أكتب إليك عما اعترى زوجتى من طباع مختلفة فى الفترة الأخيرة، حيث الحب الفائض والاهتمام العالي، لكنى لاحظت أنها تحتفظ بالموبايل الخاص بها أينما ذهبت، وبالصدفة وجدتها تتحدث مع زميل لى ولها بالعمل، وبمراقبة حوارات «الواتس آب» عرفت أنهما تربطهما علاقة صداقة وتعود شديد على التحدث معه فى أبسط الأمور، بل وكل تفاصيل حياتها، ولم أجد فى كلامهما أى خروج عن القيم أو ما ينم عن علاقة غير محترمة، وتقول لي: «نحن مثل الأخوة»، وأن هذا الرجل هو سند لها فى الحياة كصديق، لكن العلاقة زادت فى تشابكها لدرجة أنها تحكى له مشكلاتها الشخصية، ولا تحكيها لي، وقد واجهتها بما عرفت، فكررت قولها: إنها علاقة عادية، وبعد ذلك اعترفت بخطئها، وأقرت بأنها انساقت بلا وعى نحوه، وأنها لن تكرر ذلك، وتحدثت مع هذا الزميل أيضا فأرسل كل محتوى الرسائل لى لكى أتاكد من أنه لا يوجد بينه وبين زوجتى ما يشين، خصوصا بعد أن مسحت بعض الرسائل من هاتفها المحمول.
وبصراحة فإن ما وجدته فى الرسائل ينم عن علاقة قوية، ولكن فى حدود الصداقة، ولكنى لا أقبل ذلك، وانتهى الأمر بعمل حظر من هاتف زوجتى لصديقها، وطلبت منى أن أسامحها، فما حدث كان من فعل الشيطان ـ على حد تعبيرها ـ والحقيقة أننى طوال سبعة عشر عاما مع زوجتى لم تقع بيننا أى مشكلات، حيث يربطنا الحب والأولاد.. لقد ترك هذا الموقف جرحا بداخلى برغم أننى أغلقت الأمر، وعادت علاقتنا إلى ما كانت عليه، ومشكلتى هى أن الشك لم يغادرني، فما أحزننى أن تكون علاقة صداقتهما فى الظل وأن تقوم هى بمسح بعض الرسائل التى تعلم أننى إذا رأيتها سوف أغضب مثل الاطمئنان على صحته؟، وهل أكل أم لا؟، وحكاوى فى الحياة الشخصية، ولو أنها لم تمسح بعض الرسائل لكان الموضوع أهون عليّ.. لقد كنت أثق فى زوجتى ثقة عمياء، ولم يعلم عن حياتنا أحد أى شيء، فنحن نحل مشكلاتنا بأنفسنا دون اللجوء للآخرين حتى ظهر هذا الشخص، وأجدنى فى حاجة لاستشارتك فى أمري، وأسألك ماذا أفعل لكى أقتنع من داخلى أن هذا لن يحدث مرة ثانية ولماذا فعلت ذلك على الرغم من قوة علاقتنا؟، فبماذا ترد علىّ؟.
> ولكاتب هذه الرسالة أقول:
بالطبع فإن وجود صديق فى حياة الزوجة يهدد حياتها بالفشل لأن هذه الصداقة ستتحول إلى حب وتعود عليه، فالصديق دائما ودود، ولطيف، ويستمع إليها بحنان واهتمام، أكثر من اهتمام زوجها، ولذلك تقارن بينهما، وتنجذب تجاه الصديق، حتى من تقول إنها تستطيع أن تتحكم فى مشاعرها وأنها واثقة من نفسها، ستجد نفسها فى وقت ما غير قادرة على السيطرة على عواطفها، ولذلك إذا وجدت الزوجة أن زوجها غير قادر على تقديم الدعم والاحتواء الذى تحتاجه لابد أن تصارحه، وإن لم يتجاوب عليها أن تسعى بشتى السبل لإصلاح حياتها الزوجية، فالزوج يجب أن يكون الصديق والأخ وكل ما فى حياتها وبالعكس.
والعلاقة بين الرجل والمرأة يجب ألا تتعدى حدود الزمالة فهى بطبعها عاطفية، ومشاعرها تغلب عقلها، ومن الطبيعى أن يتعامل معها الصديق بلطف، وتجده حريصا على مصلحتها، ويقول لها كلمات مثل: «خدى بالك على نفسك» أو «طمنينى عليكي»، ومن المؤكد أنه سيكون شخصا مهما فى حياتها وستقارن بينه وبين زوجها، وإذا كانت الزوجة تواجه مشكلات مع زوجها وتحتاج إلى أن تستشير شخصا ما فلا مانع أن تأخذ رأى أخوها، صديقتها أو حتى تلجأ إلى شخص متخصص، أو تواجه الزوج نفسه بما يؤرقها، ومن حكمة ربنا أنه جعل على الزواج شهودا حتى يتم الاحتكام إليهم عند الخلاف، وهنا أقول لكل زوجة من حقك قبل الزواج الاختيار، لكن بعد الزواج الأمر مختلف، وإذا كنتِ تشعرين بأن زوجك مقصر معك فمن حقك أن تطلبى الطلاق أو حتى الخلع، فأفضل صديق للزوجة هو زوجها، ولا شك أن التحرر، وتبسيط الأمور وخروجها عن المألوف هو بداية الخطأ والخاسر الأكبر من كل ذلك هى المرأة، ولابد أن نكون متيقنين من أن كل شيء نهانا عنه الله يكون لتسببه فى شر علينا، فالعلاقة بين الرجل والمرأة تقف عند حد الزمالة فقط، لأن الصداقة تعنى أن هناك نوعا من الاستلطاف بينهما وثقة تجعل كل منهما يطلع الآخر على أسراره، وهذا من شأنه أن يفسد الحياة الزوجية فكم من زوجة تركت زوجها لتتزوج صديقها، فمن الجميل ألا ترى الزوجة غير زوجها، وهو كذلك ومن أدعية الصالحين «اللهم جمل كل زوجة فى عين زوجها ولا يرى غيرها أبدا»، وإذا كانت هناك صداقة قبل الزواج فلماذا لا يتزوجان، فحديث رسول الله يقول أنه «لم يُرَ للمتحابين مثل النكاح» أى الزواج، فالعلاقة بين الرجل والمرأة إما أن تكون علاقة زواج أو علاقة زمالة، وعلاقة الزمالة لها حدود منها ألا تخضع المرأة بالقول، أو أن تدخل زميلها فى حياتها وتفشى أسرارها له، ولابد أن تكون بينهما مسافة، ومادامت زوجتك قد قطعت علاقتها بزميلها، وتأكدت من ذلك، فيجب أن تصفح عنها، وإذا عادت إلى هذه العلاقة، فلا مفر من الانفصال، وأسأل الله لها الهداية، وأن يوفقكما إلى ما يحبه ويرضاه.
رابط دائم: