فى تلك المنطقة التى يمتزج فيها الطابع الأثرى بالشعبي، كانت قوافل الحج تمر بدءا من العصر المملوكى الذى اهتم أمراؤه بإنشاء الأحواض والأسبلة لمد الحجاج باحتياجاتهم من الماء.. وكانت مركزا حيويا لكل ما يحيط بقلعة صلاح الدين الأيوبي.

ومن مركز للدولة الإسلامية إلى مقر لإحدى ولايات الخلافة العثمانية تحولت إلى منطقة حرفية تدعى «الحطابة» نسبة إلى مهنة الحطب.. أهلها طيبون.. أولاد بلد.. كان مدهشا أن نقتفى أثر عشاق هذا المكان من دارسى الفنون.. فبعيونهم ترى المكان دراميا وكأنه إحدى حواديت الزمان.. أكثر عبقا وأصالة.. هذا ما لمحته مرسوما بعذوبة على تلك الألواح الخشبية المستطيلة لطلاب الدراسات الحرة بكلية الفنون الجميلة.. فبين شوارعها الضيقة وساحاتها الفسيحة المطلة على القاهرة النابضة بالحياة، اعتاد الفنان التشكيلى د. مراد درويش الأستاذ بكلية الفنون الجميلة، أن يزور المكان، طالبا مرات ومعلما مرات ومرات وفى كل مرة يعترف أن المكان يتغير كثيرا وسريعا.. أصابته العشوائية ولكنه مازال محتفظا بأصالته.. ومع طلاب الدراسات الحرة كان الأمر مختلفا.. أكثر متعة وشعورا بالشغف.. سنهم تتفاوت بدرجات كبيرة.. دراساتهم مختلفة واهتماماتهم أكثر تنوعا.. ولكن اجتمعوا على حب الرسم والتشكيل.. فهم مقدمون برغبتهم.. يدفعهم الشغف ويجذبهم ملاحقة ريشة أستاذهم وهو يجسد المكان فى بقعة خشبية صغيرة. افترشوا الأرض غير عابئين بملابسهم وأطلقوا أبصارهم بلا حدود لتسجيل لقطات متعددة لرسمها. بدت وكأنها سيناريو مرسوم لعمل سينمائى فى نهار الحطابة الخارجي.. هكذا نعيد اكتشاف الحياة ونرسم ذكرياتنا معها.


رابط دائم: