على عكس التوقعات، يبدو أن رياح التفاؤل عادت لتهب على المشهد الاقتصادى العالمى لتعيد الثقة للمستثمرين وخاصة فى الأسواق المالية وقطاعات التأمين والتجزئة المصرفية. وقد يندهش الكثيرون إذا علموا أن التوقعات الإيجابية كانت تصدرت تصريحات مسئولى نحو ١٦٧ دولة حول العالم، خاصة أن التوقعات جاءت على أساس فعلى من تطور بالأسواق المالية والمصرفية، ونمو فى الاستثمارات المباشرة.
وبدوره أطلق البنك الدولى بادرة تفاؤل جديدة متوقعاً استمرار تحسن مستوى المعيشة عالمياً وتراجع الفقر المدقع، وذلك على خلفية تحسن مؤشراته على مدى السنوات الـ 25 الماضية، وأشار إلى أن أكثر من مليار شخص انتشلوا أنفسهم من براثن الفقر المدقع، وأصبح معدل الفقر العالمى الآن أقل، وهو ما وصفه جيم يونج كيم رئيس مجموعة البنك الدولى بأنه أحد أعظم الإنجازات البشرية الحالية، وقال: «إذا كنا سننهى الفقر بحلول عام 2030، فنحن بحاجة إلى مزيد من الاستثمار فى بناء رأس المال البشرى، للمساعدة فى تعزيز النمو الشامل». ويبدو أن البنوك المركزية حول العالم تقود المشهد التفاؤلى، حيث تسود قناعة بأن ٢٠٢٠ قد يكون عاماً أكثر هدوءاً للسياسة النقدية، وآفاق النمو أكثر قرباً، فما بين انتعاشة للاحتياطى الفيدرالى الأمريكى، وترقب حذر من المركزى الأوروبى لتوابع تراجع أسعار الفائدة، تلوح مخاوف من بدء بعض البنوك الأوروبية والأسيوية لتطبيق فائدة تحت صفرية، لتشجيع الاستثمار والحد من الركود الاقتصادى والتجارى، وزيادة الإنفاق والاستهلاك.
وبشكل عام، قال ٢٣ محافظاً لبنوك مركزية عالمية تدير ٩٠٪ من الاقتصاد العالمى، ممن استطلعت «بلومبرج» آرائهم ان العام المقبل سيكون أفضل اقتصادياً ومالياً، على الرغم مما يراه آخرون أن لحظات الهدوء فى الاقتصاد العالمى قد تحجب تحديات خطيرة للبنوك المركزية العالمية. ولا يتوقع ١٧ من ٢٣ مسئولاً دوليا حدوث تغير ملموس فى أسعار الفائدة خلال عام ٢٠٢٠ الذى سيشهد انتخابات الرئاسة الأمريكية، حيث يظل الاحتياطى الفيدرالى فى موقف مريح نسبياً، فيما يجادل مستثمرون لضرورة توسيع مشتريات الأوراق المالية القصيرة الأجل، وهو مالا يمانعه جيروم باول، رئيس الاحتياطى الفيدرالى الأمريكى إذا مالزم الأمر. وترى كريستين لاجارد محافظة البنك المركزى الأوروبى أن استمرار سياسات التحفيز ضرورية لاستعادة النمو ومحاصرة الآثار المترتبة على أسعار الفائدة السلبية، والحد من تباطؤ النمو بمنطقة اليورو، والاستعداد لأى طارئ فى ظل حالة عدم اليقين بأسواق المال. ومع استمرار التعايش مع شبح الفائدة تحت الصفرية المحلق بالأجواء - لا ينشغل بنك اليابان كثيراً بالسياسات المالية التى تبدو مستقرة، بقدر ما تظل عيون محافظه هاروهيكو كورودا معلقة بتطورات المحادثات التجارية بين أمريكا والصين، بجانب القلق من زيادة ضرائب المبيعات بالبلاد الخريف المقبل.
رابط دائم: