رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

«الناتو».. صراع من أجل البقاء

مها صلاح الدين

خلافا لطبيعة تلك النوعية من الاحتفالات والمحافل الدولية ، كان «عيد ميلاد» حلف شمال الأطلنطى « الناتو» عاصفا ، ومشحونا بكثير من التوترات ، فى ظل تمرد بعض أعضائه، وظهور جيل جديد من المشككين الذين يتساءلون عن جدوى وجود الحلف من الأساس، ليتحول الحدث من «مناسبة احتفالية رائعة» إلى «اجتماع أزمة».

وعلى الرغم من قدرة الحلف على التغلب بجدارة على الكثيرمن الصعاب التى واجهته خلال سنواته السبعين الماضية، وإظهار براعة منقطعة النظير في تطبيق مبدأ الدفاع المشترك لدى العدوان الروسى علي أوكرانيا عام 2014 ، بدأت تتكاثر الأصوات المتمردة عليه ، إلى حد اتهامه بمعاناته من «الشلل الدماغى».

وخلافا للمعتاد ، لم يصدر التصريح النارى عن الرئيس الأمريكى دونالد ترامب ، الذى دأب علي مهاجمة الحلف حتي قبل اعتلائه السلطة في الولايات المتحدة ، بل خرج التصريح من فرنسا، أحد أهم وأكبر ركائز الحلف ، لذا كان وقعه أكثر صدمة علي الرأى العام العالمى. فالرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون استبق اجتماع قادة الناتو في لندن مطلع الشهر الحالى، قائلا، فى تصريحات لاذعة لمجلة «الإيكونومست» البريطانية ، إن «الناتو يعانى حالة الموت الدماغى ، ويحتاج للإنعاش ، نظرا لعدم قدرة شركاء أوروبا الاعتماد على الولايات المتحدة في الدفاع عنهم كما كان فى الماضى، ولغياب التنسيق بين أوروبا وواشنطن فى اتخاد القرارات الإستراتيجية»، داعيا لإنشاء قوات أوروبية موحدة تكون أكثر قوة.

الرئيس الأمريكى من جانبه، الذى هدد العام الماضى بالانسحاب من الحلف، واعتاد على وصفه بعبارة « عفا عليه الزمن»، انتقد تصريحات ماكرون بشدة ، واعتبرها كريهة ومهينة. ولعل التحول فى الموقف الأمريكى يعود لإعلان الحلف في اجتماعه هذا العام تخطيه تلك العقبة التي كانت تؤرق ترامب فيما مضى، إذ رفعت أوروبا وكندا حجم مساهمتهما في الحلف ما بين عامى 2016 وحتى 2020 بقيمة 130 مليار دولار، وسط توقعات بزيادة المبلغ نهاية عام 2024 إلى 400 مليار .

ماكرون، وإن كان أكد أن تصريحاته جاءت بغرض إذابة الجليد ، والدعوة لـ «فكر جديد» داخل الحلف، مشددا على أن القوة الأوروبية التى يدعو لها يجب أن تكون إحدى دعائم الناتو، وليست بديلا عنه ، إلا أن أعضاء الحلف يشككون فى حقيقة نواياه ، ولا سيما فى ظل دعوته لتدشين حوار إستراتيجى مع روسيا ، وتركيز حديثه على التصدى للإرهاب ، بدلا من مواجهة اعتداءات الرئيس الروسى فلاديمير بوتين.

ولايعد ماكرون العضو الوحيد الذى كان مثيرا للجدل داخل قمة الناتو لهذا العام، بل إن تركيا كانت أيضا عضوا « غير مريح» فى ظل النهج الذى اختارته لنفسها أخيرا ، مع إعلان توقيع صفقة سلاح مع الجانب الروسي، يعتبرها حلفاء الناتو أنها تعرض دفاعاتهم للخطر، فضلا عن عدوانها الجائرعلى شمال سوريا، بمجرد إعلان الولايات المتحدة انسحابها من البلاد، على نحو يتعارض مع مصالح شركاء الحلف العسكرية في المنطقة. ومع ذلك ، خلصت القمة إلى اعتماد بيان ختامى موقع من الجميع، يؤكد مبدأ الدفاع المشترك، واعتبار أن أعمال روسيا العدائية تعرض الأمن «الأوروبى- الأطلنطى» للخطر. لكن الحلف يحتاج إلي ما هو أكثر من مجرد بيانات موقعة ، لتوطيد الصلات بين أعضائه، وإنقاده من الانهيار. فحتى لو تراجعت أمريكا عن فكرة انسحابها من الحلف، بات اهتمامها كله منصبا على آسيا ، وعلى تلك الحرب التجارية المزعومة مع الصين .

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
 
الاسم
 
عنوان التعليق
 
التعليق