رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

«التاجر الأمريكى يضع إيران فوق البركان»

شريف سمير

لم يعد العالم الآن فى حاجة إلى لسان «السياسى» لترويض الثعلب الإيرانى وتقويض طموحاته وأحلامه.. وإنما صار الاعتماد الأكبر على دهاء «التاجر» للضغط والتأثير وتضييق الخناق على الخصم وصولا إلى الضربة القاضية.

وبعد أن قرر الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، مع تسلمه مفاتيح البيت الأبيض، تمزيق ورقة الاتفاق النووى الإيرانى المبرم فى 2015، تيقن الجميع من أن لغة المال وقوة الدولار ستحكمان الجولات المقبلة من معركة تكسير العظام ضد إيران، لتحل أدوات «التاجر الملياردير» محل مائدة المفاوضات السياسية.. وعلى الفور تصاعدت نغمة العقوبات التجارية ضد طهران، ليعيش الاقتصاد الإيرانى أسوأ حالاته، ويضطر نظام الرئيس حسن روحانى إلى رفع أسعار الوقود 50 % فى إجراء استفز الشارع الإيرانى لتنطلق موجات غضب شعبى متلاحقة هى الأقوى منذ مطلع العام الحالى. ونجِمَ عن «زلزال» العقوبات الأمريكية عدة توابع هزت بقوة وعنف الاقتصاد الإيرانى متمثلة فى زيادة استهلاك الوقود وتفشى عمليات تهريبه، فضلا عن تأثر الإيرادات المالية للدولة.. ودفع انخفاض أسعار البنزين بشكل كبير إلى زيادة الاستهلاك مع شراء الإيرانيين نحو 90 مليون لتر يوميا، مع ارتفاع مستوى عمليات التهريب إلى 20مليونا، ورغم احتياطياتها الضخمة من الطاقة، تجد إيران صعوبة منذ أعوام فى تلبية الطلب المحلى على الوقود نتيجة نقص السعة التكريرية وعدم توافر قطع الغيار اللازمة لصيانة المجمعات.

وانتشرت عمليات تهريب الوقود الإيرانى منذ أن تخلت واشنطن عن الاتفاق النووى، وأدى سلاح العقوبات إلى انخفاض قيمة الريال الإيرانى مقارنة بالدولار منذ 8 مايو 2018 بنسبة 57 % في الأسواق الحرة، مما أنتج ارتفاعا حادا فى أرقام التضخم لتقترب من 51% مقارنة بـ 8 % فى عام 2017. ومع شيوع هذه الإحصائيات المخيفة، توقع صندوق النقد الدولى انكماش الاقتصاد الإيرانى إلى 9 % ليواجه شبح الركود والانهيار فى 2020.

وفنَّدت صحيفة «فاينانشال تايمز» البريطانية، تداعيات العقوبات الأمريكية وانعكاسها على صورة المشهد الإيرانى، لتكشف أن دعم الوقود كان يكلف الحكومة الإيرانية نحو 69 مليار دولار سنوياً. وأصبح من الصعب تمويل هذا الدعم بعد العقوبات التى قلَّصت مبيعات إيران من النفط الخام من 28 مليون برميل يومياً إلى أقل من 500 ألف، ليُسفر ذلك عن انخفاض حصيلة النقد الأجنبى لإيران، وما أعقبه من ارتفاع مؤلم فى الأسعار .. واتساقا مع ما ذكرته الصحيفة، لجأ نظام روحانى إلى استخدام الأموال التى كانت مخصصة لدعم الوقود فى تقليل تكاليف معيشة الفقراء من خلال إعادة توزيع الدخل الإضافى عبر منح مبالغ شهرية للأسر الأشد احتياجاً، ولكن هذه الحيلة لم تخدع المواطن الإيرانى، فرفض فكرة رفع الأسعار وطالب الحكومة بتوفير بدائل وحلول أخرى بخلاف التلاعب بحقوق وموارد الشعب، ولأن النظام لايملك الحلول السريعة والمُرضية فقد تورط فى قمع المظاهرات بالعنف والقوة المسلحة لإرهاب الاحتجاجات وتصنيفها ضمن «جماعات التخريب«.وأوضحت «فاينينشال تايمز» أن أسعار المواد الغذائية زادت بأكثر من الضعف خلال العامين الماضيين، أى أعلى بكثير من متوسط معدل التضخم، وحذر محللون من أن أي زيادة أخرى إثر ارتفاع أسعار الوقود ستثير المزيد من الاضطرابات وستضع نظام روحانى بأكمله فى مواجهة قاسية مع الشارع الإيرانى قد تكلفه نهاية عهده فى السلطة!.

وتتضاعف أوجاع الإيرانيين مع تجدد الحديث عن الثروة الضخمة التى يمتلكها المرشد الأعلى على خامنئى، رمز الثورة الإيرانية الذى يدعى التقشف دائماً، إلا أن الأرقام والتقديرات تشير إلى أنه يمتلك ما يتخطى 200 مليار دولار وفقاً لما نشرته السفارة الأمريكية فى العراق فى بداية العام الحالى، بينما أفادت بيانات رسمية نشرها البنك المركزى الإيرانى، بأنّ الديون الخارجية المستحقة على طهران بلغت أكثر من 10 مليارات دولار، وهو ما يعنى أن ثروة خامنئى وحده توازى نحو 19 ضعف إجمالى هذه الديون. ولاتكذب التقارير الإيرانية حينما تؤكد أن الحكومة خصصت فى ميزانية 2017 نحو 12 مليار دولار للقوات المسلحة، من بينها ما يقارب 7 مليارات للحرس الثورى وأنشطته، وللجيش نحو 25 مليار، وتوزع الباقى على الأجهزة الأمنية الداخلية .. وأيضا تظل ثروة «المرشد» تعادل نحو 16 ضعف مخصصات وزارة الدفاع والأنشطة المسلحة للنظام الإيرانى، بينما الفقر يحاصر الشعب وطبقاته الكادحة من كل اتجاه. وهكذا تفوقت عقوبات «التاجر» على مفاوضات «الدبلوماسى»، وزرعت الخوف فى الأرض الإيرانية ليصطدم النظام بالشعب ويخوض الطرفان مرحلة «تصفية الحسابات».

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
 
الاسم
 
عنوان التعليق
 
التعليق