فى التاسع من يناير تحل ذكرى وضع «حجر الأساس» لتشييد السد العالي، والتى نقلت أخباره «الأهرام» فى صدر صفحتها الأولى بتاريخ 10يناير 1960، تحت مانشيت مبهر بقلم الخطاط الأهرامى الراحل قدرى «بنينا السد»، يصاحبه عنوان فرعى «الرئيس أعطى أمس إشارة البدء فى بناء السد العالي». مقدمة الموضوع كانت صادقة وملخصة « تحقق الحلم أمس.الأمل الذى حاربنا من أجله وتعرضنا للضغط والحرب والتجويع بسببه أصبح حقيقة واقعة. أعطى الرئيس أمس فى الساعة الثانية إلا عشر دقائق إشارة بدء العمل فى السد العالي. ضغط الرئيس على زر كهربائى فنسف الديناميت وارتفعت فى الفضاء 20 ألف طن من الصخور».
وقبل ذلك التاريخ، وثقت «الأهرام» لأيام العد التنازلى لبداية التشييد، ففى عددها بتاريخ 6 يناير 1960، رصدت «الأهرام» متابعة العالم لذلك الحدث التاريخى بعنوان « أنظار العالم على السد العالي»، يليه عناوين فرعية «ملك، ووفود عشرات الدول، ومئات الصحفيين يصلون إلى القاهرة استعدادا ليوم السد»، ليقدم للقارئ تفاصيل بقائمة الضيوف «وصل الى القاهرة أمس أكثر من مائة من مندوبى الصحف ووكالات الأنباء ومحطات الإذاعة والتليفزيون.. كذلك وصل إلى القاهرة أمس وزير خارجية كوبا.ويصل إليها غدا جلالة الملك محمد الخامس ملك المغرب.وفى الطريق الآن إلى القاهرة نوفيكوف وزير القوى الكهربائية فى الاتحاد السوفييتى ووزير الرى السودانى ووفود تمثل عددا كبيرا من الدول العربية والاسيوية والافريقية».
ليأتى عدد السبت بتاريخ 9 يناير1960، بعنوان آخر مختصر ولكنه معبر « سَدُنا العَالي»، يليه عنوان يقول «عبد الناصر وملك المغرب يطيران إلى أسوان اليوم لحضور بدء العمل فى السد العالي»، وتحته كُتب «يطير صباح اليوم الرئيس جمال عبد الناصر وضيفه الكبير الملك محمد الخامس الى أسوان لحضور الاحتفال بوضع حجر الأساس فى بناء السد العالي.. سيكون هبوط طائرة الرئيس وضيفه الكبير فى مطار أسوان إيذانا بافتتاح هذا المطار الجديد».
أما عن ما تضمنه حجر الأساس، فورد بالصفحة الأولى من عدد 10 يناير، خبر من مراسل الصحيفة بأسوان، رجب محمود، ورد فيه «بلغت قيمة العملة المصرية التى وضعها الرئيس داخل حجر الأساس للسد العالى 39 جنيها و34 قرشا، وقد وضعت النقود مع المصحف الشريف فى صندوق خشبى داخل حجر الأساس، وشارك جلالة الملك محمد الخامس فى وضع مبلغ من عملة المغرب، وقد ضم حجر الأساس بالإضافة الى ذلك وثيقة بدء العمل ولائحة السد العالى والصحف العربية الصادرة اليوم»،
وعلى مدار ثلاثة أعداد، حرصت «الأهرام» على تقديم معلومات وافية عن مشروع «السد العالي»، فورد فى الصفحة الأولى من عدد 6 يناير، خبر عنوانه «صورة السد العالي»، وكُتب فيه «السد عبارة عن جبل من ركام الجرانيت يعترض مجرى النيل على بعد 7 كيلومترات من أسوان، ارتفاعه 111 مترا وعرضه عند القاعدة الف متر وطوله ثلاثة كيلومترات ونصف متر وعرض الطريق فوقه 32 مترا، وسوف يكون حجم جبل الجرانيت الذى يمثل السد 40 مليون متر مكعب، ويحجز وراءه المياه الى ارتفاع 182 مترا مما يتيح تخزين 130 مليار متر مكعب من المياه».
وحرصت الأهرام كذلك على تعريف القارئ بما سيحققه السد من مكاسب، فجاءت العناوين كالتالي: «مضاعفة الكهرباء 6 مرات وزراعة الأرض البور ومليون فدان و تخطيط جديد لمدينة أسوان، 800 فدان للمساكن والمرافق و1500 فدان للمصانع والشباب يعمل فى مشروع السد العالي و تحسين المدارس وبناء مدارس جديدة فى الاقليم الجنوبي ، وقدمت صحيفة الأهرام فى عدد 12 يناير 1960 فى الصفحة 12 تحقيقا صحفيا عن آثار المشروع الكبير ونتائجه فى سلسلة بعنوان «ماذا بعد السد العالي؟، العدد الأول من السلسلة صدر بعنوان»الأرض والفلاحون»، بعنوان رئيسى «مليون عمل جديد.. محاصيل جديدة تزرع لأول مرة بعد السد العالي»، والعدد الثانى من السلسلة بعنوان «مستقبل الصناعة والعمال».
وكان لكبار كُتاب «الأهرام» رؤى حول الإنجاز الذى هيمن على مقال «بصراحة» للكاتب محمد حسنين هيكل بعددي 9 و10 يناير. فكان المقال الأول بعنوان «أطياف التاريخ»، ومما ورد فيه « صباح اليوم، على موقع السد العالى جنوبى أسوان، يقف حشد من كبار الرجال يحضرون بداية عمل كبير، وحشد الرجال الكبار أمام العمل الكبير مشهد مثير، وليس أقل منه إثارة ــ صباح اليوم فى أسوان ــ حشد أحداث التاريخ»، أما المقال الثانى فكان بعنوان «تحية له..»، وجهه إلى عبد الناصر، فكتب هيكل مستهلا، «فرحت أمس لجمال عبد الناصر، لقد تحققت أمامه الرؤى التى كانت تعبر خياله وكأنها الأحلام البعيدة التى لا تلحق ولا تطال، لقد التقى وجها لوجه، مع الآمال التى طالما بشر بها، ومع الأهداف التى طالما دعا اليها.. قد أصبحت حقائق كبيرة يراها بعينيه، ويراها شعبه معه».
رابط دائم: