تم انتخاب العالم المصرى الدكتور جمال حمدان، ليكون شخصية معرض القاهرة الدولى للكتاب فى دورته الـ51. وكان حمدان حاضرا على صفحات «الأهرام» سواء بقلمه، أو بفكره الذى تم تناوله بالمناقشة والتحليل. فمما كتبه حمدان على صفحات «الأهرام»، ورد بعنوان «الوحدة الوطنية مفتاح النصر.. والنصر مفتاح الوحدة الوطنية» بتاريخ 28 يوليو 1972، محللا أثار نكسة الستينيات عل المجتمع المصري: «ولابد أن نعترف من البداية بأن صدمة الهزيمة، بحجمها ومفاجأتها القاسية كان لها آثار صاعقة ومثمرة على الوجدان الوطني... ورغم التماسك النادر المثير الذى بدأ فى يومى 9 و10 يونيو، ثم التصحيح والتطهير وفصد الدم الفاسد فى 15 مايو، فقد حدثت تقلصات فى جسم الأمة». وأوضح انه كان للنكسة «خلافات حادة فى الرأى ومناقشات صاخبة.. وفى كل هذه القضايا بلا استثناء تقريبا بدا كأن هناك على الأقل مدرستين أو موقفين متضادين على طرفى نقيض: التطرف فى الاندفاع، والتطرف فى التعقل».
أفكار حمدان كانت أساس ندوة نشرتها الأهرام على حلقتين خلال مارس 1985، لمناقشة مقترح العالم الكبير لحل «وباء التجريف» فى الجزء الثالث من رباعية «شخصية مصر». وكانت الندوة بعنوان « هل من الممكن استخراج طمى من قاع النيل يكفى لصناعة الطوب 500 سنة؟» ورأت الندوة إلى تعديد ايجابيات المقترح، من حيث «محدودية» التكاليف بالمقارنة مع البدائل الأخري، وذلك لإنقاذ مصر من أن تصبح « شعبا بلا أرض»، كما حذر حمدان.
ولد حمدان فى فبراير 1928، وحصل على الدكتوراة فى فلسفة الجغرافيا، من جامعة «ريدنج» البريطانية عام 1953. عمل أستاذا للجغرافبا بجامعة القاهرة حتى عام 1963، ليعتزل الحياة الاجتماعية، ويتفرغ للبحث والكتابة. ومن أهم أعماله، موسوعة «شخصية مصر» ذات الأربعة أجزاء، والتى كتب عنها حمدان «أن شخصية مصر جنت على وعلى أعمالى الأخرى مثلما جنى «قنديل أم هاشم» على يحيى حقى وعلى أعماله الأدبية الأخري. طبعا «شخصية مصر» هو أكبر أعمالى وإن كنت لا أفرق بين جميع كتاباتي» . ويضيف حول «شخصية مصر»، «فهو موضوع وطنى وقومى وقد استغرق منى نحو عشر سنوات من عمرى وعدد صفحاته أيضا أكثر من أربعة آلاف صفحة وهو ما يعادل «كل ما كتبته فى حياتى كلها». وأورد «الأهرام» خبر وفاة حمدان فى 17ابريل1993، مستعرضا صدمة الشارع الثقافى لوفاة حمدان، الذى أكد الكاتب يوسف القعيد: «كان رفضه للمجتمع رفضا ايجابيا، بمعنى أنه مستمر فى العطاء والكتابة ولم ينهزم حتى آخر لحظه فى حياته».
ووصف كاتب الأهرام سامح كريم تجربة حمدان بـ «الاعتزال المنتج»، مجادلا على مدار أربع حلقات فى عمود قضايا معاصرة اعتبارا من 21مايو1993، «ما هو المطلوب من المفكر أو العالم حتى لايقال عنه إنه فى عزلة؟ هل المطلوب أن يكون نجما من نجوم السينما والمسرح والرياضة يملأ الدنيا ويشغل الناس بأخباره الخاصة؟ .. واذا توافر لأحد كل هذا ولم يترك علما أو فكرا فهل نستطيع أن نقول عنه إنه عالم أو مفكر؟!إن عزلة اجتماعية كالتى اختارها عالمنا الجليل أنتجت بعد ذلك عملا مصلحا باقيا خالدا ككتاب «شخصية مصر» خير ألف مرة من هذه النجومية الزائفة أو المناصب الزائلة..».
رابط دائم: