رغم التحذيرات المتكررة من خبراء البيئة عن أضرار الأكياس البلاستيكية، فإن استخدامها آخذ فى التزايد مع انتشار المصانع الكثيرة لإنتاجها وفى المنازل أيضا لسهولة تصنيعها وأرباحها الوفيرة وخفة وزنها وقلة تكلفتها، وليست الأكياس فقط بل الأوعية البلاستيكية أيضا كالأطباق والملاعق والشوك، وتستخدم فى صناعتها مواد كيميائية غير قابلة للتحلل مثل البولى إيثيلين، فالمواد البلاستيكية تحتاج من 400 إلى 1000 سنة حتى تتحلل طبيعيا.. ودون تدويرها بالطريقة الصحيحة الآمنة، وعبر إحراقها مع القمامة تسبب تلوث الهواء بتحرر الغازات السامة مما يمثل خطرا كبيرا على صحة الجهاز التنفسى، ولأنها تصنف من المواد المسرطنة، فتسبب سرطان الرحم والثدى عند النساء وتخفض هرمون «التيستوستيرون» فى الجسم بالإضافة إلى تأثيرها على الجهاز المناعى لدى الإنسان.
ولأن الأكياس والأوعية البلاستيكية شاع استخدامها فى حفظ الأطعمة والأشربة خاصة إذا كانت ساخنة، فقد أصبحت تمثل خطورة كبيرة بسبب تفكك بعض المواد السامة الضارة بصحة الإنسان بل بعد استخدامها وإلقائها تحت أشعة الشمس تنتج عنها غازات سامة، وتحملها الرياح فتنشرها على نطاق واسع فى مختلف الاتجاهات، ولا يقتصر التلوث على الهواء والطعام فى البر، وإنما يهدد الحياة البحرية أيضا سواء فى الأنهار العذبة أو البحار بإلقائها مع مخلفات السفن أو الصيادين، فتصيب الأسماك والطيور البحرية، وتؤثر على الطحالب والنباتات البحرية بل وتحجب الأكسجين والضوء عنها، وقد حدث منذ سنوات قليلة أن كثرت «قناديل البحر» على الشواطئ المصرية التى يعج بها المصطافون المحليون والسياح الأجانب، وألهبت أجسادهم بلسعاتها السامة، فأحجموا عن النزول للسباحة، ولأن قناديل البحر هى الغذاء المفضل للسلحفاة البحرية، فقد اتضح أن السبب الأساسى هو نفوق عدد كبير من السلحفاة البحرية نتيجة لانسداد أمعائها لابتلاعها الأكياس البلاستيكية الملقاة من المصطافين مما أخل بالتوازن البيئى.
ونوهت الدكتورة ياسمين فؤاد وزيرة البيئة بأن الحكومة أدركت أنها لن تنجح فى الحفاظ على البيئة إلا إذا جعلت المواطن شريكا أساسيا لديه وعى وقادر ومتفاعل فى ذلك، ومن هنا جاءت حملة «اتحضر للأخضر» لتحفيز المواطن على الحفاظ على البيئة عن طريق تغيير بعض سلوكياته السيئة، وهذه المبادرة تستغرق ثلاث سنوات، ولأهمية الحد من استخدام الأكياس البلاستيكية جاءت فى مقدمة القضايا التى تهتم بها الحملة فى الشهر الأول.
وعلينا أن نحذو حذو الدول الأجنبية المتقدمة فى تداول الأكياس الورقية أو القماشية، ويمكن استخدام العلب الزجاجية أو المعدنية فى حفظ الأطعمة بدلا من مثيلتها البلاستيكية بعد أن ثبت ضررها على البيئة، ويجب أن نتخلص منها تدريجيا، وبعد ذلك نفرض فى فترة لاحقة عقوبات رادعة على تصنيعها، وقد قرأنا فى «الأهرام» تحت «حديث الصور» خروجا عن المألوف عن الفنان الصينى (وان يونيفنج) الذى صمم رداء من الزجاجات البلاستيكية والقمامة وألواح التزلج وبقايا الأقمشة وارتداه لنشر رسالة تحذير للعالم من القوة المدمرة للاستهلاك البشرى، وضرورة حماية البيئة والإنسان والحيوان.
د. مصطفى شرف الدين
رابط دائم: