رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

البطريرك المارونى بشارة الراعى فى حوار مع «الأهرام» : الأوضاع اللبنانية تدعو إلى الحزن .. لكنها تبشر بالأمل فى ولادة وطن جديد

حوار ــ محمد القزاز
البطريرك المارونى بشارة الراعى

  • لا أؤيد النظر فى «اتفاق الطائف» لأنه لم يطبق من الأساس لا نصا ولا روحا

 

 

 

مع اقتراب الحراك اللبنانى من يومه الخمسين، ومع إصرار السلطة اللبنانية على اللامبالاة تجاه الحراك، وكأنه لا وجود له، بل تغض الطرف عما يتعرض له بين الحين والآخر من اشتباك وهجوم من طائفة بعينها أدركت أفول نجمها لصالح الشعب، يدرك كل المتابعين وقوف الكنيسة المارونية، أو بكركى, ممثلة فى الكاردينال مار بشارة بطرس الراعى بطريرك أنطاكية وسائر المشرق مع الحراك مؤيدة مطالبهم وواقفة خلفهم .

وبمناسبة زيارته مصر، من أجل حضور مؤتمر ينظمه مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك بمصر، قال البطريرك بشارة الراعى إن الأوضاع فى لبنان تدعو للحزن لكنها تبشر بأمل جديد وهو ولادة لبنان الجديد.

وأشار ، فى حديثه لـ «الأهرام»، إلى أنه لا أحد فى لبنان يريد الحرب، وهى بعيدة من اللبنانيين، الذين اختبروا مرارة الحرب، وأنه لا يؤيد من يدعو إلى النظر فى اتفاق الطائف، وإلى الحوار:

 

غبطة البطريرك، ما مناسبة زيارتك مصر؟

نحن هنا فى مصر لحضور مؤتمر مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك، وهو مؤتمر يعقد سنويا فى أحد البلدان، وكان هذه المرة فى مصر، وهذا المؤتمر يتناول دور وسائل الإعلام فى خدمة الحقيقة وكرامة الإنسان. والمؤتمر يتناول قضية تهم كل الناس فى بلداننا، فعالم اليوم فى حاجة إلى الحقيقة الموضوعية، خاصة فى ظل اعتماد أغلب الناس على السوشيال ميديا، وما لها من تأثير قد لا يكون كله حقيقة، وتأثيرها على المستوى السياسى والاقتصادى والاجتماعي، نحن نعيش عالما ضاعت فيه الحقيقة، وبالتالى لابد من عودة إلى الحقيقة، فعن طريق الحقيقة تتحقق كرامة الإنسان، فمأساة شعوبنا هو غياب الحقيقة التى تضيع معها كرامة الإنسان وحقوقه.

التقيت الرئيس السيسى خلال زيارتك، فهل تم تناول الشأن اللبنانى خلال اللقاء؟

لم يتحدث الرئيس السيسى عن لبنان تحديدا، لكنه تحدث بشكل عام عما يحدث فى أوطاننا العربية، وأن كل بلد له خصوصيته ، وكان اللقاء مع مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك، والرئيس دائما حريص على اللقاء معنا فى كل زيارة لنا لمصر.

لماذا أشعر فى حديثك بحزن دفين؟

صحيح، فالأوضاع فى لبنان تدعو إلى الحزن، لكنها فى الوقت نفسه تبشر بالأمل، فالحزن على ما نعيشه من أزمة سياسية واقتصادية ومالية خانقة، الحزن، لأن الطبقة السياسية فى لبنان هى من تسببت فى هذا الوضع المؤلم الذى نعيشه، الحزن، لأن المسئولين السياسيين هم المسئولون عن الهدر على مستوى الدولة والكيانات، هذا وجه الحزن، بينما وجه الأمل والرجاء هو الانتفاضة الشعبية التى قام بها الشباب والنساء من كل الأديان والطوائف والمذاهب والأحزاب، رفضا للواقع السياسي، ورفضا للاصطفاف الأعمى وراء قيادات الطوائف والأحزاب، والكل يطلب بصوت واحد: نريد حكومة جديدة تنقذ البلاد، حكومة نظيفة وليست ملوثة بالفساد، حكومة تنال ثقة الشعب، لأن الشعب أصبح تحت مستوى الفقر، ووقفة الشعب أرى أنه لا تراجع عنها، وأنا أدعم وقفة الشعب وأدعم مطالبه، لأننا نعتبر أن وراء هذه الانتفاضة ولادة جديدة للبنان.

لكن بعض من فى الحراك يأخذ على الكنيسة المارونية أنها فى بداية الحراك لم تكن مع مطالبهم، بل كانت فى صف رئيس الجمهورية؟

أنا دائما أدعم الحراك المدني، ودائما أشجعه، وبعظاتى ومواقفى أبارك هذا الحراك، وأطالب الطبقة السياسية بأن تصغى لمطالب الحراك، وألا تستهين به، وهو صوتى بالأساس، بل قبل تشكيل هذه الحكومة، وطريقة تكوينها قلت إن هذه الحكومة مصيرها الفشل، لأنها حكومة أضداد، والحكومة التى تشكل من أضداد لا يمكن أن تصنع شيئا، ولا يكفى أن تسمى حكومة وحدة وطنية، فالتسمية لا تعنى أن فيها اتفاقا داخليا، وقلت إن الحكومة التى يتحدثون عن تأليفها ستفشل، وأنا أطالب منذ الآن بحكومة حيادية تنال ثقة الشعب وثقة البرلمان، وألا تكون لها علاقة بالأحزاب أو السياسيين لكى تعمل على إنهاض البلاد اقتصاديا وماليا، وأنا لا أقول ذلك لأن رئيس الجمهورية أخذ موقفا يريدها تكنوسياسية، ففى لبنان الآن فريقان، فريق يريدها حيادية كلية، وفريق يريدها تكنوسياسية، وبما أن الأمور وصلت إلى فريقين، فأنا لست مع أى فريق منهما، أنا مع حكومة حيادية، ومع ذلك أنا لست مع الفريق الذى ينادى بهذه الحكومة، أنا أقول حكومة فاعلة ذات ثقة عند الشعب، قادرة أن تحمى لبنان وتنهض به.

هل تخاف على لبنان الآن؟

بما إن شباب لبنان يقوم بهذه الانتفاضة وبعناد، فأنا لا أخاف على لبنان، بل هى ولادة جديدة له، وسيعود إلى أصالته، فلبنان قام بالأساس على المواطنة اللبنانية، لا على الانتماءات الحزبية والطائفية، ففى سنة 1920 كانت الكلمة الشهيرة للبطريرك إلياس الحويك، «لا يوجد فى لبنان طوائف، بل طائفة واحدة اسمها الطائفة اللبنانية».

برأيك، كيف يتحقق هذا الحلم «لبنان طائفة واحدة» لا طوائف متعددة تتناحر فيما بينها كما نرى الآن؟

لبنان كان بالأساس طائفة واحدة، وهذا لا يعنى أنه لا توجد طوائف، لكنه يعنى أن الولاء يكون للدولة والمواطنة وليس الطائفة، لكن اليوم الولاء للطائفة والمذهب والزعيم والحزب، ثمّ أخيرا يأتى الولاء للبنان، نحن نطالب بأن يكون الولاء الأول للبنان، ثمّ يكون بعد ذلك الولاء للمذهب وللحزب فى خدمة لبنان.

وهل ترى أن الحراك الحالى تسبب فى اهتزاز أسوار الطائفية، وأن لبنان فى طريقه إلى الطائفة الواحدة؟

يجب أن يعود، وهذا الحراك لا رجعة عنه، أبناؤنا فى لبنان لا يريدون الرجوع قبل أن يصلوا إلى لبنان الجديد، ونحن معهم فى ذلك وندعمهم، ونريد العودة إلى لبنان فى حقيقته، فلبنان تم تشويهه، السياسيون شوهوا لبنان لمصالحهم الخاصة، وانتقلوا من الولاء للوطن إلى الولاء للشخص والحزب والمذهب والدين، هذا الحراك الإسلامى المسيحى علامة من علامات الأزمنة، وهم لا يريدون بعد الآن الانتماء إلى فلان وفلان، يريدون الانتماء إلى لبنان، وعندما يكون الولاء للبنان يكون الولاء لحزبه ومذهبه وطائفته.

ولكن، غبطة البطريرك، المتابع للحراك يشعر وكأن الطبقة السياسية لم يعنها الحراك، وكأنه مات، فهى شعرت بالذعر فى أول أيامه، لكنها بعد ذلك تجاهلت المطالب، فهل تتفق مع هذا الرأي؟

هذا صحيح، وهو يعود للتركيبة اللبنانية، وما نص عليه اتفاق الطائف، حين نقل السلطة التنفيذية من رئيس الجمهورية إلى رئيس الحكومة مجتمعة، وليس الحكومة بل رئيسها، ومن هنا ضاع القرار، لا يوجد من يحسم.

وهل غبطتكم ممن يؤيد النظر فى اتفاق الطائف مرة أخري؟

أنا مع اتفاق الطائف، ولا أؤيد النظر فيه، لماذا؟ لأن اتفاق الطائف لم يطبق، لا نصا ولا روحا، وبالطريقة التى تتألف بها الحكومة لا يمكن أن يطبق، فمنذ اتفاق الطائف وأنت تضع فى الحكومة فريقين أضداد، ففريق يقول: نعم، والآخر يقول: كلا، والعكس تماما، فالحكومة منذ اتفاق الطائف كما قال مار نصر الله بطرس صفيرهى مثل عربة تجرها أحصنة للأمام، وأحصنة تشدها للخلف، والعربة واقفة فى مكانها، وبالتالى لا أحد يحكم، لا أحد يحسم، فليس بالإمكان للحكومة أن تقرر أى شيء، لأن قرارها مرتبط بالخارج، أو بأحلاف مرتبطة بالخارج.

يخشى البعض أن يعود شبح الحرب الأهلية فى لبنان مرة أخري، فهل تخشى ذلك، خاصة مع بعض المناوشات التى حدثت للحراك؟

لا أحد فى لبنان يريد الحرب، وهى بعيدة من اللبنانيين، فهم اختبروا مرارة الحرب، وأنه لا جدوى من الحرب، فهم لا يريدون العودة إلى الحرب.

هل تابعت ما حدث فى «عين الرمانة» خلال اليومين الماضيين، خاصة أنها كانت شرارة الحرب الأهلية فى السبعينيات؟

ما حدث من إشكال فى عين الرمانة شجبناه من هنا من مصر، وما حدث بعدها أن من شجبه على الأرض هن النساء حين ذهبنّ إلى عين الرمانة مسلمات ومسيحيات لكى يمحن بأنفسهن آثار رموز الحرب الأهلية، وهذه شجاعة المرأة اللبنانية، التى حييناها أيضا من هنا.

الحراك يتمسك بـ«كلن يعنى كلن» ومع أن السلطة تعترف بالفشل، لكن مع ذلك نرى كل مسئول يقول: لست أنا بل غيري، برأيك هل ترى أن ذلك يحدث بالفعل؟

نعم، لكن هذا لا يكفي، يجب أن يفعلوا فعل توبة حقيقية، وإقرارا بأنهم فشلوا، والبرهان أن البلد وقع فى الفشل.

لنخرج من لبنان ونعود إلى مصر، غبطتكم التقيتم البابا تواضروس وشيخ الأزهر، وبعد توقيع وثيقة الأخوة بين بابا الفاتيكان وشيخ الأزهر، كيف ترى نتائجها؟

هذه الوثيقة رائعة ونحن نعمل من أجلها ومن أجل نشرها، ونحن فى لبنان بحكم نظامنا نعيش هذه الأخوة، فلبنان يقوم على التعاون المنظم بين أفراده وفقا للدستور، والميثاق الوطنى واتفاق الطائف، فالمشاركة الإسلامية ــ المسيحية فى الحكم والإدارة منظمة، وهذه الوثيقة فى لبنان هى حياتنا اليومية، ونأمل أن تكون حياة الشعوب فى الشرق الأوسط هكذا، فالعمل بين البابا فرانسيس وشيخ الأزهر عمل جبار ورائع، له تأثيره الكبير مسيحيا وإسلاميا، نرجو له كل الخير.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق