رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

يفتتح غدا ويرسل رسالة سلام إلى العالم..
معبد «إلياهو هنابى» يعود إلى الحياة من جديد

تحقيق ــ أمل الجيار

  • مساعد وزير الآثار للشئون الهندسية: الكشف عن شواهد أثرية للمعبد اليهودى تعود لعام 1880

 

 

 

ساعات قليلة وتسلط الأضواء وكاميرات وسائل الإعلام العالمية على الإسكندرية.. فسوف ترسل مصر كعادتها دائما رسالة محبة وسلام وحضارة للعالم كله...ساعات قليلة وبالتحديد صباح غد الجمعة سوف يُرفع الستار وسط حشد هائل من الوزراء والسفراء والإعلاميين المصريين والأجانب عن أضخم مشروع أثرى مصرى ألا وهو معبد إلياهو هنابى أكبر وأقدم معبد يهودى فى مصر والشرق الأوسط، بعد إنتهاء أعمال ترميمه وإعادته للحياة فى مشروع إستمر عامين ونصف العام، ليعود المعبد كما كان منذ إنشائه ولينضم إلى قائمة المزارات السياحية المصرية الإسلامية والمسيحية واليهودية.

ويقول الدكتور خالد العنانى وزير السياحة والآثار، إن ترميم معبد إلياهو هنابى وإعادته للحياة يأتى فى إطار قيام مصر بترميم آثارها المصرية القديمة ( الإسلامية والمسيحية وإليهودية والفرعونية وآثار الأسرة العلوية ) فكل أثر يقع داخل حدود مصر تقع مسئولية ترميمه على وزارة الآثار المصرية باعتباره تراثا مصريا، وهى رسالة للعالم أن مصر هى مهد الحضارات وأرض التسامح والتى شهدت قيام كل الحضارات، وأضاف العنانى أن مشروعات الترميم والتطوير الحإلية التى تقوم بها الوزارة تشمل كذلك تطوير وإعداد رحلة العائلة المقدسة من شجرة مريم إلى الكنيسة المعلقة إلى كنيسة المعادي، كما ينتهى العمل هذا الأسبوع فى المسجد الأثرى الملاصق لقصر عابدين.

 

يقول العميد هشام سمير مساعد وزير الآثار للشئون الهندسية والمشرف العام علي القاهرة التاريخية، إن افتتاح كنيس «إلياهو هنابي» أو المعبد اليهودي يأتي بعد انتهاء أعمال الترميم التي استمرت لمدة عامين ونصف العام منذ منتصف عام 2017، وهو أحد المشروعات التي تقوم بها الوزارة ضمن البروتوكول الموقع مع الهيئة الهندسية للقوات المسلحة بتكلفة بلغت 67 مليون جنيه، وقد بدأ المشروع بأعمال التوثيق الفوتوغرافي والمعماري قبل البدء في تنفيذ الأعمال بالإضافة لعمل فحوصات لمواد وتقنيات وعناصر المبني، ثم القيام بأعمال درء الخطورة والتدعيم الإنشائي للأساسات والأرضيات والأسقف والحوائط الحاملة وتدعيم مصلي السيدات بالدور الثاني وأسطح المعبد بالكامل وتغيير الكمرات الحديدية التي كان يعلوها الصدأ، وذلك بعد تسجيل وتصوير كل قطعة لإعادتها لمكانها الأصلي، كما تم القيام بأعمال الترميم الدقيق للزجاج المعشق بالرصاص والمشغولات النحاسية من مشاعل وأبإليك وشمعدانات، وكذلك تم ترميم المشغولات الخشبية من مقاعد وتجاليد للجدران وأبواب، بالإضافة لترميم البلاطات الرخامية والموزاييك لأرضيات المعبد من الداخل والخارج.

الكشف عن شواهد أثرية للمعبد القديم

أما المفاجأة التي حدثت أثناء القيام بالأعمال، فكانت كما يقول العميد هشام سمير، هي الكشف عن الشواهد الأثرية القديمة لسلالم وبقايا المعبد إليهودي القديم، الذي كان مقاما في نفس الموقع في عام1880، وقبل إقامة المبني الحالي في 1907، وشمل الكشف الذي تم في صحن المعبد حدود المعبد القديم وأرضياته علي عمق ثلاثة أمتار وعلي مساحة نصف المعبد الحالي، بالإضافة للعثور علي شواهد أثرية للمذبح القديم والسلم والحدود الخارجية يمين وشمال وخلف المعبد فتم إحاطتها بسور صغير وترميمها وإضاءتها بشكل خافت وتحديد ثلاثة أماكن لهذه الشواهد ووضع بطاقات تعريف لتاريخها، ثم قامت الشركة المنفذة لأعمال الترميم الدقيق لمقتنيات المعبد بإعادة كل شيء إلي أصله، ويضيف العميد هشام سمير، أن أعمال الترميم شملت بالإضافة لمبني المعبد الذي يقع علي مساحة 800 متر مسطح الحدائق التي تحيط به، فتم عمل تنسيق للموقع وتعديل الأرصفة وعمل أرضيات بازلت لمسار الزيارة وتنسيق الحديقة وإضاءتها، بالإضافة لأعمال المراقبة والكاميرات والتأمين الكامل للمعبد بأجهزة الإنذار من الداخل والخارج، ليكون لائقا لاستقبال زوار مصر القادمين من العالم كله.


الشمعدان الخماسي

ويقول الدكتور محمد عبد اللطيف أستاذ الآثار الإسلامية والقبطية بجامعة المنصورة ومساعد وزير الآثار السابق، إن ترميم المعبد اليهودي هو جزء من خطة مصر للحفاظ علي تراثها وآثارها، وبدعم من الرئيس عبدالفتاح السيسي تم تخصيص مبلغ مليار وربع المليار لثمانية مشروعات ومواقع أثرية من بينها المعبد ضمن ميزانية عام 2017، باعتبار أن الآثار اليهودية هي جزء من المكون الرئيسي للهوية المصرية وهي آثار مصرية تقع علي أرض مصر وبناها مصريون دون تعبير عن العقيدة أو الفترة الزمنية، وقد كان المعبد شبه مهجور لقلة عدد إليهود في المدينة فساءت حالته وسقطت السلالم الداخلية وأجزاء من سقف الدور الثاني أثناء نوة تعرضت لها الإسكندرية، مما دعا الوزارة إلي سرعة التحرك لإنقاذ المبني الذي يُعد من معالم المدينة التراثية والأثرية، فتم ترميم الأساسات وتقويتها وتقوية الأسقف وترميم العناصر المعمارية للقطع المنقولة مثل الشبابيك الخشبية المعشقة بالزجاج الملون والكراسي الخشبية التي تآكلت أجزاء منها وحمايتها من الفطريات، ويضيف الدكتور محمد عبد اللطيف، أن أكثر ما أثار دهشته هو العثور علي شمعدان نحاسي غريب الشكل ضمن المقتنيات المهمة للمعبد، فهو خماسي وليس سباعي كما الحال في المينورا أو الشمعدان المكون من ثلاث أذرع يمنى وثلاث يسرى ونجمة داوود في المنتصف، أما ما تم العثور عليه فهو خماسي وليس به نجمة داوود، مما يفتح الباب أمام دراسته والكشف عن سبب الاختلاف به ويقول الدكتور زاهي حواس وزير الآثار الأسبق، إن إعادة إفتتاح معبد إلياهو هنابي للزيارة بعد ترميمه وتسليط الضوء عليه هو انتصار ثقافي وحضاري جديد لمصر، يضاف إلي سجل نجاحاتها الثقافية والأثرية بجانب متحف الحضارة والمتحف الجديد فكل يوم تعطي مصر للعالم درسا في التمدن والثقافة فمن المتوقع أن يصبح هذا المعبد مصدرا قويا لتشجيع السياحة ولزيادة الدخل القومي المصري، وخاصة أن الكثير من السائحين حول العالم يهتمون بزيارة المعابد والكنائس والمساجد والمعبد اليهودي في بودابست في المجر هو خير دليل علي ذلك، فهو يحصد ملايين الزيارات سنويا من السياح علي إختلاف دياناتهم، وأضاف حواس، أن ترميم هذه المعابد هو دور وزارة الآثار، وقد سبق أن قمت بترميم معبد موسي بن ميمون في القاهرة عام 2003، فكنت أول من أطلق صيحة لإنقاذ الآثار المصرية من كل الديانات.


حكاية المعبد

أما عن تاريخ المعبد فهو حكاية طويلة ومتشعبة وقديمة وتضرب بجذورها في التاريخ المصري، كما تقول الزهراء عادل عوض المرشدة السياحية والمتخصصة في تراث المدينة وعائلاتها اليهودية والإيطإلية واليونانية، فـ «إلياهو هنابي» يُعتقد أنه أحد أنبياء إليهود، ويقال أن سبب بناء المعبد في هذا المكان هو أن أحد الحاخامات رأي هذا النبي يصلي في هذا المكان، فبنوا فيه هذا المعبد عام 1365م وقد تعرض هذا المعبد لنيران سفن نابليون وقت الحملة الفرنسية عام 1798 فتهدم، وإن ظل الحاخامات يصلون علي أنقاضه حتي شاهدهم محمد علي باشا، فيقال أنه تبرع من ماله الخاص وأمر بإعادة بناء المعبد الذي انتهي في عام 1850، ولكنه كان معبدا صغيرا مما دعا اليهود الذين كان عددهم في تزايد للمطالبة بمعبد أكبر، فقد كان عددهم مع بداية حكم محمد علي 6 آلاف يهودي، ولكن الباشا كان يدفع في إتجاه الترحيب بكل الأجانب في مصر وفي الإسكندرية بالخصوص، مما شجع الكثير من التجار اليهود من مختلف الجنسيات للنزول إلي الإسكندرية والاستيطان بها حتي وصل عددهم إلي 8500 يهودي في عام 1847، فدفعهم ذلك إلي تشكيل جمعية وجمع التبرعات لبناء معبد أكبر في عام 1880 حسب المكتوب علي اللوحة التأسيسية علي يمين الهيكل (5641 تاريخ عبري و1880) تقويم ميلادي، وبهذا أصبح هذا المعبد أكبر معبد في الإسكندرية التي كانت تضم 24 معبدا تقلص عددها إلي 2 حإليا (إلياهو هنابي ومنشا)، وتقول الزهراء عوض، أن المعبد مصمم علي الطراز الإيطالي علي شكل البازيليكا ومكون من طابقين ويتسع لحوإلي 700 فرد والطابق الثاني به شرفة لمصلي السيدات، كما يضم المعبد مقر الطائفة اليهودية بالمدينة، ومكتبة تضم مجموعة من الكتب والمخطوطات اليهودية النادرة، بالإضافة لمبني المحكمة (الحاخامانية) التي تضم كل الأوراق الرسمية للأحوال الشخصية والمدنية لليهود الذين كانوا يقطنون بالمدينة من أوراق زواج وطلاق وموإليد، وقد تكلف إنشاء هذا المعبد ما يقرب من 35 الف جنيه، تم جمعها من التبرعات من كبار الشخصيات اليهودية وعائلاتهم، بالإضافة إلي بعض الشخصيات المسلمة والمسيحية، وقد تم وضع لوحة بأسماء المتبرعين والمبالغ التي تبرعوا بها داخل المعبد كنوع من الشكر والامتنان ولتشجيع الأخرين علي تقليدهم، ومنهم رمضان بك يوسف الذي تبرع بـ 50 جنيها هو وأولاده، وقد تبرع وليم ناصر بـ50 جنيها، كما تبرعت زوجة فيني المسيحية وعائلات قطاوي وشيكوريل وساسون، وقد تبرعت عائلة توريل (1000 جنيه) وأستر لوزوتو (5 آلاف) ومنشا (3 آلاف) والخواجة أوف ولدفيني (3 آلاف) وموصيري (3 ألاف) وجاك أجيون 1500 جنيه، وبارون فيلكس منشا (1000) جنيه وجوزيف سموحة 1000 جنيه وجاك رولو 1000 جنيه وكان رئيس الجإلية إليهودية ومدام قطاوي وكانت وصيفة الملكة نازلي (1000) جنيه، وكان نادلر صاحب مصانع الحلويات والطوفي الشهيرة من أهم المؤسسين للمعبد بالاشتراك مع منشا وأجيون وتوريل وقطاوي وحزان ورولو وجوهر وتضيف الزهراء عوض، أن عدد اليهود في الإسكندرية بلغ ذروته في عام 1947 حيث وصلوا إلي 90 الف مواطن يهودي، ثم بدأ العدد في التقلص بعد هجرتهم من مصر حتي وصل إلي 200 شخص عام 1977، هم الذين فضلوا البقاء حتي وصلوا إلي 12 شخصا حاليا، أغلبهم من السيدات، ورئيسة الجإلية في القاهرة هي ماجدة هارون، وفي الإسكندرية يوسف بن جاعون ومستر روبرتو، وكان أغلب إليهود يعملون في تجارة القطن وقصب السكر والزراعة، بالاضافة إلي عملهم في مجال الصرافة والساعات وكجواهرجية، وكان منهم سوارس من مؤسسي شركة النقل والترام «وعاداه» تجار الأنتيكات والتحف وشيكوريل وعدس وريفولي وبنزايون (أصحاب محلات ضخمة) وعائلة أجيون (جارة القطن والبنوك والملاحة) أما السيدات فكن يعملن في الحياكة، والتجميل كما عمل بعضهم في مجال التصوير وكانت هناك استوديوهات يهودية مشهورة وإن كان إليهود قد إنخرطوا في المجتمع السكندري وأصبحوا جزءا في النسيج الواحد.


كراسي المعبد مدفوع ثمنها

وتضيف الزهراء، أن المعبد شهد الكثير من الاحتفالات الدينية وكان دائما مزدحما، إما لأداء الصلاة أو للاحتفال الذي كانت كل طوائف الوطن تشارك فيه..أما أجمل ما في المعبد هو أنه كان من حق كل يهودي أن يدفع ثمن كرسي ويضع اسمه عليه كنوع من الدعم للمعبد، مثل كراسي تحمل أسماء (أشكانازي ـ ماكس سلامة طبيب الأسنان الخاص للملك فاروق، والذي كان رئيسا للجإلية إليهودية بالإسكندرية لفترة طويلة وكان يعشق تراب مصر ــ وأجيون وعجمي وشيكوريل)، أما عن الآثار المنقولة بالمعبد، فيوجد به دولاب مقدس يضم أسفار التوراه القديمة علي شكل رولات من الورق والجلد معظمها من القرن الــ 18 وشمعدانات يهودية (مينورا) من النحاس والفضة ومعلقات زجاجية ومشكاوات،وقد كان المعبد مفتوحا حتي عام 2014 حينما سقط جزء من السقف بفعل النوة فتم إغلاقه، بعد أن كان مزارا للسياح من كل أنحاء العالم بغض النظر عن دياناتهم،، كما كنا نقوم بعمل برنامج زيارة للمعبد وكنيسة ومسجد لأطفال المدارس ليروا كيف عاش المصريون في تناغم وسلام، وتقول الزهراء أنني أتوقع أن يلقي هذا المعبد إقبالا كبيرا من الزوار بعد ترميمه، فقد كان مطلبا دائما للسياح ومنهم أحفاد الأسر إليهودية التي كانت تعيش بمصر ومنهم عائلة شيكوريل التي زارته، وعائلة أجيون والكثير من إليهود الذين أسسوا صفحة علي الفيسبوك إسمها جمعية النبي دانيال قاموا من خلالها بتوثيق التراث اإليهودي المصري ودعوة العائلات اليهودية المصرية لزيارة مصر للتعرف علي جذورهم، كما تابعوا أعمال الترميم بالمعبد وجعلوا الموقع مكانا يحكون فيه ذكرياتهم الجميلة عن مصر.

النزاع بين اليهود وبرافييه الفرنسي

أما الدكتور إسلام عاصم أستاذ مساعد التاريخ الحديث والمعاصر بالمعهد العإلي للسياحة وترميم الآثار بالإسكندرية ونقيب المرشدين السياحيين السابق في المدينة، فيقول إنه لا يوجد تأريخ ومصادر واضحة عن بدايات المعبد غير ما كتبه اليهود في مصادرهم وبأيديهم، وهي ترجع لكتابات صادرة عن الجالية اليهودية في الإسكندرية في القرنين 19 وبدايات العشرين، والتي تشير إلي وجود معبد قديم لليهود في هذا المكان وظل موجودا حتي هدمه نابليون في 1798، فقام محمد علي باشا الذي كان يستقطب الطوائف الأجنبية والملل بالموافقة علي قيام اليهود بإعادة بناء المعبد، ولكن الثابت أنهم واجهوا صعوبات شديدة وعجزا ماليا في البناء وجمع الأموال من إليهود الأثرياء الذين كانت جنسياتهم تتحدد تبعا لنوع تجارتهم، فكانوا يحصلون علي جنسية الدول التي كانوا يتبادلون التجارة معها، فكان منهم الإيطاليون والبلجيك والنمساويون، ولكنهم أقاموا المعبد في النهاية ثم حدثت لهم مشاكل مع عباس باشا الذي فرض الجزية علي أهل الكتاب وكان يكره الأجانب الذين كانوا يستغلون مصر، ثم جاء سعيد باشا ليرفع عنهم الجزية وأعطاهم قطعة اضافية من الأرض دعما لهم في الجزء الشمالي من ناحية البحر، ولكن بمجرد قيامه بهذا الإهداء حتي ظهر شخص فرنسي غامض يُدعي (برافييه) إدعي ملكيته لهذه الأرض، وأن الوالي سعيد ليس له الحق في اهدئها لليهود، فتحول الأمر للمحكمة الشرعية التي حكمت بأن تؤول الأرض للمعبد إليهودي لحسن النية رغم أحقية الفرنسي بالأرض، علي أن يتم تعويضه، فقام سعيد باشا بدفع التعويض نيابة عن المعبد وقد بلغ حوالي 5 الاف أو قطعة فضية بعملات ذلك الوقت، وهكذا فتح المعبد أبوابه في عام 1850، وبعد سنوات حدثت مشكلة أخري كما يقول الدكتور إسلام عاصم، مع بداية قيام بلدية الإسكندرية في عهد الخديو إسماعيل بالتخطيط لفتح شارع النبي دانيال، فتم إستقطاع جزء من المعبد لفتح الشارع، الذي وللمصادفة يحمل أيضا اسم احد أنبياء إليهود رغم أن البعض يعزي الإسم إلي الشيخ محمد دانيال الموصلي الذي له مسجد في بداية الشارع. ثم حدث نزاع أخر مع البطريركية اليونانية، حيث ظهر من يقول أن محمد علي باشا أهداهم جزءا من المعبد ليقيموا عليها مقابر لطائفتهم، واحتجوا بأوراق خاصة بهذا الموضوع في نهاية القرن الـ 19، ولكن تمت تسوية الموضوع وديا، ويضيف عاصم أن التوسعة الثانية حدثت أيام (الجاباي ــ رتبة دينية تشبه الحاخام) يوسف حكيم عام 1865، حيث تمت توسعة صحن الكنيس وعمل الدور الثاني كمصلي للسيدات، وقد دخل المعبد في مشروع ترميم ضخم بسبب سوء حالته ووجود شروخ كبيرة به تهدد سلامته.

أما الدكتور محمد عوض أستاذ الهندسة والعمارة ورئيس لجنة الحفاظ علي التراث بالإسكندرية، فيقول إن بداية إنشاء المعبد تعود إلي بدايات المدينة مع الإسكندر، حيث توافد اليهود علي مصر بعد فتوحاته مع قواده والبطالمة من بعده، وقد كان من الضروري أن يكون لهم مكان للعبادة، فكان الحي اليهودي ملاصقا للحي الملكي، وقد هدم المعبد وأعيد بناؤه أكثر من مرة في سنوات مختلفة، أما البناء الحالي الذي تم ترميمه بمعرفة الآثار فقد أنشيء في الفترة من 1907 إلي 1912 وبنته شركة مصرية بأيدي مهندسين إيطاليين هي Industrial building of Egypt وكان طراز البناء هو آرت ديكو أو الطراز التاريخي المطعم بالطرز الزخرفية معبد بطلمي وروماني ويهودي أما الآثري أحمد عبد الفتاح المدير الأسبق لآثار ومتاحف الإسكندرية، فيقول أن المبني الحإلي للمعبد بني عام 1907في عهد الخديو عباس حلمي الثاني، ويقع في نطاق معبد القيصريون البطلمي القديم، وقد عُثر أثناء حفر أساساته علي نقش مؤرخ للعام 43 من حكم الإمبراطور الروماني أوغسطس عليه دعاء وتضرع لحماية البحارة، كما كتب المؤرخ اليهودي فيلو أنه كان هناك في هذا المكان معبد روماني أمام الميناء الشرقي لحماية البحارة، وهكذا يتبين أن هذا الموقع كان مكانا دينيا معروفا منذ بناء المدينة عام 332 قبل الميلاد، قبل أن يحوله نابليون لتبة عسكرية لإطلاق النيران، حتي أمر محمد علي ببنائه من جديد..

وفي النهاية يؤكد أحمد عبد الفتاح، أن المعبد المسجل بالأثار طبقا للقرار الوزاري رقم 16 بتاريخ 19 يناير 1987 يحمل الكثير من الجمإليات التي يمكن الإرتكاز عليها لتنشيط السياحة، حيث يحمل قيمة دينية للطائفة إليهودية نظرا للأسطورة الشائعة، أن إلياهو هنابي ظهر بعد وفاته في هذا المكان، فيضم المعبد أعمدة من الرخام الأبيض الإيطإلي المذهب وبه لوحات زجاجية معشقة تضم قصصا دينية من التوراة، كما أن المعبد يضم نسخة من أقدم نسخ التوراة وقد زاره مناحم بيجن وعيزرا وايزمان ووموشي دايان بعد إبرام معاهدة السلام مع إسرائيل … كما أن المعبد كان مقصد أثرياء اليهود ومشاهير يهود العالم، ومن اليهود المصريين كان الفنانون توجو مزراحي وراقية ابراهيم، يترددان عليه لإقامة الشعائر فيه.

وبافتتاح المعبد تكون مصر قد قدمت درسا للعالم في التواصل والسلام والمحبة وإنقاذ التراث الإنساني أيا كانت ديانته أو خلفيته.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق