اِخْتَر الصديق قبل الطريق .. وما بالك إذا كان هو الطريق الملكى بكل مقدساته ومحرماته، فيجب أن يكون هذا الصديق فوق مستوى الشبهات ويكاد يقترب من الكمال .. سدد الأمير البريطانى أندرو (دوق يورك) فاتورة اختياره لرفيق السوء وخليل الانحراف، وأصابته لعنة الملكة إليزابيث الأم عندما قررت حرمانه من المهام الملكية عقابا على تلويث سمعته بصداقته المشبوهة مع رجل الأعمال الأمريكى والملياردير المنتحر جيفرى إبستين .. تلك الصداقة الملطخة بمعاشرة القاصرات، ليتورط الأمير العجوز فى فضيحة جنسية مع فتاة عمرها ١٧ عاما.
وهنا، انتفضت العائلة المالكة لتطهير ثوبها الأبيض من «دنس» العلاقات الحمراء، وتجنب الأمراء التعامل مع «أندرو»، بمن فيهم «الأوركسترا الملكية» التى كانت تعمل تحت رعاية «الأمير الضائع»، لمدة ١٥ عاما .. ولم يتبق بجوار دوق يورك فى محنته سوى زوجته السابقة سارة فيرجسون التى لاتزال تؤمن بـ «جرأته وثبات مبادئه فى مواجهة الحقيقة»!.
وافتقد الأمير أندرو للباقة الحديث وذكاء العبارات فى آخر مقابلة تليفزيونية له مع هيئة الإذاعة البريطانية «بى بى سي» بعد أن فشل فى تقديم مبررات وأدلة مقنعة عن شكل وطبيعة علاقته بـ «إبستين»، ولم يملك إلا الاعتراف بـ «خطيئة» الصداقة مع شخص مُدان بالاتجار بالقاصرات وندمه على ذلك، بل حاول أن يستجدى الرأى العام البريطانى ويتوسل عطف العائلة المالكة بإعلان «تعاطفه الكامل مع ضحايا إبستين».
وبلغ عمر العلاقة بين أندرو وإبستين نحو ١٩ عاما منذ أول لقاء عام ١٩٩٠، ولم يتوقع الابن الثانى للملكة أن تجلب صداقته بـ «زير النساء» العار للأسرة الملكية، ويبدأ سلسال التنازلات فى طريق الأمير المخدوع ليفقد عددا من المؤسسات، أبرزها شركة «بى تي» البريطانية، ومنظمة «أيديا»، التى تساعد الأفراد على تطوير مهاراتهم فى مجال الأعمال والتوظيف منذ عام ٢٠١٧، وصولا إلى إسقاط أكثر من بنك استثمارى للاتفاقيات مع مبادرة تبناها أندرو لتوجيه أعمال دشنها بذاته، وانسحاب ٤ جامعات أسترالية من المبادرة .. وانتهاء بتجريد الأمير من مناصبه وحرمانه من مستحقاته فى مجموعة من المؤسسات الخيرية وصناديق الخدمات التى كانت تحت قيادته!.
ومن أكثر المواقف التى تشكك فى براءة الدوق البريطانى من فضائح «إبستين»، قرار الملكة إليزابيث إقالة أماندا ثيرسك التى كانت واحدة من المقربين من الأمير أندرو، وأكثر من يثق بهم، فشغلت منصب السكرتير الخاص له بعد تعيينها بالقصر الملكى عام ٢٠١٢، وبلغ بها الغرور حد التفاخر بأن غرفتها على بعد خطوات من غرفة أميرها .. ولم تجد الملكة مفرا من لفظها خارج بلاط قصر باكنجهام لوضع حد نهائى وقاطع لنزوات ابنها المدلل، ولتتيقن من أنها لم تنجب سوى ابنها الأكبر البار «تشارلز» الجدير وحده بلقب «وريث العرش»!.
رابط دائم: