-
الخبراء : الأسئلة من كتاب الوزارة بأسلوب يختبر قدرات الطالب
-
المعلمون : نحتاج تفهم أولياء الأمور لطبيعة المنظومة وأن يقتنعوا بأهمية التغيير
-
مدير مركز القومى للامتحانات : بنك لكل مادة من آلاف الأسئلة.. ونماذج الاختبارات تبث آليا فى توقيت متزامن للجان منعا للتسريب اختيار خبراء المواد من المعلمين بمختلف الدرجات الوظيفية
لا تزال امتحانات الثانوية العامة تمثل الهاجس الأكبر لمئات الآلاف من الطلبة وأولياء أمورهم .. فالثانوية العامة ترتبط بمصيرهم وهى البوابة الرئيسية للالتحاق بالجامعة ومن ثم تحقيق الحلم فى الالتحاق بواحدة من كليات القمة .
وعلى ذكر الثانوية العامة لا يمكن أن ننسى مشاهد القلق والدموع المرتبطة بأيام الامتحانات التى يصاحبها عشرات التساؤلات حول واضعى الامتحانات وكيف ينتقون الاسئلة وهل يشارك فى إعدادها مجموعة أم يكلف شخص واحد بها، وكيف يتم تكليفهم لهذه المهمة وعلى أى معايير يتم اختيارهم دون غيرهم، وطبيعة
عملهم التى أهلتهم، وهل هم من معلمى المدارس أم من أساتذة الجامعات، وماذا عن المعايير التى تحكم عملهم فى إعداد الأسئلة وتخضع للمراجعات؟ لكى نجد اجابة على كل الأسئلة وغيرها من التى تدور فى عقل كل طالب، والواقع العملى لإدارة وعمل منظومة إعداد أسئلة الامتحانات توجهنا إلى مقر المركز القومى للامتحانات والتقويم التربوى، المنوط به إعداد الامتحانات لمراحل التعليم العام، وخلال جولتنا داخل المركز، رصدت «الأهرام» كل التفاصيل وتحدثنا مع المسئولين والخبراء وكانت المحصلة فى السطور التالية:

د. رمضان محمد
فى البداية التقينا الدكتوررمضان محمد مدير المركز القومى لتقويم وتطوير الامتحانات الذى أوضح، أن المركز أنشئ عام 1990 بقرار جمهورى كجهة اعتبارية مستقلة، يتبع وزير التعليم مباشرة، ويضم 5 أقسام علمية «التقويم، العمليات، تطوير الامتحانات، البحوث، التدريب والإعلام »، وكل قسم يختص بمهام حددها قرار إنشائه أهمها «إعداد بنوك الأسئلة لمختلف المراحل، مراقبة العملية التعليمية، وضع أسس حديثة للتقويم التربوى» وعلى مدى السنوات الماضية مارس المركز جزءا من اختصاصاته، إلا انه مع وجود رؤية واضحة لتطوير التعليم والتى بدت ملامحها بمرحلة رياض الأطفال والابتدائى، هذا بجانب تغيير نظم تقييم الطلاب وعناصر العملية التعليمية من تدريس وتعلم لمواكبة نظم التقويم الحديثة « دون المساس بالمناهج»، يعمل المركز بكامل طاقته وفق إستراتيجية للتطوير الشامل.
وتساءل د. رمضان، هل المجتمع يشعر برضا عن معدلات المجاميع المرتفعة فى امتحانات الثانوية العامة أو بالمراحل التعليمية المختلفة دون وجود كفاءة علمية توازى هذه الدرجات؟! وفى حين أن المفترض أن تعكس نتائج التقويم القياس الواقعى لمستوى الطالب، والذى قد يحصل على الدرجة النهائية فى اللغة الانجليزية ويكون غير قادر على التحدث بها، وفى الرياضيات يحقق أعلى الدرجات ويعجز عن حل مسألة خارج الكتاب المدرسى، ولا يتساوى ناتجه التعليمى مع معدل درجاته،لاعتماد الاختبارات على التذكر، بينما نحن نهدف لبناء إنسان قادرعلى التفكير والابتكار والإبداع والبحث عن فرصة عمل والتعامل مع المشاكل التى تواجهه فى الحياة وإيجاد الحلول لها، وأن يعبر معدل درجاته عن كفاءته العلمية .
أما عن بنوك الأسئلة ــ والكلام لا يزال للدكتور رمضان فيجرى تفعيل دورها بشكل كامل ليسمح لنا بسحب صور اختبارية للطلاب لأداء امتحاناتهم، بحيث يخصص المركز لكل مادة دراسية بنكا من آلاف الأسئلة المتنوعة، والتى تعد عبر مراحل فنية متعددة عالية الدقة بما يتفق مع مخرجات التعلم التى يقرها مركز المناهج لكل مادة وبشكل متكافئ لكل الأسئلة، من حيث الصعوبة واليسر، ويتم إدخالها إلكترونيا فى برنامج بنوك الأسئلة .
وفى آخر العام الدراسى يتم سحب صور اختبارية بصورة آلية وبثها فى توقيت متزامن على الطلاب فى لجان الامتحان مباشرة بما يضمن عدم تسريبها بشكل نهائى. أما عن القائمين بإعداد أسئلة الامتحانات فأوضح مدير المركز، أن خبراء المواد من ميدان التعليم بمختلف الدرجات الوظيفية والفئات العمرية من معلم إلى معلم أول لكبير معلمين وموجهين بترشيح من مستشارى المواد والموجهين العموم،
امتحانات الثانوية العام الماضى لم تكن مثار شكوى من الطلاب كسابقتها.. فهل نتوقع أن تكون المقبلة بنفس النمط باعتبارها آخر سنة فى النظام القديم؟!
أوضح:«الثانوية العامة تعد مسابقة تعليمية بين الطلاب، والنظام الحديث يستهدف أن تبرهن الدرجات عن قدرات وكفاءة الطلاب الحقيقية، وباعتبار هذا العام نهاية نظام الثانوية القديم، فامتحاناتهم سوف تعد بشكل ميسر وبناء على الحفظ والاستذكار وتلك أدنى مستويات التعلم، والتى تنتج عنها مؤشرات المجاميع المرتفعة بشكل يخالف المنطق من قبل لجنة مشكلة خصيصا لهذه المهمة تعمل فى ضوء مواصفات معينة لورقة الامتحان.
أما بالنسبة للتصحيح الإلكترونى وآلية تطبيقه ومعايير جودته على التقييم بشفافية فقال: «بالنسبة لأسئلة الاختيارى المتعدد تصحح بشكل فورى فى أثناء أداء الطالب الامتحان، ولكن درجاته تحفظ حتى ننتهى من تصحيح باقى الأسئلة من قبل المصححين المدونين بقاعدة بيانات الوزارة بحساب خاص لكل واحد منهم يدخل من خلاله على البرنامج من جهاز التابلت لتصحيح الأسئلة المكلف بها، والذى يتم تصحيحه من قبل اثنين، ويضم كل سؤال معايير خاصة بالدرجات التى تستحقها الإجابة وتحفظ على برنامج، بحيث يسمح بمقدار محدد للتباين فى الدرجات من كلا المصححين، وفى حال ارتفاعها يحال السؤال لطرف ثالث «رئيس المادة» لمراجعته، ويتم لفت نظر المصحح الذى بالغ فى تقييم الدرجات، وفى حال تكرار هذا يستبعد من التصحيح.
وهل هذه الآلية فى التصحيح من شأنها غلق باب التظلمات للطلاب؟
التصحيح الإلكترونى يغلق مجال التظلمات، ونسبة الخطأ فيها تكاد تكون منعدمة، لدقته الشديدة، فالأسئلة الاختيارية ليس فيها مجال للتظلمات، أما الأسئلة المقالية فعددها محدود، والتصحيح لها يتم وفق معايير محددة بشكل أفضل للطالب من نموذج الإجابة الذى كان يفتقد للموضوعية فى تقييم الدرجة وكانت سبب معظم التظلمات.
وفى جولة داخل ورش إعداد أسئلة الامتحانات ببنوك الأسئلة فى مركز تقويم وتطوير الامتحانات، حيث تختص كل ورشة بمادة من المواد الدراسية وتضم مجموعة من خبرائها الذين يعكفون على إعداد وصياغة أسئلة الامتحانات، وكانت أولى الورش التى رصدناها بمادة الأحياء فى قاعة تضم نحو 15 معلما ومعلمة وكبير معلمين، تتنوع مهام كل منهم من إعداد وصياغة الأسئلة ومراجعتها وصولا لتوجيهها لمرحلة الإدخال الإلكترونى، وتتابع كل مراحل إعداد الأسئلة بالورشة من قبل خبراء المركز، حيث أفادت إيمان فؤاد مدرسة أحياء بمدرسة منشية البكارى الثانوية بنات بأن مشاركتها وزملاءها من المعلمين فى وضع أسئلة مراحل الثانوية العامة لبنوك الأسئلة تعد الأولى بالنسبة لهم، والتى نقوم بإعدادها بأسلوب حديث ومختلف عما اعتدنا عليه من قبل، ونسمح للطالب بفتح الكتاب المدرسى فى أثناء اختباره دون تخوف من تأثير ذلك على نتيجة الامتحان، لأنه لن يتمكن من الإجابة الصحيحة دون أن يستوعب ويفهم المنهج ، وهو ما يعتبر تغييرا جذريا فى عقلية ووعى طلابنا الذين أيقنوا ضرورة التفكير والفهم والتحليل لموضوعات المنهج بعيدا عن التركيز على عملية الحفظ التى اعتادوا عليها فى مراحل التعليم السابقة، ومن اجل الوقوف على هذا النسق وتطبيقه بشكل دقيق سواء فى إعداد الأسئلة أو أسلوب التدريس تلقينا تدريبا مكثفا من منسقة مادة الأحياء بالمركز، لفهم آليات التدريس ووسائل اختبار الطلاب ومستويات صعوبة الأسئلة وكيفية التحليل والاستدلال .
وأرجعت انتقاد الطلاب وأولياء الأمور للنظام الحديث، إلى عدم معرفتهم لمضمونه وأهدافه ونتائجه الإيجابية على أبنائهم ومستواهم العلمى والذهنى، إلا أن تأهيل وتدريب المعلمين وتطوير أسلوب تدريس المنهج والمشاركة فى إعداد الأسئلة يسهم فى تغيير ثقافة طلابنا وزيادة قدرتهم على استيعاب المنهج والتفاعل معنا بإيجابية، مما يزيل مخاوف ذويهم، ولاسيما أن النظام الحديث يغير ناتج التعليم من كتلة صماء إلى كيان واع ذى إدراك عال قادر على التفكير والتحليل والاستدلال، من خلال تطبيق استراتيجيات تعليم مختلفة، وإلغاء الطريقة المعتادة فى التدريس بالحصة من كتابة «عنوان الدرس وأركانه وأهدافه»، ونعمل حاليا مع الطلاب بالحوار ومناقشتهم حول الأسئلة التى تدور فى عقولهم عن موضوع الدرس، ونتبع ونعتبر الدرس ككرة الثلج المجمدة، وفكها وتحليلها لنطلع على محتواها ومفهومها، ومن خلال أسئلة الطلاب وأجوبتهم تتم دراسة الموضوع وتحليله، بما يضمن تفاعل كل الطلاب واستيعابهم فى أجواء مرحة تشعرهم بالسعادة وكأنهم يتشاركون فى لعبة كمبيوتر.
فيما قالت سارة أبو الخير مدرسة أحياء بالثانوية بإدارة العياط التعليمية، إن كل ما نحتاجه هو تفهم أولياء الأمور لطبيعة المنظومة الحديثة ولاسيما أنهم العنصر الحيوى والمحرك لطلابنا، ومن الضرورى أن يقتنعوا بأهمية التغيير ومردوده الايجابى على مستوى تفكير أبنائهم، ولا يستمعون للأصوات الهدامة التى تهدف إلى إثارة المخاوف على مستقبل أبنائهم بدعاوى مضللة لتعجيزهم بوضع أسئلة شديدة الصعوبة، وهذا غير حقيقى، ونحن من داخل ورش إعداد الأسئلة بمركز تطوير الامتحانات نضعها من كتاب الوزارة، وكل ما فى الأمر أنه بدلا من صياغة السؤال بكلام نظرى يستدل منه على قدرة الطالب على الحفظ من عدمه نكتب التعريف أو المصطلح العلمى، لنختبر مقدار فهم الطالب عبر مجموعة أسئلة بمستويات متباينة فى الصعوبة يمكن من خلالها ترتيب الطلاب وفق مستواهم العلمى الحقيقى.
أما الدكتورة سامية الصياد منسق مادة الأحياء بالمركز فقالت: إن إعداد الأسئلة يتم وفق مستويات علمية محددة من قبل الوزارة، ومن أجل تطبيق هذه المنظومة الحديثة بشكل سليم، يقوم المركز بالتنمية المهنية للمعلمين والتى تمكنهم من إعداد الأسئلة بالمواصفات القياسية المطلوبة، عبر اطلاعهم على المصطلحات الجديدة كأسئلة معرفية ومدلوها من فهم وتحليل وتطبيق، بالإضافة إلى معرفتهم لمستويات الأسئلة من اليسر والصعوبة، من خلال اطلاعهم على نماذج من تلك النوعيات للأسئلة، حتى نتأكد من قدرتهم على التفرقة بين هذه المستويات ومفاهيمها العلمية، باختبارهم فى إعداد أسئلة متنوعة منها، وبناء على ذلك انتقينا الأكثر كفاءة، وعملهم يتم بمتابعة منسقى المواد للتأكد من اكتمال جوانب السؤال ثم تحفظ فى أظرف مع نواتج التعلم، وتوجه بشكل شديد التحفظ بما يضمن عدم العبث بمحتواها وصولا لمرحلة الإدخال إلى البرنامج المخصص لذلك.
وتركنا ورشة مادة الأحياء وانتقلنا لقاعة إدخال الأسئلة مع نواتج التعلم، عبر مدخلى البيانات بأجهزة الكمبيوتر العديدة بالقاعة، حيث التقينا المهندس محمود مرجان المسئول عن عملية إدخال الأسئلة للبرنامج، الذى أوضح أنه بعد تسلم أظرف الأسئلة توزع للمراجعة من قبل خبراء المواد بالمركز، بعدها تبدأ مرحلة إدخال أسئلة كل مادة على برنامج الحفظ، وتطبع نسخة من الشكل النهائى لكل سؤال، بحيث يخضع بعد إدخاله للنظام، لمرحلتين من المراجعة إحداهما ورقية وأخرى على شاشات البرنامج، وفى حال وجود تعديلات تعاد لخبراء المواد لإقرارها وإدخالها، وبعد ذلك تعرض على منسقى المواد لإقرارها بشكل نهائى.
وهنا تدخل حسن مصطفى منسق مادة الفلسفة وعلم النفس قائلا «مهمتنا المراجعة الدقيقة للأسئلة ومقارنتها بنواتج التعلم ودقة أكوادها لتثبيت المادة وحفظ الأسئلة بشكل نهائى فى البرنامج الإلكترونى، بحيث لا يتاح بعدها لأحد الإضافة أو الحذف أو التعديل على الأسئلة التى حفظت، حتى منسق المادة صاحب أمر الحفظ النهائى لا يمكنه سوى الدخول على البرنامج فقط، وتصبح المادة فى حالة الاستعداد لعملية سحب الأسئلة للامتحانات .
وأوضح أن منسق «رئيس» المادة مهمته فى إعداد الأسئلة لا تقف عند المراجعة النهائية وحفظ عمليات الإدخال، بل تبدأ من بداية العام فى شهر 9 بالعمل على النواتج التعليمية وتحليل محتواها بالكامل وتصنيفها وتسليمها لزملائنا لتأليف وإعداد الأسئلة وفقها، هذا بالإضافة إلى المتابعة الفنية مع الشركة المصممة للبرنامج لضمان انتظام سير عمل البرنامج وعمليات إدخال بيانات الأسئلة دون توقف .
وعن امتحانات المدارس التجريبية واللغات قال رمضان محمد مدير المركز، إن أسئلة الامتحانات موحدة، وتترجم للغة التى تدرس سواء الإنجليزية أو الفرنسية أو العربية أو الألمانية، ولكل مادة لها بنك خاص، وتحفظ الامتحانات المترجمة بهذه اللغات برقم كود موحد، ليسمح بسحب بذات الأسئلة للمادة بلغاتها المختلفة فى توقيت متزامن ودون اختلاف فى نوعية الأسئلة ومستوياتها وفق خريطة الاختبار.
رابط دائم: