير الانقسام والخلاف بين حماس وفتح على القضية الفلسطينية، وقرار ترامب نقل السفارة الأمريكية للقدس، والأزمة الأمريكية الإيرانية بعد مقتل قاسم سليمانى، وأمن الخليج والشرق الأوسط، ونذر الحرب والصدامات المحتومة، ومنها إلى فرضيات صدام الحضارات والنزعة القومية ونهاية التاريخ..

وإلى تفاصيل الحوار..

 

 

كمفكر استراتيجى ماذا عن مستقبل المنطقة والخليج بعد مقتل قاسم سليمانى وهل تتوقع تصعيدا جديدا بين واشنطن وطهران؟

شكل مقتل قاسم سليمانى تصعيدا خطيرا وضع كلا من الولايات المتحدة وإيران على حافة حرب، على الرغم من أن كلا الجانبين لا يريد بدء حرب شاملة، لكن مشكلة عدم الاستقرار فى الخليج أكبر: فهناك حدثان مهمان خلقا حالة عدم الاستقرار الحالية فى المنطقة والتى لن تنتهى على المدى القريب، حتى مع استمرار الأزمة المباشرة بين الولايات المتحدة وإيران بشأن مقتل سليمانى. الأول والأكثر أهمية هو حرب العراق عام 2003.

حيث أضرت هذه الحرب بأمن منطقة الخليج والشرق الأوسط بصورة كبيرة، وما زالت المنطقة غير مستقرة وتعانى تبعات الحرب، هذا بخلاف أن العراق نفسه قد دمر نفسه بنفسه، حيث نجد الآلاف من القتلى والجرحى وملايين النازحين، واستدعت هذا الحرب مجموعات مثل القاعدة إلى المنطقة وساعدت فى ظهور مجموعات مثل داعش، ومن الناحية الاستراتيجية، أنهى التوازن بين العراق وإيران، حيث لم يتم إضعاف العراق فحسب، بل جعلها واقعة تحت تأثير إيران, لقد خلقت هذه البيئة حالة كبيرة من انعدام الأمن فى الخليج، ولن أبالغ إذا زعمت أن حرب اليمن المدمرة هى نتيجة غير مباشرة لحرب العراق. وليس هناك نهاية فى الأفق لعدم الاستقرار الهيكلى الذى نتج عن حرب العراق عام 2003.

لكن الحدث الثانى الأكثر أهمية، الذى نشهد أثره فى الوقت الحالى، هو إستراتيجية الضغط القصوى لإدارة ترامب تجاه إيران، التى فرضت عقوبات خانقة لا يمكن للإيرانيين ببساطة تحملها، وانسحبت إدارة ترامب من الاتفاق النووى 2015 مع إيران، وإن كان إجراء إشكاليا، لكن إيران كانت ستتسامح مع هذه الخطوة طالما بقى المجتمع الدولى قادرًا على الالتزام بهذا الاتفاق، وهو موقف مبدئى. ولكن مع فرض العقوبات التى شملت صادرات النفط الإيرانية،بات من الواضح أنه حتى أوروبا لم تستطع حماية تجارتها مع إيران فى ضوء العقوبات الأمريكية. ونتيجة لذلك، تحاول إيران باستمرار خلق وضع مقلق للولايات المتحدة وحلفائها وأسواق النفط. لم يتغير هذا بعد مقتل سليمانى والهجوم الإيرانى على القاعدة الأمريكية فى العراق. أضف إلى ذلك إعادة تقييم الدول الخليجية لموقفها، خاصة بعد هجوم 14 سبتمبر على المنشآت النفطية السعودية التى خفضت إنتاج النفط بنسبة 50% لفترة وجيزة وألقى اللوم فيها على إيران.

كما تسبب عدم تدخل الولايات المتحدة لمنع الهجوم وعدم اتخاذ أى إجراء عسكرى فى إعادة دول المنطقة تقييمها للموقف، ورغم تراجع الأزمة المباشرة لمقتل سليمانى، فإننا لا نزال نعيش فى بيئة غير مستقرة، ومع أن الرئيس ترامب والإيرانيين لا يسعيان لحرب شاملة، فإن الأزمات الجديدة لا مفر منها، مما يضع المنطقة فى منحدر زلق نحو حرب غير مرغوب فيها.

كمحلل سياسى كيف ترى قرار ترامب فيما يتعلق بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس والاعتراف بسيادة إسرائيل على الجولان السورية؟

إن تصرفات إدارة ترامب فى الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، ونقل السفارة إلى هناك، والاعتراف فيما بعد بسيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان السورية، تمثل خطوات مقلقة تتعارض مع القوانين والأعراف الدولية وتضر بمساعى تحقيق السلام فى الشرق الأوسط, ولكن الحقائق لا تتغير بالنسبة للموقف الدولى المتمثل فى أن مرتفعات الجولان والضفة الغربية والقدس الشرقية هى أراض محتلة, لكن الولايات المتحدة قوة عظمى وأفعالها مهمة,على المدى القصير، فهى تساند حكومة إسرائيلية يمينية لتجنب تقديم تنازلات للفلسطينيين, لكن على المدى الطويل، الكل خاسر، خاصة وأن إدارة ترامب قد أوجدت صيغة للصراع الإسرائيلى الفلسطينى على أسس دينية، وهى مسألة مقلقة, وأرى أن الطريقة الوحيدة لحل النزاع هى النظر إليه على أنه صراع سياسى ووضعه فى سياق القوانين والأعراف الدولية, نعم يجب احترام الحقوق الدينية للجميع، لكن تعريف الصراع من الناحية الدينية يدخلنا فى معادلة صفرية لا تخلق سوى مواجهة حتمية.

إلى أى مدى يؤثر الخلاف بين حماس وفتح على القضية الفلسطينية ككل؟

يبدو واضحاً لكل من يدرس القضية الفلسطينية، أن الانقسام الواقع بين حماس ومنظمة التحرير الفلسطينية، أدى الى الانقسام العميق داخل الحركة الفلسطينية، وليس فقط الانقسام الجغرافى بين غزة والضفة الغربية,هذا ليس فقط لصعوبة التنسيق بل لأنهما يعملان ضد بعضهما البعض، وهو ما يقوض فى الوقت ذاته المصالح الفلسطينية، ويؤثر على الدعم الدولى للفلسطينيين، بما فى ذلك الدعم العربي, فالدول تحتاج إلى مرجعية لمعرفة ما يعنيه دعمهم للفلسطينيين وثمار هذا الدعم عمليا, فعندما كان عرفات على قيد الحياة وكانت منظمة التحرير الفلسطينية قوية، كانت بمثابة النقطة المرجعية لمعرفة السياسة التى يدعمها وما يريده الفلسطينيون.

ما هى الاختلافات بين الديمقراطيين والجمهوريين عندما يتعلق الأمر بالسياسة الخارجية؟

فى الوقت الحالى، يعد الانقسام الحزبى فى أمريكا بين الديمقراطيين والجمهوريين هو الأعمق على الإطلاق، لذا لا يقوم الجمهور الأمريكى فى كثير من الأحيان بإجراء تقييم موضوعى ولكنه يضعه فى سياق هذه الفجوة الحزبية, فى العديد من القضايا، نجد الشعب يسأل «هل ترامب يناصر هذا أم ضده؟» وأولئك الذين يدعمونه يتخذون جانبه وأولئك الذين يعارضونه يقفون فى الجهة المعارضة له. ففى الشرق الأوسط على وجه التحديد، رأينا أن خطاب ترامب الذى استهدف المسلمين، والذى كان له تأثير معاكس على المواقف العامة, فى استطلاعات الرأى العام، وجدنا أن الديمقراطيين والمستقلين أصبحوا أكثر تعاطفا مع المسلمين لأن ترامب هاجمهم، بينما الجمهوريون لم يتغيروا كثيرا.

وفيما يتعلق بالصراع الإسرائيلى ــ الفلسطينى، وجدنا أن سياسة ترامب المؤيدة لإسرائيل قد جعلت الديمقراطيين أكثر غضبا من إسرائيل ولحد ما، أكثر تعاطفا مع الفلسطينيين.

من المؤكد أن هذه المواقف مهمة للسياسة ولكن الرؤساء لديهم فى النهاية أدوات هائلة للتأثير على السياسة الخارجية أكثر من الكونجرس. وهناك دائمًا صراع حول مدى حرية الرئيس وقد رأينا ذلك أخيرا بعد مقتل قاسم سليمانى فى إيران، والذى أعقبته محاولة الديمقراطيين فى مجلس النواب تمرير قرار للحد من قدرة الرئيس على شن حرب على إيران.

منذ طرح صامويل هانتجتون كتابه الشهير صدام الحضارات والعالم مشغول بالرد عليه بحوار الثقافات.. هل كانت الفرضية على حق وسط ما يشهده العالم حاليا من صراعات وحروب؟

تحوى أطروحة «صراع الحضارات» فى ذاتها نبوءة ما، لقد رأينا هذا بعد هجمات 11 سبتمبر كيف نظر الأمريكيون للمسلمين، وكيف كان رد فعل المسلمين عندما اعتقدوا أن الولايات المتحدة تستهدفهم بالتحديد.

لذا، فالأطروحة ليست خاطئة فحسب، ولكنها خطيرة إذا تعاملنا معها كمدرسة فكرية، فنحن نرى الآن الدول الغربية تنقسم فيما بينها، وتنقسم الدول ذات الغالبية المسلمة فيما بينها، وتنقسم الدول الآسيوية. بل هناك العديد من البلدان منقسمة داخليا أكثر مما هى مقسمة مع بقية العالم, والأمريكيون منقسمون داخليًا على المستوى الحزبى بدرجة أكبر من الفجوة بين أمريكا والدول الاخرى.

بعد 30 عامًا من أطروحات فرانسيس فوكوياما حول الانتصار النهائى للفلسفات الرأسمالية.. هل كان اقتراحه فى «نهاية التاريخ» مرتبطًا بفترة محدودة من تطور الديمقراطية الغربية؟

هذه المرحلة من تاريخ العالم لا تلائم بصورة جيدة أطروحة فرانسيس فوكوياما. إن ظهور النزعة القومية المتطرفة، والتهديدات للديمقراطية على الصعيد العالمى، بما فى ذلك فى الدول الغربية، ولا سيما الولايات المتحدة، تشكل تحديًا للصور التى رسمها فوكوياما قبل ثلاثين عامًا فى وضع إطار لـ «نهاية التاريخ».

أنا شخصيًا غير مطمئن وقلق من صعود القومية المتطرفة والتحديات التى نواجهها فى بلادى، الولايات المتحدة، والتى لم أكن أتخيلها قبل عشر سنوات فقط. أعتقد أننى واقعى فى نظرتى للعالم، وأتفهم دور القوة والمصلحة الذاتية فى تشكيل السياسة. لكن على أن أقول إن الحكم على مستقبل الديمقراطية لا يزال مبهماً. وما زلت أعتقد أنه يجب سماع آراء الناس، وأن فكرة العدالة لا تزال فكرة قوية، وأن المبادئ ستنتصر فى النهاية وآمل ألا تكون كلماتى مجرد رغبة أتوق إليها.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق