رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

131 مليار جنيه قيمة مبادرة إلغاء الفوائد..
عودة الروح للمصانع المتعثرة

تحقيق ــ إبراهيم العزب
تصوير - مجدى عبد السيد

  • المتعثرون : لابد من تأجيل ديون الضرائب والجمارك والتأمينات وضخ سيولة جديدة للتشغيل
  • رئيس غرفة الصناعات النسيجية : التهريب أدى لإغلاق المصانع وتسريح العمالة ولابد من تحديث المعدات
  • رئيس غرفة الصناعات الهندسية : نعانى نقص العمالة الماهرة ومزاحمة السلع المستوردة ومنتجات مصانع بير السلم
  • وكيل المجلس التصديرى للكيماويات : المبادرة أسعدتنا ونحتاح للإسراع فى صرف المساندة التصديرية لحل أزمة السيولة

 

 

 

بعد عشرات السنين من المعاناة والتوقف، عاشها اصحاب المصانع المتعثرة التى وصلت الى قاعات المحاكم، ونتج عنها تشريد آلاف العمال، جاءت مبادرة الحكومة والبنك المركزى بإلغاء فوائد ديون المصانع المتعثرة التى بلغت 31 مليار جنيه يستفيد منها اكثر من 4184 مصنعا، ومعها مبادرة اخرى لتقديم قروض 100 مليار جنيه لنحو 96 الف مصنع بفائدة 10% متناقصة بدلا من الفائدة الحالية التى تصل فى بعض الاحيان الى 22%.

وصف رجال الصناعة تلك المبادرات بانها كانت اعلى من احلام رجال الاعمال المتعثرين انفسهم، إلا أنهم طالبوا بضرورة التركيز فى تطبيق المبادرة بان يتم دراسة كل حالة على حدة، وضرورة ان تكون هناك مبادرات أخري، منها الاسراع فى صرف باقى مستحقات المساندة التصديرية لتوفير السيولة للمصانع وتأجيل مطالبة باقى مديونيات التأمينات والضرائب وباقى الجهات الادارية لضمان تفعيل تلك المبادرات فى تحقيق اهدافها فى زيادة الصادرات وتوفير مئات الآلاف من فرص العمل للشباب.

تحقيقات «الأهرام» قامت بجولة بعدد من المناطق الصناعية والتقت أصحاب المصانع لترصد مشكلاتهم واحتياجاتهم وآراءهم حول مبادرة الحكومة إلغاء فوائد الديون للمصانع المتعثرة، وإلى التفاصيل.

 

بداية التقينا عددا من اصحاب المصانع المتعثرة، يقول الدكتور نادر بطرس رئيس إحدى شركات الملابس الجاهزة بالعاشر من رمضان وأحد المتعثرين إن شركته أصيب نشاطها بالشلل عقب احداث 25 يناير بسبب إضراب العمال عن العمل وإصرارهم على زيادة المرتبات برغم توقفهم عن العمل، وقاموا فى ظل الانفلات الأمنى الذى اصيبت به البلاد بالاستيلاء على الخامات وإتلاف المعدات وقطعوا الكهرباء، ثم عاد المصنع للعمل مرة اخرى عقب ثورة 30 يونيو، لكنه فوجئ بالضرائب والجمارك والتأمينات تقوم بالتحفظ على المعدات والماكينات وقاموا ببيعها وطردوا العمال، بل ان العمال لجأوا الى القضاء ورفعوا دعاوى تعويض مادية حتى أصيب مشروعه بالشلل التام، مشيرا الى ان مصنعه المقام على مساحة 12 ألف متر مربع يستوعب ألف عامل وفنى ومهندس بخلاف العمالة الموسمية، وكان يقوم بالتصدير الى المانيا وإنجلترا وامريكا بنحو 30 مليون دولار سنويا.

ويضيف انه تواصل مع أحد المستثمرين الأجانب الذى أبدى له استعداده لتعويم الشركة وضخ سيولة جديدة لإعادة التشغيل، واتفقا على تشغيل المصنع فى مايو المقبل اذا ما توقفت الجهات الادارية الدائنة مثل الضرائب والجمارك والتأمينات عن المطالبة بمستحقاتها المتأخرة لحين دوران عجلة الانتاج، وانه على استعداد لجدولة كل الديون المستحقة عليه سواء للبنوك أو للجهات الادارية او للأشخاص الدائنين.

اما مجدى شاهين، رئيس إحدى شركات تصنيع اللحوم ومتعثر منذ عام 1997، فيقول ان مصنعه متوقف منذ اكثر من 22 عاما بسبب ازمة فى السيولة، وانه حاول مع البنك الذى كان يتعامل معه لتعويمه وباءت جميع المفاوضات معه بالفشل، وانه الآن اصبح غير قادر على سداد الـ 50% من اصل المديونية، لذا فإنه يقترح ان تقوم البنوك بتقسيط هذا المبلغ لمدة عامين مع ضخ سيولة جديدة للتشغيل وضرورة إيقاف جميع الإجراءات القانونية التى تتخذها البنوك ضد عملائها، وبالمثل ايضا للجهات الدائنة الاخرى مثل الضرائب التى تطالب بـ 16 مليون جنيه ضريبة بالرغم ان مشروعه حاصل على إعفاء ضريبى لمدة عشر سنوات وانه توقف بعد رحلة عمل لمدة عام كامل ولم يتعد السنوات العشر المقررة لنشاطه، حيث كان يصدر منتجاته الى الاسواق الأوروبية خاصة المانيا وكان العارض المصرى الوحيد الذى يشارك فى معرض هانوفر الدولى للأغذية لجودة منتجاته.

تعويم الجنيه

بينما يرجع نسيم توفيق مدير احدى شركات تصنيع الاثاث المكتبى بالسادس من اكتوبر سبب تعثره إلى قرار تعويم الجنيه، حيث ارتفعت اسعار الخامات المستخدمة بنسبة 65%، واصبحت التكلفة مرتفعة، مما أفقد منتجاته القدرة التنافسية امام المنتجات الصينية والتركية فى الاسواق العربية بجانب النزاعات الدائرة فى هذه البلدان.

ويقول ان قدرة منتجاته التنافسية قد انهارت ايضا فى السوق المحلية امام غزو المنتجات الصينية والتركية، لذا فانه يطالب الجهات الادارية الدائنة مثل الضرائب والتأمينات التى كان يدفعها لاكثر من 50 عاملا بتقسيطها حتى يستطيع اعادة تشغيل المصنع مرة اخري.

ويقول الدكتور محمد البهي، رئيس لجنة الضرائب والجمارك باتحاد الصناعات المصرية، ان الاتحاد حاول ان يحل مشاكل التعثر لدى الصناع منذ 25 عاما لكنه لم يستطع لأن ملف التعثر صعب ومعقد وكنا ندور فى دوائر مغلقة الى ان جاءت تكليفات الرئيس السيسى للبنك المركزى والحكومة بهذه المبادرات التى تجاوزت كل أحلام الصناع سواء لحل مشاكل المتعثرين او لإقراض الصناع بفائدة 10% بعد ان وصلت الى 22% مؤخرا، وان تطبيق تلك المبادرات من شأنه ان يعيد مليونى عامل كان قد تم تسريحهم بسبب التعثر والتوقف عن الانتاج، فمتوسط عدد العمال فى كل مصنع من هذه المصانع المتعثرة نحو 450 عاملا.

ويقترح البهى ان تقوم الحكومة بطرح مبادرة اخرى خاصة بديون المصانع لمصلحة الجهات الادارية مثل الضرائب والجمارك والتأمينات الاجتماعية والاجهزة المحلية تقوم على إسقاط غرامات التأخير والفوائد على المديونيات المطالب بها، ومنح المصانع فترة انتقالية مدتها عامان على الاقل لسداد هذه المستحقات وذلك لغياب السيولة لدى اصحاب المصانع الذين يعتمدون على البنوك فى ضخ سيولة جديدة.

تعويم المصانع

وصف الدكتور محمود سليمان، رئيس لجنة الاستثمار باتحاد الصناعات المبادرة بـ«مكتملة الجوانب»، قائلا : نحن فى انتظار التطبيق على ارض الواقع وان تعويم هذه المصانع يعنى انطلاقة جديدة للاقتصاد وتوفير فرص للعمل للشباب، مع الاخذ فى الاعتبار ضرورة تغيير قواعد «الآيسكور» لانها قد تكون متعسفة مع بعض الحالات التى تدون فى القائمة السوداء بالبنوك لرجال الصناعة المحظور التعامل معهم، مطالبا بتطبيق إجراءات الصلح الواقى من الافلاس التى اقرها قانون الافلاس الذى ينص على غل ايدى الدائنين عن المطالبة بمستحقاتهم الا بعد تشغيل المصنع وتحقيق ربحية مع تحصيل اصل الدين على اقساط ميسرة لضمان استمرار دوران عجلة الانتاج، لأن هذه المصانع معظمها يعانى تهالك المعدات ولابد من تحديثها لزيادة الانتاجية.

أزمة سيولة

من جانبه، يرى الدكتور محمد حلمي، رئيس مجلس امناء مستثمرى العاشر من رمضان، ضرورة تشكيل لجان لدراسة اسباب التعثر فى كل حالة على حدة وتقوم بدور القاضى المحايد واتخاذ قرارات سريعة للتعويم من خلال ضخ سيولة جديدة فى شرايين المصانع الصالحة للعودة الى الانتاج دون التقييد بنظام الضمانات التى تصر البنوك على تعجيز المقترضين اذا كانت هذه الحالة تحتاج الى التعويم، لان 99% من الحالات تعانى أزمة حادة فى السيولة ونضوب الضمانات بعد ان عصفت الازمات الاقتصادية المحلية والعالمية بمصانعهم، فالمطلوب تطبيق روح المبادرة والغرض من إقرارها لخدمة الاقتصاد وتشغيل العمالة.

أسباب التعثر

بينما يقول الدكتور محمد خميس، رئيس جمعية مستثمرى السادس من أكتوبر إن المصانع المتعثرة بالمدينة والبالغ عددها 320 مصنعا معظمها فى قطاع الملابس الجاهزة، يليها الكيماويات ثم الصناعات الهندسية، وان 72% من حالات التعثر كانت بسبب قروض البنوك ووضع اصحاب هذه المصانع فى «الآيسكور» اى المتعثرين المحظور التعامل معهم من قبل البنوك، ثم تأتى مشاكل الضرائب والتأمينات الاجتماعية والمحليات فى المرتبة الثانية، مشيرا الى ان اهم اسباب التعثر سوء الادارة وتقادم موديلات الماكينات المصانع ومنافسة المنتج الأجنبى للصناعة المحلية ومنظومة الاجراءات والقرارات الادارية المتذبذبة وتعويم الجنيه وارتفاع سعر الفائدة وتحرير سعر الطاقة، واخيرا المنازعات القضائية او وفاة الشريك الاستراتيجى للمشروع، مشيرا الى انه يتوقع ان تعالج المبادرة 75% من المتعثرين وانه لضمان نجاح المبادرة لابد ان تكون البنوك شريكا اساسيا فى متابعة كل متعثر وتقديم السيولة اللازمة للتعويم.

الصناعات النسيجية

يؤكد محمد مرشدي، نائب رئيس الاتحاد العام للمستثمرين ورئيس مستثمرى العبور ورئيس غرفة الصناعات النسيجية، ان قطاع النسيج على قائمة اعداد المتعثرين الذين وصل اعدادهم الى 2500 متعثر توقفت مصانعهم بسبب عدم إحكام الرقابة على نظام السماح المؤقت للواردات والتهريب من المناطق الحرة العامة والخاصة الى الاسواق المحلية وبيع منتجاتها باسعار منخفضة، مما نتج عنه اغلاق المصانع الشرعية ابوابها وتسريح العمالة وأيضا من أسباب التعثر تهالك وتقادم موديلات التصنيع، مما يؤثر على الكميات المنتجة، لذا لابد للبنوك ان تضخ سيولة نقدية جديدة فى شرايين هذه المصانع لشراء المعدات الحديثة التى تحسن الجودة وتعطى كميات كبيرة من الانتاج، مشيرا الى ان التعثر نتج عنه قيام مصانع بتغيير نشاطها، والبعض الآخر إما توقف عن الانتاجية او تباطأ الانتاج الى وردية واحدة فى الاسبوع، مطالبا التزام البنوك روح المبادرة التى تهدف الى تعويم هذه المصانع لعودة العمالة التى تم تسريحها، حيث ان هذا القطاع معروف بالعماله الكثيفة.

نقص العمالة

ويرى محمد المهندس، رئيس غرفة الصناعات الهندسية، ان الصناعات الهندسية تعد ثانى قطاع يضم متعثرين، مشيرا الى ان السبب فى التعثر يرجع الى نقص التمويل لشراء المعدات الحديثة التى تسهم فى زيادة الانتاجية وتعميق المدخلات المحلية فى عملية الانتاج بعد ان وصلت فى الاجهزة الكهربائية الى 72%، اضافة الى ذلك هناك نقص واضح فى العمالة الماهرة، بل ان هناك نقصا شديدا فى العمالة العادية غير المؤهلة بسبب تفضيلهم قيادة مركبات التوك توك طمعا فى الاجور المرتفعة، وتلك الاسباب تضيف اعباء إضافية على تكلفة المنتج النهائية التى تشهد مزاحمة من المستورد الرخيص الذى يغزو الاسواق بشكل عشوائي، لذا لابد لهيئة الرقابة على الصادرات والواردات وضع مواصفات لجودة السلع المستوردة، وهذه السلع المستوردة الرخيصة تتسبب فى غلق عشرات المصانع.

اضاف المهندس ان هذا القطاع يضم عشرات الآلاف من مصانع بير السلم غير المرخصة، ويمكن ان تكون هذه المبادرة نواة لإدماج هذه المصانع تحت مظلة الشرعية، حيث ان اعداد المصانع المقيدة فى الغرفة 8 آلاف مصنع ويوجد أضعاف هذه المصانع المقيدة 5 مرات غير مقيدة وتعمل بعيداً عن الضوء تحت مظلة الشرعية، مشيرا الى ان اعداد المصانع المتعثرة فى المحافظات تفوق التى تعمل فى المدن الكبرى مثل القاهرة وبورسعيد والإسكندرية ويكفى لإشارة الى ان محافظة سوهاج يوجد بها 10 مصانع للصناعات الهندسية يعمل منها مصنع واحد فقط والباقى متعثر.

مبادرة للمصدرين

فى حين يرى هانى قسيس، وكيل المجلس التصديرى للكيماويات، ان القرار كان مفاجأة للصناع سواء كانوا من المتعثرين او المنتجين الحاليين، بل أسعدهم تماما وكنا ننتظره منذ اكثر من عشرة اعوام، ويطالب بالتدخل لحل مشكلة تأخر صرف المساندة التصديرية لهم منذ 3 سنوات مضت، وهناك عدد من هؤلاء يعانون أزمة سيولة وحل تلك الازمة من شأنه ان ينعشهم ويعيد الروح الى مشروعاتهم قبل ان يلحقوا بقطار التعثر، ويقترح ان يخصص 18 مليار جنيه قيمة رسم المساندة المتأخرة من إجمالى قيمة المبادرة البالغة 100 مليار جنيه، على ان تقوم الحكومة بتسوية هذه المبالغ مع البنك المركزي، مشيرا الى ان قطاع الكيماويات تبلغ نسبة التعثر فيه 15% لان مكونات الانتاج تتأثر بتغير وتذبذب سعر الدولار.

من جانبه، يقول المهندس فرج عامر رئيس لجنة الصناعة بمجلس النواب ان المبادرة طال انتظارها منذ سنوات طويلة وان هذا الملف الشائك تلتف حوله الاجراءات البيروقراطية التى عطلت اى محاولات ايجابية للحل، كما انه يتفق على تطبيق المبادرة وفق كل حالة على حدة وصولاً الى الحلول لتشغيل هذه المصانع التى تسهم فى تخفيف حدة البطالة.

لجان المصالحة

اما الدكتورة يمن الحماقى استاذة الاقتصاد بتجارة عين شمس فتطالب بتشكيل لجان للمصالحة تضم فى عضويتها فريقا من المحاسبين وخبراء التمويل والاقتصاد والفنيين فى التخصصات الفنية لأنشطة المصانع لدراسة كل حالة على حدة لتعويم المصانع التى تستحق التعويم ومنحها قروضا جديدة بضمانات تشغيل هذه المصانع وقدرتها على ان تدر تدفقات نقدية تسدد هذه الاقساط المستحقة، لأن هناك من المصانع التى تعثرت بسبب سوء التسويق وعدم رغبة السوق فى استقبال هذه السلع مرة اخرى التى لا تحتاج السوق اليها او توافر مثيلها من السلع المستوردة بسعر تنافسي، وفى هذه الحالة فإن تصفية مثل هذه المشروعات يكون أفضل لاصحابها حتى لا يتواصل نزيف الخسائر.

وتضيف الحماقى ان اعداد الدراسات الاقتصادية لهذه المشروعات عامل مهم للتعويم، وان البنوك يجب ان تقوم بفحص كل متعثر بدقة لان بعض هذه المصانع تم تصفيتها ومعداتها متهالكة ولابد من حل المشاكل الفنية أولاً قبل تعويم تلك المصانع وإجراء دراسات على كيفية تسويق المنتج للمصنع بعد تعويمه حتى لا تتراكم المديونيات على هؤلاء المتعثرين وتضيع اموال المبادرة.


رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق