رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

رغم النجاح فى حل «عقدة» شرم الشيخ..
الدبلوماسية المصرية فى مهمة صعبة ببريطانيا

لندن ــ مروان سلطان

مهمة الدبلوماسى فى واحدة من الدول الخمس الكبرى دائمة العضوية فى مجلس الأمن ليست سهلة كما قد تبدو. فى بريطانيا، إحدى هذه الدول، تزداد مهمة السفير المصرى، وفريقه، صعوبة.

فصناعة القرار بشأن أى من الملفات المشتركة مع مصر تمر عبر مؤسسات عديدة، لذا فإنه يأخذ الكثير من الوقت. هذا ما حدث، مثلا، فى ملف الحظر الجوى على شرم الشيخ، الذى انفكت عقدته برفع الحظر فى 22 أكتوبر الماضى. غير أن العقدة الأكبر لا تزال قائمة، وتزداد صعوبة، وهي: كيف يمكن للدبلوماسية المصرية، أن تُصحح الطريقة التى يُنظر بها إلى مصر فى بريطانيا؟ مع شرم الشيخ، كانت المشكلة فى مكتب رئيس الوزراء، فالحكومة هى التى فرضت الحظر ولم يكن ليرُفع إلا بقرار منها.

فى هذه التجربة «المريرة»، لم تنصت حكومتا بريطانيا السابقتان بقيادة ديفيد كاميرون وتيريزا ماى باهتمام إلى دفوع مصر التى طعنت فى أسس استمرار حظر الطيران، فلم تقتنعا تماما، وربما لم تريدا أن يُشتت انتباههما عن التركيز على المشكلات الداخلية بأن السلطات المصرية فعلت كل ما يخصها فى تأمين ليس فقط مطار شرم الشيخ بل بقية مطارات البلاد.

وعندما دخل بوريس جونسون داوننج ستريت فى 24 يوليو الماضى، تغير الموقف تماما. لكن هذا التغير لم يأت فجأة، بل بُنى على ملف من التقارير التى نجحت الدبلوماسية المصرية فى استثماره بإعادة طرحه بطريقة مختلفة عن السابق، مستفيدة فى ذلك من أمرين، أولهما التعاون الدءوب بين السلطات المختصة فى طمأنة البريطانيين، وقبلهم المصريون، على تأمين المطارات، وثانيهما، الظرف الراهن الذى تمر به بريطانيا.

تذرعت بريطانيا دائما بأن الدافع الأساسى وراء الحظر هو أن «سلامة وأمن المواطن البريطانى له أولوية مطلقة»، ولذا فإنه يجب أن تطمئن أجهزة الأمن ووزارة النقل ثم رئاسة الحكومة إلى أنه لم يعد هناك تهديد أمنى.

بنت الدبلوماسية المصرية، مدعومة بجهد مختلف الأجهزة المختصة، ردودها على البريطانيين على التالي:

< بالنسبة للأمن، تقول تقاريركم أنتم إننا استوفينا كل معايير الأمن الذى تحسن باعترافكم، ولم يعد هناك أى تهديد.

< من حقكم الدفاع عن أمن مواطنيكم، ومن حقنا أيضا أن ندافع عن حياة مواطنينا، لأن السياحة مصدر لعيش الملايين منهم.

< لم يعد لدى السلطات البريطانية، أمام الرأى العام المصرى، مبرر للحظر، والإصرار على رفضكم حتى لمطالب شركات السياحة البريطانية برفعه، يرسخ صورة بريطانيا السلبية فى مصر.

< اقتصاديا، ستزداد خسائر الشركات البريطانية، إن استمر الحظر، لمصلحة شركات الطيران الأوروبية.

< استغلت مصر أيضا مشروع خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى، فاحتجت بأن بريطانيا تخطط لإبرام اتفاقات تجارية مع مختلف الدول بعد «البريكست»، وبأنها تضع مصر على قائمة الدول المستهدفة.

وهنا سئل البريطانيون: كيف يمكن لمفاوضيكم أن يسعوا إلى إبرام اتفاق بهذه الأهمية مع مصر بينما تفرض بريطانيا حظرا، لم يعد له أى مبرر، على منتجع هو أحد أكبر مصادر الدخل السياحى المصري؟!

استمر الضغط المصرى، الذى استثمر أيضا اتصالات السفارة فى لندن مع شركات السياحة فى بريطانيا والتعاون الأمنى المستمر بشأن أمن المطارات المصرية مع السلطات البريطانية المختصة.

وحُلت مشكلة مطار شرم الشيخ لتشعر الدبلوماسية المصرية بارتياح لتمكنها من ترجمة الجهد والتنسيق بين مختلف الجهات المصرية المختصة إلى فعل مفيد للسياحة.

غير أن هذا الارتياح لا يزال ممزوجا بشعور مصرى، بصعوبة مهمة حل العقدة الأكبر، التى هى الآن التحدى بعيد المدى الأصعب .. صورة مصر فى بريطانيا.

وصلنى هذا الشعور عبر حوارات كثيرة مع دبلوماسيين ومسئولين مصريين أعلم أنهم يأخذون هذا التحدى بجدية.

وقد بات معروفا أن لدى مستويات السلطة فى مصر شكوى واحدة وهى أن التغطية الإعلامية، فى بريطانيا، للشأن المصرى غير منصفة وتنطوى على مبالغات وتفتقد الموضوعية.

وخلال نقاش مع أكثر من مسئول مصرى، فى التفاصيل، بدا بوضوح مدى الشعور بعدم الإنصاف، وأتيح الاطلاع على تجارب سلبية سعى فيها الجانب المصرى لإقامة جسور مع صحف بريطانية لتوضيح الصورة. فلا تزال الدبلوماسية المصرية، عبر بعثتها بما فيها المكتب الإعلامى تواجه، فى بريطانيا، عقبات تحول دون تمكينها من توعية البريطانيين بوجهة نظر الحكومة بشأن الأحداث فى مصر. ورغم الشكوى المريرة، لم يطرح أى مسئول مصرى، لأسباب قد تكون مفهومة، فكرة مطالبة الحكومة البريطانية بالتدخل. كل ما تسعى إليه جهات مصرية مختلفة هو أن تتاح لها فرصة لتوضيح التالي:

فهناك فى مصر مَنْ يستغل حقوق الإنسان لخرق القانون، وكثيرا ما سئل الإعلام البريطانى مثلا: لماذا الاهتمام المبالغ بالأخبار غير الدقيقة عن قرارات القبض على المشتبه بهم، فى أحداث بعينها، بينما يتراجع الاهتمام بالإفراج عن الأشخاص الذين تثبت التحقيقات براءتهم؟!

هذا النهج المهنى من جانب وسائل الإعلام البريطانية يخلق مشكلة هى، كما تطرحها الدبلوماسية المصرية، أن مثل هذه التغطية السلبية غير المنصفة «تشكل للأسف رأيا عاما سلبيا حتى لدى السياسيين والبرلمانيين فى بريطانيا، وهذا يخلق عقبات فى التحرك المصرى على المستوى الرسمى الساعى لتحسين العلاقات وخدمة المصالح المشتركة».

والدبلوماسية المصرية محقة، فالسياسيون والبرلمانيون البريطانيون يثقون فى معلومات الصحف ويبنون عليها تصوراتهم. الإدراك العام هو أن هذه، فى نهاية المطاف، مشكلة مصر وليست مشكلة الحكومة البريطانية، ولذا فالدبلوماسية المصرية «مصممة على مواجهة التحدى واستمرار محاولات تصحيح الانطباعات الخاطئة» فى إطار المتاح، لكنها بحاجة إلى مساعدة فعقدة شرم الشيخ، التى كانت لدى الحكومة البريطانية وتعاونت كل الجهات المصرية المختصة، ومن القاهرة، فى حلها، تنصح بأن التصميم المعلن على المواجهة، وحده، لا يكفى فى المعركة مع الإعلام البريطانى.

ففى النقاشات مع الصحفيين البريطانيين، يشكو كثيرون من «الاختفاء المفاجيء» للمسئولين المصريين عندما يقع حدث ما فى مصر يلقى اهتمام الإعلام البريطانى ويسعى «وقت وقوع الحدث» للإجابة عن الأسئلة بشأنه.

وفى الوقت نفسه، يلاحظ الصحفيون «رغبة غير مسبوقة» من جانب الهيئة العامة للاستعلامات ومكتبها فى لندن، فى مساعدة الصحفيين فى عملهم بإصدار بيانات بشأن الأحداث، لكن هذه البيانات، رغم أهميتها، هى، من منظور الإعلام الغربى المحترف، لا تكفى، وهذا لا يساعد الجهاز الدبلوماسى فى لندن فى المواجهة.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق