رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

الحقائق الثابتة

بريد;

يثير القرآن الحكيم قضايا علمية مهمة، ومع كثرة الموضوعات ذات الطابع العلمى فيه، مثل أصل الحياة المائي، والتلقيح بالرياح، وكروية الأرض، والزمن والنسبية، فلا تتناقض قضية ما من هذه القضايا مع وجهة نظر العلم الحديث ومعطياته. إن القرآن كلام الله الأزلى الخالد، والكون الواسع الفسيح من صنع الله، ومن هنا كان من الطبيعى أن يستمد القرآن كثيرا من آياته وحكمه من الكون. وعلى هذا النحو تحدث عن الأرض والسماء والماء والهواء والأحياء لتقوية إيمان المؤمنين بخالق الكون وتأكيد رسالة السماء العلمية. إن الإسلام فى حقيقته علم أو هو علم بإطلاق المعني، فعلى سبيل المثال دعا القرآن إلى دراسة الأرض والبحث فى الجغرافيا فى قوله تعالي: «وفى الأرض آيات للموقنين» (الذاريات: 20)، وإلى دراسة الفلك «وآية لهم الليل نسلخ منه النهار فإذا هم مظلمون» (يس: 37) ، وإلى دراسة علم الحيوان فى قوله تعالي: «أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت» (الغاشية: 17)، وإلى دراسة علم النبات والزراعة «فلينظر الإنسان إلى طعامه أنا صببنا الماء صبا ثم شققنا الأرض شقا» (عبس : 24 ـ 26)، وإلى دراسة الكيمياء والفيزياء «وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد» (الحديد: 25)، وإلى البحث فى كروية الأرض، وأنها ليست بمركز للكون: «يكور الليل على النهار ويكور النهار على الليل» (الزمر:5)، وإلى دراسة نفس الإنسان والكون: «سنريهم آياتنا فى الآفاق وفى أنفسهم» (فصلت: 53) ونسوق بين يدى القارئ بعضا من هذه الأمثلة الرائعة من المعرفة العلمية المتعلقة بالعالم المادي: أصل الحياة المائي: وفى هذا يذكر القرآن بايجاز أن الماء كمادة حيوية هو مصدر كل شئ فى الحياة، وأنه أصل كل شيء حي: «وجعلنا من الماء كل شيء حى أفلا يؤمنون» (الأنبياء: 30). وقد أثبت العالم الفرنسى «رينيه كوينتون» المتخصص فى علوم البحار أن أول خلية حية فى العالم جاءت من البحر وأنه لا حياة ممكنة بلا ماء.

التلقيح بالرياح: يقول تعالي: «وأرسلنا الرياح لواقح فأنزلنا من السماء ماء فأسقيناكموه وما أنتم له بخازنين» وقد التقى العلماء القدماء والمحدثون فى تفسير هذه الآية عند القول بتلقيح الرياح للسحاب الذى تثيره ببخار الماء ونوى التكاثف بما يؤدى إلى نزول المطر، والقول أيضا بتلقيح الرياح للنباتات والأزهار عن طريق نقل اللقاح من شجرة إلى شجرة. المراحل المتتابعة التى يمر بها الجنين فى الرحم: يقول تعالي: «ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين، ثم جعلناه نطفة فى قرار مكين، ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام لحما ثم أنشأناه خلقا آخر فتبارك الله أحسن الخالقين» (المؤمنون: 12 ـ 14). تشير هذه الآية إلى كيفية تكوين الإنسان والأطوار المختلفة التى يمر بها منذ كان خلاصة سلة من الطين، ثم جعله نطفة (ماء قليلا) فى قرار مكين (وهو الرحم)، وتحويل النطفة إلى علقة (قطعة متجمدة) ثم تحويل العلقة إلى مضغة (قطعة لحم بقدر ما يمضغه الإنسان) ثم إحالة هذه المضغة إلى عظام وكسوة العظام بعد ذلك باللحم، ثم تحويل هذاالخلق (الجنين) إلى الصورة الإنسانية بنفخ الروح فيه، وبهذا يتفق القرآن مع ما توصل إليه اليوم علم الأجنة من حقائق حديثة.

ونحن نرى أنه لا خوف إطلاقا من تفسير آيات القرآن علميا خاصة إذا كان هذا التفسير قائما على حقائق العلم الثابتة التى لا تتغير، خلافا لما هو عليه الحال فى النظريات والفروض العلمية القابلة دوما للتغيير، إن حقائق القرآن العلمية ظلت ثابتة منذ الأزل، ومازالت وسوف تظل سليمة إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.

ان القرآن الحكيم يثبت أنه إلى جانب كونه كتاب هداية وارشاد ومنهج حياة للمسلمين، فإنه أيضا كنز للعلوم وينبوع للمعارف دون ذكر لتفصيلاتها بل اكتفى منهجه القويم بذكر الأصول والمبادئ العامة، تاركا بذلك الباب مفتوحا للعلماء فى كل زمان ومكان ليبينوا للناس جزئيات العلوم ودقائق المعارف، وتفصيلات الشرائع، ليبلغ الإنسان درجة الكمال جسدا وروحا.

د. صلاح بسيونى رسلان

الأستاذ بآداب القاهرة

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
 
الاسم
 
عنوان التعليق
 
التعليق