رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

د. بكر زكى عوض: الوعى بالشأن العام «فرض عين»..
أدعو إلى وضع قواعد فقهية جديدة تواكب مستجدات الواقع

حوار ــ حسنى كمال
د. بكر زكى عوض

  • مراعاة التخصص والاستعانة بعلمائنا فى الخارج تخدمان جميع القضايا

 

 

أكد الدكتور بكر زكى عوض، عميد كلية أصول الدين بالقاهرة سابقا، رئيس لجنة الفكر الإسلامى بالمجلس الأعلى للشئون الإسلامية بوزارة الأوقاف، أن الوعى بالشأن العام من فروض العين، وقال إن الاهتمام بقضايا الشأن العام مسئولية الجميع، وليس وقفا على مجال دون غيره، وذلك بشرط مراعاة التخصص، موضحا أن على علماء الإسلام تقديم قواعد فقهية جديدة لمواكبة المستجدات التى طرأت على الشأن العام، بما يحقق مصالح البلاد والعباد.

وفى حوار مع (الأهرام) لفت إلى أن من أهم قضايا الشأن العام التى يجب أن نعتنى بها: الشائعات والحروب النفسية، بالإضافة إلى التصدى للتيارات الفكرية المنحرفة لما لها من أثر كبير على الرأى العام، مؤكدا أهمية الاستعانة بعلماء مصر بالخارج للإفادة من خبراتهم وتجاربهم، فى مناقشة قضايا الشأن العام، ونبه إلى أن العلاقة بين الشأن العام والشأن الخاص علاقة تكاملية لا تقوم على الندية أو الصراع .

 

 

ما المقصود بالشأن العام وما الفرق بينه وبين الشأن الخاص؟

الشأن الخاص هو ما يتعلق بالفرد على حدة، بأى كلية يلتحق، بأى فتاة يرتبط، إلى أى دولة يسافر، أى عمل سيقوم به، وهكذا..فهذا شأن خاص. أما الشأن العام فهو كل أمر يشغل الناس جميعا، فى دولة من الدول، أو على مستوى العالم، وما يتعلق بالشأن الخاص فإن مناقشاته تكون سرية، أو خفية.. فإذا كان لا يتأتى إظهاره يعتمد المسلم فيه على صلاة الاستخارة، وإذا كان يتأتى إظهاره، فإنه يعتمد فيه على الاستشارة. وأما الشأن العام، فإنه لا يدار سرا، إلا فيما وجب ستره عن الآخرين، مثل القضايا الكبرى المتعلقة بمستقبل الدولة، مثل قرار الحرب، وقرار السلم، والقطيعة السياسية، أو المصالحة السياسية، وهذا شأن أولى الأمر دون غيرهم. وبخلاف ذلك فإن القضايا التى تشغل عموم أفراد الأمة، ينبغى أن تطرح ليستشار فيها، مثل: انتخاب رئيس الدولة، أو نواب البرلمان أو مجالس الشوري...الخ. حيث يدلى كل مواطن برأيه وفق القوانين المعتبرة فى هذا الميدان.

كما أن هناك من الشئون العامة ما ينبغى أن يعرفه العام والخاص، بما يؤدى إلى تحقيق المصلحة العليا لأفراد المجتمع، مثل: الشائعات والحروب النفسية، وحروب الأعصاب، فهذا مما يؤثر على الرأى العام أو الشأن العام، وهنا ينبغى التصدى لمثل هذه التيارات الفكرية المنحرفة من العام والخاص.

قضايا مهمة

وما هى أبرز قضايا الشأن العام التى تحتاج إلى توعية واهتمام؟

هناك قضايا: الوطن والمواطنة، بين الحقوق والواجبات، وكذلك قضية استعادة الهوية المصرية العربية الدينية، لاسيما فى ظل التحديات التى تواجه المنطقة العربية، والبلاد الإسلامية، ومن الشأن العام أيضا الأصالة، واستعادة الذات، وللأسف فقدنا الكثير من قيمنا، وأصبحنا نعيش صراع الهوية، فلا نحن بالشرقيين، ولا بالغربيين، بل نحن (بين بين)، فى حين كنا فى الماضي، نفخر بكلمة مصر والمصريين.. لقد آن الأوان أن نستعيد قوتنا لنفتخر بعراقتنا وأصالتنا، وحتى يشير الناس إلينا بالبنان.

الإيجابية وثقافة الأمل

ومن القضايا المهمة أيضا عودة القيم الأصيلة.. استعادتها بالوسطية التى تربينا عليها، ودعانا إليها ديننا الحنيف دون إفراط أو تفريط. هذا بالإضافة إلى نشر ثقافة الأمل لغد أفضل، ونزع ثقافة اليأس من نفوس الناس، وسيادة روح الإيجابية والتفاؤل، والتحرر من النزعة السلبية، فالأمم لا تبنى إلا بعزيمة أبنائها، وإرادتهم، ولن نسمع أن دولة ما بناها آخرون، وقد جربنا الخبراء من الشرق والغرب يأتون إلى مصر وخارجها، فكان ولاؤهم لبلادهم، لا لبلادنا، والتاريخ خير شاهد على ذلك، فحائط الصواريخ فى 1973، والثكنات العسكرية بالعراق، وغير ذلك فى كثير من الدول.

إن علماء مصر أثبتوا وجودهم خارج بلادنا فى المجالات كافة فى الحياة هناك، وقد آن الأوان لننتفع بتجاربهم وخبراتهم وأن يشاركونا الرأى العام فى مستقبل هذا البلد، لأن المصرى دون غيره هو الوحيد الذى يشعر بالغربة خارج الوطن، وإن حصل على أى جنسية كانت، فلا يزال حنينه إلى هذا الوطن، فلماذا لا ننتفع بخبراتهم فى قضايا الشأن العام، كالصناعة والسياحة، والتعليم، وغير ذلك مما يهم المجتمع بأسره.

علاقة تكاملية

وما هى العلاقة بين الشأن العام والشأن الخاص؟

العلاقة بينهما، كالعلاقة بين اللبنات والعمارة، فالأفراد هم اللبنات، الذين يتكون منهم المجتمع، وما يخصهم يهم المجتمع، وما يخص المجتمع يهمهم كذلك. لذا فالعلاقة تكاملية، لا تقوم على الندية، أو الصراع، فلا يتأتى ضياع حق الفرد من أجل المجتمع، ولا يتأتى ضياع حق المجتمع من أجل مصلحة الفرد مثل (الهروب من الضرائب، والجمارك، وسرقة التيار، وسرقة المياه، والركوب بدون تذكرة...الخ).. فكل من الشأن العام والشأن الخاص مكمل للآخر وخادم له.والشأن الخاص يندرج فى الشأن العام، رغم أنه قد يكون بمعزل عنه من حيث الظاهر، ولكن من الناحية الفعلية غير ذلك: فالذى يدرس فى كلية ما هو فى النهاية خادم لبلده من خلال تخصصه. والذى يتزوج سيقدم لدولته لبنات جديدة (أسرة وذرية) لبناء المجتمع، والذى يفتح مشروعا تجاريا شخصيا، إنما يسهم فى عجلة الاقتصاد، بصورة مباشرة أو غير مباشرة، وهكذا.

هل نحن بحاجة إلى فقه خاص لقضايا الشأن العام؟

الأمر ليس كذلك، حيث لدينا ما يسمى بالسياسة الشرعية، ويندرج تحتها ما يتعلق بالشأن العام، وتضم هذه السياسة العلاقة بين الحاكم والمحكوم، وبين الوزراء والرعية، والتعيين فى الوظائف، كالتنزه عن المجاملة واختيار الأكفأ واستبعاد المنافق والمتنطع، وتحريم الرشوة، وتمتد أيضا للعلاقة بين الأفراد وبعضهم، وأدب الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر...إلخ.

اجتهاد عصرى

ولكن لا ينبغى أن نقف عند القديم، لأن الشأن العام الآن حدثت فيه مستجدات لم تكن موجودة فى القرون الهجرية الأولي، لذا فلابد أن يجتهد العلماء فى إطار الخطاب الديني، لتقديم قواعد فقهية جديدة، يستقيم بها أمر العباد والبلاد، فعلى سبيل المثال، لم تكن الانتخابات موجودة فى القرون الأولي، ولم يكن نظام النواب، باسم ما نحن عليه الآن، ولم تكن النظم التعليمية بنفس النظم المعاصرة، مما يتطلب اجتهادا عصريا، يتناسب مع ظروف الزمان والمكان ومقتضى الحال.

من هو المنوط الحديث فى الشأن العام؟

ينبغى ألا يتناول الشأن العام إلا أهل الاختصاص والدراية، فى كل فن من الفنون ، بعيدا عن المجاملة والمحاباة، حتى تأتى الآراء محققة بالمرجو منها. ينبغى لأهل الاختصاص، كل فى تخصصه، دون أن يتجاوز تخصصه إلى غيره، أن يقدم للشأن العام ما ينهض به المجتمع، فالأطباء يقدمون رؤيتهم تجاه بعض القضايا، (كالختان، نقل الأعضاء، البنوك المستأجرة أو الأرحام المستأجرة...الخ)، وعلماء الشريعة دورهم فاصل لبيان الحل أو الحرمة، ليكون التوثيق بين ما يقدمه العلم وما يراه أهل الدين، ويلحق بهذا المتخصصون كافة فى كل المجالات، وعندها ستنهض الدولة إن شاء الله.

كيف ترى ضعف الثقافة الدينية، لاسيما المتعلقة بالشأن العام؟

ذلك سببه تقصير المؤسسات التربوية والثقافية، بالإضافة إلى أن الأكفاء من أهل المعرفة الدينية، قد انزووا عن الساحة، واستبعدوا من وسائل الإعلام المرئية والمسموعة، إلا قليلا، وتسلط على البرامج الدينية من ليس أهلا لها فى بعض الأحيان، كما أن أهل الاعتدال والالتزام أصحاب العلوم التطبيقية، قد غابوا عن المشهد إلا قليلا، فى الوقت الذى عمت فيه البلوى بنشر ثقافة الانحلال والتمييع وتقليد الآخر (الغرب)، واختيار المثل العليا ممن لا قيمة لهم فى بناء الأمم، أو تأصيل العلم، أو النهوض بالمجتمع، فكل هذا أسهم فى غياب الوعى الدينى بشكل عام.

إلى أى مدى تبدو أهمية الوعى بالشأن العام؟ وما خطورة الجهل به؟

الوعى بالشأن العام من فروض العين،كل بحسب مستواه المعرفي، ونحن نسمع فى الآونة الأخيرة الرئيس يحمل كل مصرى مسئوليته تجاه مصر، دون تخصيص على أساس من الدين، أو العلم، أو المال...الخ، وإنما كل على حسب طاقته، ومعرفته تكون مسئوليته تجاه الشأن العام.

وكيف نحيى ثقافة الشأن العام؟

بنشر القيم الصحيحة، ومحاربة القيم الوضيعة، واستعادة الهوية، والتركيز بالإعلام المرأى على القيم، والعلم، لا على الانحلال والغرائز. ولنكن جميعا على قلب رجل واحد مؤمنين بأن خير ثروة تملكها أمة إنما هى القيم، والمثل العليا. بدءا من الأبوين فى البيت، والمدرسين فى المدرسة، والأستاذ فى الجامعة، ورجال الإعلام، كل فى موقعه.

ماذا أعددت لمؤتمر الأوقاف عن الشأن العام؟

تقدمت بورقة عمل عن الحوار فى قضايا الشأن العام، وتم مناقشتها من قبل أعضاء لجنة الفكر الإسلامي، بالمجلس الأعلى للشئون الإسلامية التى أشرف برئاستها، وقد وزعنا القضايا محل التناول على بعضنا، ليكتب كل واحد منا فى إحداها.

كلمة أخيرة؟

أتمنى أن نتعامل مع الحوار المجتمعي، بأسلوب راق ورفيع من أجل النهوض بمصر، لأنها تستحق أن تكون ـ كما كانت من قبل ـ منارة العالم، ولا تزال حضارتها ناطقة بهذا.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق