رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

ثقافة التقدم

بريد;

السؤال الجديد القديم: لماذا تقدم الآخرون وتخلفنا نحن العرب؟، والإجابة، هى أن التقدم ليس سراً، وأن تحقيقه لا يتطلب البتة إعادة اختراع العجلة، فتحقيق التقدم يتطلب توافر أربعة عوامل هى: «الإرادة السياسية، وقيم التقدم، وثقافة التقدم، والإصلاح»، فلابد أن تكون هناك إرادة سياسية لتحقيق التقدم تماماً، كما أن السيارة حتى وإن امتلأ خزان الوقود بها، فإنها لا تتحرك إلا إذا تم تشغيل محركها، أما قيم التقدم فهي: التفكير العلمي، والعمل الجاد، والإتقان، والانضباط، والعمل بروح الفريق، والصدق، واحترام الوقت، والانتماء، واعلاء المصلحة العامة .

وليس افتئاتاً على الحقيقة، القول بأننا نحن العرب نفتقد الكثير من قيم التقدم، ناهيك عن غياب الإرادة السياسية لتحقيقه لأسباب يطول شرحها، أما عن غياب ثقافة التقدم بحيث تكون سلوكاً يومياً للجميع، فحدث ولا حرج، وبعيداً عن تكرار أو اجترار الحديث عن تجارب دول نجحت وتقدمت بعد أن كانت بمحاذاتنا، فيما يصوره البعض بأنه جلد للذات أو بكاء على اللبن المسكوب، فقد استمعت إلى مستثمر مصرى يعمل منذ ستة عشر عاماً فى تصدير المحاصيل الزراعية إلى اليابان بعد أن درس جيداً السوق اليابانية وسبر أغوار الدخول إليها، وتأكد بما لا يدع مجالاً للشك أن جواز المرور إلى هذه السوق يتطلب الآتى :

ـ الجودة: إن الشعب اليابانى يقدس الاتقان، ومن ثم فهو لا يرضى عن الجودة العالية بديلاً .

ـ الجمال: يقصد به جمال الجوهر والمظهر معاً، ومن ثم فإن ثقافة «الفهلوة» بتجميل المظهر (العبوة مثلاً) على حساب الجوهر (جودة السلعة داخل العبوة) لا تنطلى على الشخص اليابانى .

ـ احترام المواعيد: يقدس اليابانيون دقة المواعيد حتى وأنه إذا أعطيت موعداً لأحدهم، وجئت قبل الموعد بدقيقتين طلب منك الانتظار حتى يحين الموعد، أما إذا جئت متأخراً بدقيقتين، فإنه يعتبرك لم تأت ومن ثم فإنه غالباً لن يقابلك.

ـ ثقافة الاعتذار: من الأهمية بمكان لدى اليابانيين الاعتذار حال ارتكاب خطأ بشرط ألا يكون هذا الاعتذار مصحوباً بسيل من التبريرات، فهى من منظور اليابانيين لا تعدو أن تكون بمنزلة مشاجب (شماعات) لتبرير الخطأ (انظر إلى إقدام المسئولين اليابانيين على الانتحار حال فشلهم فى أداء مهامهم المنوطة بهم حتى ولو كان ذلك من منظور المسئولية السياسية لا الفعلية).

ومنذ شهر شاركت فى فعاليات ندوة علمية نظمتها الجامعة المصرية اليابانية بمدينة برج العرب، وفوجئت بأن ديباجة شهادة حضور الندوة قد تضمنت ـ وهو ما أشاهده لأول مرة ـ تحديد ساعة بدء الندوة وانتهائها، فلم يكتف المنظمون بذكر تاريخ الندوة كما هو متبع فى كل المؤتمرات والندوات التى نعقدها، وهو ما يشى بجلاء عن إعلاء اليابانيين قيمة الوقت.

إذن لقد تقدم الآخرون لأنهم يمتلكون قيم التقدم ويمارسونها كثقافة وسلوكيات يومية، ولا يعرفون الفهلوة وازدواجية القول والفعل، والأنانية، وغياب روح الفريق، وضعف الشعور بالانتماء، وإعلاء المصلحة الشخصية على حساب المصلحة العامة، وناهيك عن حزب أعداء النجاح . أخيراً، فإن روشتة التقدم معروفة ، ولكن ما جدوى أن تكون الروشتة بل الدواء نفسه موجودا دون أن يتم تناوله؟.

د. محمد محمود يوسف

أستاذ بزراعة الإسكندرية

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق