عانت العلاقات الثنائية الأمريكية- الإيرانية عقودا ممتدة من الاستفزاز والتربص، التي لن تنتهى أبدا، على الأقل على المدى القريب.
فبدايات الأزمة بين طهران وواشنطن تعود إلى عام 1953، مع تآمر المخابرات الأمريكية والبريطانية للإطاحة برئيس الوزراء الإيرانى محمد مصدقه من خلال انقلاب عسكرى، لإجهاض مشروعه لتأميم صناعة البترول. ولدعم حكومة شاه إيران محمد رضا بهلوى، إلا أن الدعم الغربى لبهلوى وحكومته لم يمتد طويلا، إذ اضطر الشاه للفرار خارج البلاد عام 1979 مع اشتعال الثورة بقيادة الخمينى عقب عودته من منفاه فى باريس وازداد الأمر سوءا مع قيام مجموعة من الطلاب الإيرانيين بالهجوم على السفارة الأمريكية فى طهران، واتخاذ 52 أمريكيا رهائن، بعضهم ظل محتجزا لأكثر من عام، مما دفع الولايات المتحدة لقطع كل علاقاتها الدبلوماسية مع إيران في إبريل 1980.
ومع إعلان العراق حربها المفتوحة خلال العام ذاته ضد إيران، بدعم من الغرب، عمدت طهران لاستهداف شاحنات البترول في الخليج، لتصطدم مرة أخرى مع أمريكا وقواتها الخاصة عام 1988. وهو ما ردت عليه واشنطن، بإسقاط طائرة مدنية إيرانية، متسببة فى مقتل 290 شخصا.
وفي2002، أعلن الرئيس الأمريكى الأسبق جورج بوش إيران ضمن دول محور الشر، لترد طهران في 2006 بتدشين برنامجها النووي وتخصيب اليورانيوم، لتبدأ حقبة جديدة من الصراع مع الغرب، الذي فرض عليها حزما متتالية من العقوبات أرهقت اقتصادها بشكل كبير. الأمر تبدل نسبيا مع اعتلاء الرئيس الإيراني الإصلاحى حسن روحانى للسلطة، وإظهار استعداده للسماح للمفتشين الدوليين بدخول البلاد، والإجابة عن الأسئلة الدولية حول البرنامج النووي، مقابل رفع العقوبات الاقتصادية، مما ساعد على التوصل للاتفاق النووى عام 2015 بين إيران، ودول (5+1).
ومع ذلك، تعرضت هذه المصالحة المؤقتة لصدمة مع تغيير القيادة السياسية فى البيت الأبيض، وصعود الرئيس دونالد ترامب إلى الحكم، إذ انسحبت واشنطن من الاتفاق فى مايو 2018، رغم تأكيد الوكالة الدولية للطاقة الذرية التزام إيران بتعهداتها، بل عادت الولايات المتحدة لفرض العقوبات مرة أخري علي إيران بشكل أحادى. وتهديد الدول، التى لا تزال تشترى البترول الإيرانى بعقوبات دولية.
وهنا أنذرتها إيران بما أسمته «أم الحروب»، معلنة تقليص التزاماتها النووية. ترامب لم يعر التهديدات الإيرانية اهتماما، بل تمادى في تعنته، ليعلن الحرس الثورى منظمة إرهابية، لتكون تلك هى المرة الأولى التى تعلن فيها واشنطن جهة تابعة لحكومة دولة أجنبية منظمة إرهابية. وهو ما ردت عليه طهران باعتبار الولايات المتحدة «دولة راعية للإرهاب». ومع تصاعد الهجمات علي السفن وناقلات البترول في المنطقة عزز ترامب حجم القوات الأمريكية بالمنطقة، مهددا بـ «إبادة إيران».
رابط دائم: