رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

موسكو تحذر من انفلات السياسة الأمريكية فى الشرق الأوسط..
بوتين يتوجه إلى تركيا للقاء أردوغان

رسالة موسكو د. سامى عمارة
قاسم سليماني

حملات النقد والإدانة التى تعالت فى موسكو فور إعلان عن اغتيال الجنرال الايرانى قاسم سليمانى اقتصرت على مختلف الاوساط الرسمية والسياسية فيما دون مستوى الكرملين والناطق الرسمى باسمه. ذلك ما استرعى انتباه كثير من المراقبين فى العاصمة الروسية ممن كانوا ينتظرون تعليقا أو تصريحا من الرئيس فلاديمير بوتين الذى قال البعض إنه كان يعتبر سليمانى «صديقه الشخصى»، وإنه كان وراء قراره حول الدفع بقواته المسلحة إلى سوريا فى سبتمبر 2015.   

وما أن تناقلت وكالة الأنباء المحلية والعالمية نبأ اغتيال الجنرال سليمانى بأوامر مباشرة من الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، حتى سارعت وزارة الخارجية الروسية بإعلان إدانتها اغتيال الجنرال الايرانى قاسم سليماني. ونقلت وكالة أنباء تاس عن مصادر الخارجية الروسية تصريحاتها حول ان موسكو تعتبر اغتيال الجنرال سليمانى بضربة صاروخية أمريكية فى بغداد، «خطوة متهورة ستؤدى إلى تصعيد حدة التوتر فى المنطقة بأسرها. وقالت إنه «يشكل جرس إنذار لأحداث يمكن أن تندلع فى أى لحظة». وفيما أعربت عن خالص تعازيها للشعب الإيراني أضافت ان «سليمانى كان يخدم بإخلاص قضية الدفاع عن المصالح الوطنية لإيران». وسرعان ما انضمت وزارة الدفاع إلى هذا البيان بتصريحات قالت فيها «إن اغتيال سليمانى خطوة قصيرة النظر من جانب واشنطن»، فيما حذرت من تداعيات حادث الاغتيال الذى قالت إنه قد يؤدى إلى تصعيد حاد للأوضاع العسكرية والسياسية فى الشرق الاوسط، لا بد أن ينال من نظام الأمن الدولى. ولم يُغفل بيان وزارة الدفاع الإشادة بالجنرال الراحل الذى اعتبره قائدا عسكريا فذا كان يتمتع بهيبة ومكانة مرموقة فى منطقة الشرق الأوسط أسهم بقسط وافر فى مكافحة الإرهاب ضد «داعش» و«القاعدة» فى «سوريا والعراق».

وانضم إلى هذه التقديرات والأحكام كثيرون من ممثلى النخبة السياسية فى العاصمة الروسية والدوائر البرلمانية على مختلف مستوياتها، ممن أجمعوا على شجب الحادث وانتقاده، والتحذير من مغبة احتمالات ان يسفر عن انفجار الأوضاع فى المنطقة التى لن تبرأ من تبعات «عبثية» وانفلات السياسة الأمريكية فى الشرق الأوسط منذ مطلع القرن الجاري، على خلفية فشل سياسات الإدارة الأمريكية إبان سنوات حكم الرئيس الأمريكى الأسبق جورج بوش الابن و«جريمة» غزوه العراق وانفراده بالقرار الدولى بعيدا عن الشرعية الدولية ومقررات الأمم المتحدة.

ومن اللافت فى هذا الصدد ما قالته بعض المواقع الروسية ومنها «سفوبودنايا بريسا» (الصحافة الحرة) حول أن الرئيس فلاديمير بوتين والناطق الرسمى باسمه «يلتزمان الصمت» تجاه جريمة اغتيال شخصية إيرانية كان بوتين يعتبرها «صديقا شخصيا»، على حد قول «سفوبودنايا بريسا» التى قالت «إن بوتين يلتزم الصمت، ويفعل نفس الشىء» بوقه الاعلامى «بيسكوف». وعلى الرغم من تسرع هذه المواقع فى إعلان عن مثل هذا التقدير، فإننا لم نجد فيما نشرته المواقع الرسمية حول المكالمة الهاتفية التى جرت عقب إعلان حادث الاغتيال بين الرئيس بوتين ونظيره الفرنسى إيمانويل ماكرون «إدانة صريحة» لاغتيال من كانوا يسمونه «الصديق الشخصى» لبوتين. وكان الإيجاز الصادر عن هذه المكالمة تناول تطرق الرئيسين إلى الأحداث فى أوكرانيا وما يتعلق بالأزمة السورية، والأوضاع فى ليبيا، ليشير مع نهايته إلى أن بوتين وماكرون «أعربا عن قلقهما إزاء التصعيد المحتمل فى المنطقة بعد اغتيال سليمانى».

أما البيان الصادر عن الكرملين فلم يزد على الإشارة إلى أن «الرئاسة الروسية أكدت أن الزعيمين فى المكالمة التى أجريت بمبادرة من الجانب الفرنسي، أعربا عن قلقهما إزاء اغتيال سليماني، وأكدا أن هذه الخطوة الأمريكية قد تؤدى إلى تصعيد خطير يفاقم حدة التوتر فى المنطقة». كما أشار موقع «روسيا اليوم» إلى «ان زعماء العالم، بمن فيهم قادة من فرنسا والمملكة المتحدة وروسيا، ادانوا إلى حد كبير غارة الطائرات الأمريكية بدون طيار على موكب سليمانى».

وعلى الرغم من ضبابية «تأكيد إدانة موسكو لحادث اغتيال الجنرال الإيرانى»، أشارت «سفوبودنايا بريسا» إلى «همجية السياسة الأمريكية واستمرارية عدوانيتها ورغبتها الأبدية فى استعادة مواقعها التى فقدتها فى المنطقة بعد سلسلة من الجرائم الدموية التى ارتكبتها فى حق عدد من زعمائها ومنهم الرئيس العراقى صدام حسين، والزعيم الليبى معمر القذافي، وكان على وشك اللحاق بهما الرئيس السورى بشار الأسد لولا مسارعته بطلب تدخل الرئيس بوتين».

وفى هذا الصدد ننقل عن «سفوبودنايا بريسا» ما نشرته على لسان إيرينا كوكسينكوفا خبيرة شئون الشرق الأوسط، التى كانت قريبة من الجنرال الإيرانى «ان سليمانى كان وثيق الصلة بالقيادة الروسية كمستشار، فيما كان قريبا من مباحثات بوتين مع بشار الأسد ـ قبيل اتخاذ قراره حول الدفع بالقوات الروسية المسلحة، وبدء عمليته العسكرية داخل الاراضى السورية». واستطردت الخبيرة الروسية لتقول «إن لإيران مصالحها فى المنطقة، وان روسيا بالنسبة لها ليست سوى أداة لبلوغ هذه الاهداف التى تتطابق فى بعض الأحيان».

وأضافت «ان كلا من الجانبين يدرك ذلك جيدا»، فضلا عما قالته حول «أن سليمانى لم يكن الشخصية الوحيدة على رقعة الشطرنج».

ومع ذلك فقد أشارت الخبيرة الروسية إلى ضرورة عدم التسرع باعتبار سليمانى كان «صديقاً شخصيا» لبوتين، مؤكدة أنه لم يكن أكثر من شريك لمرحلة معينة يخدم خلالها المصالح الروسية، إضافة الى أنه لم يكن الوحيد، بل أيضا لم يكن الشريك الرئيسى».

وكانت الصحافة الروسية فى معرض إعادتها إلى الاذهان لمدى استخفاف الرئيس الأمريكى ترامب بالرأى العام العالمي، وعدم اهتمامه بأى احتمالات ردود أفعال لنظرائه وخصومه من رؤساء وزعماء كبرى الدول، أشارت إلى أن ترامب «كان يستمتع بتناول طعام العشاء فى ناد بفلوريدا مع الأصدقاء والسياسيين القدامى، بمن فيهم زعيم الأقلية فى مجلس النواب كيفن مكارثي، فى منتجعه فى مار لاغو، ويتناول اللحم والآيس كريم عندما وردت أخبار اغتيال قوات بلاده القائد الإيرانى قاسم سليمانى»، حسبما ذكر كيتلن كولينز من  شبكة تليفزيون «سى إن إن» التى كانت أشارت أيضا إلى «ان هذه لم تكن المرة الأولى التى يلجأ فيه ترامب إلى التلذذ بتناول الطعام بعد إصداره أوامر بشن ضربات عسكرية». وأعادت إلى الاذهان ما فعله ترامب عندما أمر بشن غاراته الجوية ضد سوريا فى عام 2017 خلال مأدبة العشاء التى أقامها آنذاك فى مار لاغو على شرف الرئيس الصينى شى جين بينج، وتعمد إبلاغه  بهذا الخبر، «دون الإشارة إلى ماهية رد فعل الرئيس الصينى تجاه مثل هذا التصرف.

أما عن تطورات الموقف فى العاصمة الروسية تجاه تداعيات هذه الاحداث، فقد كشف ديمترى بيسكوف المتحدث الرسمى باسم الكرملين  عن زيارة مرتقبة للرئيس بوتين إلى تركيا للقاء رجب طيب أردوغان، وهى الزيارة التى قال اردوغان انها سوف تتطرق إلى بحث «مجمل القضايا الإقليمية». وأضاف بيسكوف «أن بوتين وأردوغان اتفقا خلال واحدة من المحادثات الهاتفية التى جرت مؤخرا بين الجانبين، على مطلع يناير موعدا للزيارة، التى ستتم فى الأيام العشرة الأوائل من يناير، إذ سيكون الجزء التركى من مشروع «السيل التركى» لضخ الغاز الروسى إلى تركيا جاهزا بحلول هذا الوقت، والزيارة قيد الإعداد».

وكان موقع «سفوبودنايا بريسا» كشف عن أن الكرملين لا يزال يكتفى بمتابعة الموقف من خلال بيانات وزارة الخارجية، وعن ان بوتين لم يتصل هاتفيا بنظيره الأمريكى ترامب ليطلب منه التوقف عن هذه «التصرفات الفوضوية»، وإن أشارت إلى ما تحققه روسيا من مكاسب مباشرة، نجمت عن وقوع حادث الاغتيال والتى تتمثل فى ارتفاع اسعار النفط وما يتبع ذلك من تدعم مواقع العملة الوطنية «الروبل»، دون حساب لأى من الجنرالات الإيرانيين، وإن بدا ما يشبه الاجماع حول «تصاعد حملات التحذير من مغبة احتمالات التصعيد، وانفجار الموقف، وسقوط المنطقة فى لجَّة المزيد من الفوضى وعدم الاستقرار».     

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق