الإدارة علم.. هذا صحيح، ولكن الصحيح أيضاً أن المدير الناجح يحتاج إلى جانب العلم توافر ملكات الإدارة والتواصل، فضلاً عن الأفق الواسع والخيال، والقدرة على التفكير خارج الصندوق بعيداً عن التفكير النمطي، ففى أى مؤسسة يجب أن يتحلى المدير بصفات القائد الناجح، وتتمثل فى التخطيط والمتابعة والمراقبة لكل أمور المؤسسة، سواء صغيرة أو كبيرة، وذلك من خلال اختيار ذوى الكفاءة والخبرة والمسئولية لكل قطاع أو قسم من أقسام المؤسسة، وإعطاء الصلاحيات المناسبة للرؤساء، حيث لا يستطيع أحدهم تجاوز القوانين أو اتخاذ قرارات دون الاعتماد على المراجعات والفحوص والبحث، فإذا كانت الخبرة والكفاءة هى التى جعلت المدير يرتقى إلى منصبه ومكانته فى المؤسسة، أو الشركة، فيفضل ألا يبخل المدير على العاملين معه بالمعلومات وتزويدهم بالخبرات اللازمة لكى يتحسن أداءهم وظائفهم، وذلك من خلال عقد بعض المحاضرات واللقاءات لإعطاء مفاتيح النجاح لهم لتنفيذ العمل بفعالية وكفاءة، وعلى نهج نجاح المدير دون تقصير أو بتفادى أكبر قَدر ممكن من الأخطاء، فنقل الخبرات يؤتى ثماره بأسرع من اكتسابها، والمدير هو المثال الذى يحتذى به فى المؤسسة أو الشركة، فليس من المعقول أن يفرض المدير على العاملين مجموعة من التعليمات والقوانين داخل المؤسسة وهو غير ملتزم بها ويخالفها، وإن كانت هناك مجموعة من الصلاحيات التى تعطى للمدير دون غيره من الموظفين فمن الأفضل أن يوضحها لهم بمنتهى الشفافية .
أما الواقع الذى نراه فهو تكرار القبض على أصحاب المناصب العليا كما حدث أخيرا بالقبض على رئيس مصلحة الضرائب المصرية متلبساً بتقاضيه الرشوة وغيره ممن سبقوه ، فما الذى يجعل أصحاب المناصب يرتكبون مثل هذه الجرائم وهم لا ينقصهم جاه أو مال؟، وكيف لهم أن يراقبوا مرؤوسيهم ويطبقوا عليهم القانون عند مخالفتهم له وهم «أس البلاء»؟، وكيف لمجرم أن يعاقب مجرماً مثله؟، ولماذا لا يتعظ هؤلاء بالرغم من القبض على أمثالهم كل يوم ؟ أسئلة كثيرة تحير العقل وتثير استنكاره وما يهون الأمر هو عدم غفلة الأجهزة الرقابية عن هؤلاء، وعدم التهاون فى تنفيذ العقاب عليهم، وأرى أنه بات من الضرورى أن يوجد بكل منشأة حكومية مندوب من الرقابة والتفتيش الإدارى، حيث إن الأمر زاد عن حده، وهذه الآلية ستؤدى إلى انحسار- ولا أقول انقضاء - الفساد لأن الفساد لن ينتهى فهو آفة الإنسان فى كل زمان ومكان.
مى عبدالرءوف بسيونى
رابط دائم: