شاهدت فيلم «حرب كرموز» بطولة الفنان أمير كرارة، فوجدت فيه روح الوطنية التى جسدها كذلك فيلم «الممر».. الفيلم يحكى قصة خيالية عن حصار قوات الاحتلال البريطانى بقضها وقضيضها، قسم شرطة كرموز فى الإسكندرية، لإجبار مأمور القسم على إطلاق سراح ضابط بريطانى احتُجز به رهن تقديمه للمحاكمة، وتسليم اثنين من المواطنين، قتلا زميله بعد اغتصاب البريطانيين شابة مصرية، ولقد أحسن الفيلم عرض صمود جنود الشرطة داخل القسم وبسالتهم، ورفضهم إخلاءه والتخلى عن ضابطهم، وعدم مبالاتهم بالتفوق فى العدد والعُدَّة لجيش الاحتلال، وتضامن الجماهير فى الخارج معهم، وتكاتف جميع المصريين على اختلاف مشاربهم ضد المحتل الغاشم، وضد غطرسته. وبرزت من جديد على الشاشة الفضية بعد غياب وطول افتقاد، معانى الكرامة والعزة والوطنية والوحدة.
وبمناسبة عيد الشرطة الذى أظلنا، فقد ألح عليّ تساؤل؛ وهو لماذا نلجأ إلى الخيال، ونحن لدينا الواقع، ولماذا نؤلف حدثا، ولدينا فى تاريخنا حدث مماثل؟.. هذا الأداء نفسه فى الإخراج والتصوير والتمثيل، كان يمكن تسخيره لتخليد موقعة الإسماعيلية فى ٢٥ يناير ١٩٥٢ وإعادة أحداثها إلى الأذهان، يوم أن رفض بالمثل جنود وضباط الشرطة المصريون فى ذلك الموقف المشهود، إخلاء مبنى محافظة الإسماعيلية والاستسلام بأسلحتهم للعدو الذى حاصره، فدارت رحى حرب غير متكافئة بينهم وبين جيش الاحتلال البريطاني، قاتلوا فيها ببسالة حتى نفدت ذخيرتهم ، وسقط منهم خمسون شهيدا، لتكتب هذه الموقعة فى دفتر أحوال الوطن، واحدة من أنصع وأشرف صفحات نضاله، وليصبح يوم حدوثها عيدا للشرطة المصرية، تحتفل به الأمة المصرية من كل عام، فلماذا «حرب كرموز» التى هى من نسج خيال مؤلفها، وليس «حرب الإسماعيلية» التى هى تاريخ مصر الحقيقى وبطولة أبنائها الفعلية؟.
د. يحيى نور الدين طراف
رابط دائم: