رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

شمس الحقيقة فى شينجيانغ الصينية..
وصفة صينية سهلة للوقاية من الفقر والإرهاب

كمال جاب الله ــ كاتب صحفي

«أقول للمسلمين في الغرب: اندمجوا في مجتمعاتكم اندماجا إيجابيا، تحافظون فيه على هويتكم، واعلموا أن هذه المجتمعات أمانة دينية تُسألون عليها أمام الله».

خلال زيارتي ضمن وفد إعلامي وصحفي مصري لمدينة خوتان بمنطقة شينجيانغ في شمال غربي الصين، تمنيت أن هذه الرسالة، التي وجهها  فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، أمام مؤتمر أبوظبي للتعايش والتسامح الديني، تصل إلى عموم المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، وبالذات، في المجتمعات التي يمثلون فيها أقليات دينية.

في الصين يعيش أبناء 56 قومية، من بينها عشر قوميات تدين بالإسلام، أهمها قومية الويغور التي يعيش أبناؤها في منطقة شينجيانغ الويغورية الذاتية الحكم، في شمال غربي البلاد.

في منطقة شينجيانغ يوجد 24400 مسجد، تراها منتشرة على جانبي الطرق في القرى والمدن، لمسلميها البالغ عددهم نحو 13 مليون نسمة، ما يعني أن هناك مسجدا لكل 530 مسلما، في المتوسط، مقارنة بتركيا، مثلا، التي يوجد فيها مسجد واحد لكل 910 أشخاص.

في شينجيانغ، يتمتع الأشخاص المنتمون إلى القوميات المختلفة بحرية الاعتقاد الديني، والحرية الكاملة في استخدام لغتهم القومية الخاصة، المنطوقة والمكتوبة، بالإضافة إلى الاحترام الكامل لحقوقهم الثقافية التي يكفلها القانون.

تأكد الوفد الصحفي والإعلامي المصري الزائر، بنفسه، من تطبيق هذه المعاني والتوجهات، واستمع إليها من الشيخ محمد، إمام مسجد «عيد كاه» الكبير في كاشغر، الذي يرجع تاريخه إلى أكثر من 570 عاما، وكذلك من الشيخ أبي الحسن، إمام الجامع الكبير في خوتان، الذي أعيد بناؤه منذ فترة بتمويل حكومي، واحتفظ بالنمط الأصلي لعمارته.

منذ تأسيس جمهورية الصين الشعبية في عام 1949، حظيت الحقوق والنشاطات الدينية الطبيعية لمسلمي شينجيانغ بالاحترام الكامل في ظل حرية العقيدة الدينية التي ينص عليها الدستور والقوانين، ولطالما حرص رجال الدين وجموع المسلمين في المنطقة على صون العهد مع القوميات المختلفة، وساهموا في بناء شينجيانغ وجعلها تتمتع بالاستقرار والازدهار.

في تسعينات القرن الماضي، طفا على سطح الأحداث عدو مشترك للإنسانية جمعاء، مرتديا ثوب التطرف والإرهاب، وكما اكتوت مصر منه، تسلل هذا العدو اللعين إلى منطقة شينجيانغ، ذات الأغلبية المسلمة، ليبقوا هم الأكثر فقرا في بر الصين الرئيسي، وبالذات، في المدن والمحافظات الجنوبية: كاشغر وخوتان وأكسو وقيرغيز، ووقعت منطقة شينجيانغ الويغورية، فريسة لثلاث قوى شر ظلامية، هي: القوى الانفصالية القومية وقوى التطرف الديني وقوى العنف والإرهاب.

خسائر بشرية ومادية وأضرار باهظة التكاليف، دفعتها الصين، وتحملها- بصبر- سكان منطقة شينجيانغ من جميع القوميات، نتيجة لآلاف الهجمات الإرهابية، التي نفذتها قوى الشر الثلاث على مدى العقدين الماضيين، وهي موثقة- بالصوت والصورة- في متحف مخصص لهذا الغرض بمدينة أورومتشي حاضرة المنطقة.

لم يتوقف التخريب ووقف الحال في منطقة شينجيانغ، عند هذا الحد، بل تهدد نظام الأمن والاستقرار والسلام في المنطقة، إضافة إلى حدوث انتهاك خطير لحقوق الإنسان الأساسية، وأهمها: الحق في الحياة والصحة والملكية والتنمية، لأبناء جميع القوميات الأخرى.

ظلت منطقة شينجيانغ الويغورية الذاتية الحكم، تعاني من مآسي الفقر والتطرف والإرهاب، في حين نعم سكان مناطق الصين الأخرى بتنمية اقتصادية واجتماعية لم يسبق لها مثيل، نتيجة حدوث معجزات اقتصادية، حققها بر الصين الرئيسي، بفضل اتباع سياسة الإصلاح والانفتاح منذ عام 1978.

الصين التي بلغ حجم ناتجها المحلي الإجمالي في عام 2018 أكثر من 13 تريليون دولار أمريكي، وحافظت على وضعها كثاني أكبر اقتصاد في العالم، كان ناتجها حوالي 150 مليار دولار أمريكي فقط في عام 1978، وارتفع متوسط دخل الفرد فيها إلى نحو تسعة آلاف دولار أمريكي سنويا، في عام 2017، مقابل 156 دولارا أمريكيا فقط في عام 1978.

أيضا، وبفضل تنفيذ سياسة الإصلاح والانفتاح فإن الصين، التي لم يكن فيها أي استثمارات خارجية قبل أربعة عقود، بلغ حجم الاستثمار الأجنبي المباشر فيها نحو تريليوني دولار أمريكي وتخطت استثماراتها الخارجية 3ر1 تريليون دولار أمريكي، وارتفعت احتياطياتها من النقد الأجنبي إلى أكثر من ثلاثة تريليونات دولار أمريكي.

الأهم من كل ذلك على الإطلاق هو انتشال نحو 700 مليون مواطن صيني من براثن الفقر، وفي مقدمتهم سكان منطقة شينجيانغ، التي تحتفل في عام 2020، مع باقي مناطق الصين بالقضاء نهائيا على الفقر.

أسباب أيديولوجية واعتبارات إستراتيجية تقف وراء حملة رهيبة من الأحكام المسبقة والتشويه والافتراءات الكاذبة، تقودها بعض الدول والحكومات والشخصيات، للتشكيك بجهود الصين وبرامجها لانتشال مواطنيها من براثن الفقر، ومن قوى الشر الثلاث: الانفصال والتطرف الديني والعنف والإرهاب، في منطقة شينجيانغ.

في منطقة شينجيانغ الصينية، وبالتحديد، في مدينة خوتان، وقبلها في مدينة كاشغر، الويغوريتين، زرت بنفسي، خلال الفترة من 25 إلى 31 يناير 2019، المساجد والمستشفيات والمصانع والمزارع والمؤسسات التعليمية والأسواق، وأديت الرقصات الفولكلورية مع شعبها، وأكلت من طعامها الشهي: الخبز المحشو بلحم البقر والضأن والكعك والمكسرات والألبان والفاكهة والخضراوات الطازجة.

تفقدت، في هاتين المدينتين، مراكز التعليم والتدريب المهني، المقامة- خصيصا- لمساعدة أهالي المنطقة، وبالذات، الشباب، في تعلم اللغات ودراسة القوانين واكتساب المهارات، وفقا لمناهج وقائية عصرية صارمة، أبدعتها القريحة الصينية، وأثبتت نجاحها، بدليل عدم وقوع أي أحداث إرهابية منذ أكثر من عامين.

هذا المنهج، التعليمي و التدريبي والمهني، والتأهيلي والعصري، مع الجدية في انتشال باقي المواطنين الصينيين من  براثن الفقر، في عام 2020، يصلح تقديمه كوصفة سهلة، ومجربة، لدول عربية وإسلامية، ولمجتمعات أخرى، تعاني من ظروف مماثلة للإرهاب والتطرف الديني.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق