رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

ارتقاء وحضارة

بريد;

في النصف الأول من القرن الماضى جرت مناظرة بين عميد الأدب العربي طه حسين، والعالم الكبير على مصطفي مشرفة حول أيهما أنفع للمجتمع: الآداب أم العلوم؟ حيث تحدث طه حسين عن فضل العلوم على الآداب، وتحدث مشرفة عن فضل الآداب على العلوم، وأبرز مميزات ما يمتهنه الطرف الآخر وعيوب ما يمتهنه هو.. تذكرت تلك المناظرة عندما باغتني أحد أصدقائي بالسؤال: هل قرأت كتاب «الثقافتان»؟، وهو لعالم الفيزياء تشارلز بيسي سنو، وتم نشره في الستينيات من القرن الماضى، وترجمه للعربية د. مصطفى فهمى؟، فلقد أثار نقاشًا حول أحد مظاهر المجتمعات الحديثة، وهو «انقسام المثقفين» إلى فئتين: فئة المثقفين الأدبيين من جانب، والعلماء من جانب آخر، وفي ظل انقطاع التواصل بينهما؛ الذى كان أحد أسباب التأخر في فهم وتحليل المشكلات داخل المجتمعات وإعاقة تقدم وتحسين الحياة البشرية، وبالرغم من مرور أكثر من نصف قرن على الكتاب، فإن الأفكار التي ناقشها مازالت مطروحة إلى اليوم. فوفقًا لرؤيته لكونه عالم فيزياء وروائي، واختلاطه بالفئتين، حيث يرى أن الحياة الفكرية قد اتسمت بالانقسام الشديد بينهما، ويرى العلميون أن المثقفين «الأدبيين» يفتقدون البصيرة، ولا يحسنون إدراك النتائج والعواقب تمامًا، و لا يكترثون بإخوانهم من البشر؛ ولا يطرحون حلولًا معقولة لمشكلاتهم، وأنهم في رأي «العلميين» أقرب لمعاداة الثقافة، بينما يصفهم المثقفون «الأدبيون» بالتفاؤل المبالغ فيه، وأنهم يجهلون وضع الإنسان الحقيقي.

لقد سادت حالة من التباس الفهم وجهل كل فئة بالأخرى، وأن «سنو» شخصيًا لاحظ أن العلميين عندما يقرأون لأي أديب كبير يكتفون فقط بإبداء احترام شكلى، ونحن اليوم نعيش أزمة فلسفية من حيث اسلوب الحياة، ونظام المجتمع، وفى الوقت نفسه، هناك «نزاع بقاء» مع أمم كبيرة وأخرى صغيرة، وهذه الأزمة التي نعانيها هي فلسفة العيش، وكلنا يعرف الأديب الرائع فولتير، الذى علم أوروبا، فعندما سئل مرة: من هو أعظم رجل في العالم؟ أجاب: إسحق نيوتن.. لماذا؟، لأنه فهم أن الحضارة علم وصناعة، وأن العلم ارتقاء وحضارة، فالعلم نحتاجه في نهضتنا الحاضرة، فهو «وسيلة التمدن»، فلا تمدن ولا قوة بلا علم.

وبلا شك فإن العلوم أساسية لتطور البشرية ودونها لا يكون هناك أدب أو فن أو رياضة، وهى قائمة على التطور العلمي والتقني، فعندما تم اختراع الطباعة والنشر الإلكتروني والكاميرات ذات التقنيات العالية، فإنها أضافت أبعاداً جديدة ورائعة، جعلت الصورة أبدع من الواقع مما أسهم في تطور ونشر الأدب والفنون والرياضة، فالعلوم مجال خصب للخيال والإحساس، وقد يكون ابتعاد الناس عن متابعة العلوم ليس لعيب فيها، وإنما فيمن يقدمها على أنها حقائق جافة صارمة لا تقبل سوي الاستيعاب أو الحفظ ، وهنا أسوق مثالين، أولهما برنامج «العلم والإيمان» للراحل الدكتور مصطفي محمود، حيث كانت الجماهير تنتظره بشغف لأنه قدم العلم الجاد بطريقة مبسطة وعفوية، رابطاً بينه وبين حياتنا اليومية والمستقبلية وعقيدتنا الدينية، والثاني برنامج «عالم البحار» الذى كان يعده ويقدمه العالم الكبير د. حامد جوهر، والذى عشقه المصريون والعرب للمعلومات الهائلة التي كان يحدث بها مشاهديه.. إننا نحتاج إلى إعادة التفكير في كيفية تقديم العلوم إلى الناس بطريقة تجعلهم يستمتعون بالعلم بدلاً من أن يتجرعوا مرارة استيعابه وحفظه لأهميته فقط!

د. حامد عبد الرحيم عيد

أستاذ بعلوم القاهرة

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق