رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

بريطانيا.. مكافحة الجريمة ببنوك الطعام

لندن ــ مروان سلطان
فقراء ينامون في شوارع بريطانيا

8 ملايين جائع في أنحاء البلاد.. و60 حادث سرقة علنية يوميا في لندن

 

 بدأت الاستعدادات لموسم الأعياد، وبدأ معها موسم الجريمة في بريطانيا! الشرطة، كعادتها، تنشط في حملات التوعية بوسائل الوقاية من أساليب اللصوص المتطورة في السطو، وتجدد نصائحها عن كيفية خداع اللصوص سواء للإيقاع بهم أو لإثنائهم عن اقتحام المنازل.

فضلا عن سرقة المنازل، تكشف أحدث الإحصاءات عن أنه في العاصمة  لندن وحدها، تقع يوميا 60 جريمة خطف للحقائب والهواتف المحمولة وغيرها في الشوارع باستخدام الدراجات. وخلال الـ 12 شهرا الأخيرة، تلقت الشرطة البريطانية «سكوتلانديارد» أكثر من 22 ألف بلاغ عن جريمة من هذا النوع.

تضم العاصمة البريطانية 32 منطقة إدارية لها مجالسها المحلية المنتخبة التي تدير شئونها باستقلال عن الحكومة المركزية. وتكشف الإحصاءات المفزعة نفسها عن أن 75 في المائة من المناطق التي تعاني أعلي معدلات الجرائم العنيفة تقع ضمن قائمة المناطق الأكثر فقرا وحرمانا في لندن. كما أن لدي هذه المناطق أكبر نسبة من الأطفال الذين يعانون الفقر!

لم يجد البريطانيون، في ظل فشل الحكومات المتعاقبة في مواجهة كارثة الفقر، ومن ثم تخفيض معدلات الجرائم المرتبطة به، حلا سوي بنوك الطعام.

في مثل هذه الأيام من كل عام، يستقبلك، علي أبواب المتاجر الكبري، متطوعون بابتسامة استعطاف خجولة ويعطونك قائمة من المستلزمات الأساسية التي تحتاجها بنوك الطعام لتقديمها للفقراء والمشردين في بريطانيا. تشمل القائمة مواد غذائية معلبة أو مغلفة، ومستلزمات للنظافة الشخصية وغيرها من تلك الاحتياجات التي يعاني الفقراء في دول العالم الثالث من افتقادها.

يشتري المتبرعون هذه المستلزمات ثم يسلمونها إلي المتطوعين الذين يوردونها يوميا إلي بنوك الطعام لتصنيفها وتوزيعها علي المحتاجين، خاصة في موسم الشتاء شديد البرودة.

موسم مساعدة الفقراء، كأحد وسائل التضامن الاجتماعي وتجنيب المجتمع شرور الجريمة، مختلف هذا العام.

 فمكافحة الفقر هي أحد الوعود التي تركز عليها برامج الأحزاب المتنافسة في انتخابات مجلس العموم (البرلمان البريطاني) التي سوف تجري في يوم 12 من الشهر المقبل.

وبالتزامن مع الحملات الدعائية والمناظرات التليفزيونية بين زعماء الأحزاب، عمدت المؤسسات الخيرية إلي نشر ما تستطيع من معلومات وإحصاءات عن حالة «الفقر الغذائي» في المملكة المتحدة، صاحبة خامس أكبر اقتصاد في العالم.

ففي المملكة، التي تنفق (حسب ميزانية العام الماضي) نحو 97 مليار جنيه استرليني سنويا علي الرعاية الاجتماعية والمساعدات والدعم للمحتاجين ومحدودي الدخل، يعيش  نصف مليون شخص، علي الأٌقل، علي مساعدات بنوك الطعام التي تجاوز عددها 1200 بنك في أنحاء البلاد. فرغم أن الـ 97 مليار جنيه استرليني تمثل قرابة 11 في المائة من إجمالي الإنفاق الحكومي، فإنها لم تكف لحل مشكلة الفقر واللاعدالة في توزيع الثروة في البلاد.

ومن بين المعلومات الصادمة، أنه وفقا لتقديرات الأمم المتحدة لعام 2016، هناك 8 ملايين شخص في المملكة المتحدة- يشكلون 12 في المائة تقريبا من إجمالي السكان- يجدون صعوبة في توفير ثلاث وجبات في اليوم!!

وفي تقريرها السنوي لعام 2018، فاجأت منظمة الأغذية والزراعة البريطانيين بأن  نحو 2.2 مليون شخص في بلادهم يفتقدون بشكل هائل الأمن الغذائي!!، ما يعني أن أكبر الفئات المتضررة بشدة من برنامج التقشف وضغط الإنفاق، الذي تطبقه حكومات حزب المحافظين المتعاقبة منذ عام 2010، هم الفقراء!!

تقول المعارضة، بقيادة حزب العمال، إنه بينما يوجد في بريطانيا ما يقرب من 150 مليارديرا، يقف الآلاف في طوابير أمام بنوك الطعام ويموت آخرون في الشوارع من الجوع والبرد والمرض.

وتكشف مؤسسة «تراسل ترست» الخيرية عن أن الفترة بين شهري أبريل وسبتمبر الماضيين كانت أصعب فترة لمئات بنوك الطعام التي تتبعها بسبب زيادة عدد الفقراء المعتمدين علي المساعدات الغذائية. فخلال هذه الفترة، قدمت المؤسسة ما يقرب من مليون «شنطة طعام» عاجلة للمحتاجين. وتؤكد المؤسسة الخيرية أن هذا الرقم يمثل زيادة نسبتها 23 في المائة عن الفترة نفسها من العام الماضي، وبذلك تصبح تلك أكبر قفزة في عدد المحتاجين لبنوك الطعام منذ 5 سنوات.

تقول إيما ريف، الرئيس التنفيذي لمؤسسة راسل، إنه «من المفترض أن يكون نظام مساعدات الدولة قادرا علي حمايتنا  جميعا من الانزلاق إلي الفقر. لكن الواقع الحالي هو أن الآلاف من النساء والرجال والأطفال لا يتلقون الحماية الكافية من العوز والفقر المدقع».

وتنصح إيما الناخبين بأن يصروا علي الحصول من مرشحي البرلمان وزعماء الأحزاب علي تعهدات قاطعة، كي يُحاسبوا عليها لاحقا، بـ «العمل علي ألا يكون هناك في المستقبل القريب أي شخص بحاجة إلي بنك طعام، وضمان أن تكفي المساعدات التي يجب أن تدفع في وقتها دون أي تأخير لدفع تكاليف المعيشة».

وتصف مرجريت جرينوود، وزير العمل والمعاشات في حكومة الظل العمالية المعارضة هذا الوضع بأنه «مصدر عار « لحكومة فاشلة جعلت، بفعل التقشف والافتقاد إلي تلمس نبض الناس ومشاكلهم، المزيد من البريطانيين يعتمدون علي بنوك الطعام

ودفع هذا الوضع بعد المجالس المحلية إلي ابتكار إدارة جديدة باسم «العدالة الغذائية».

وعلي سبيل المساعدة في مكافحة الفقر، التي أصبحت «مشروعا وطنيا» تجمع كل الأحزاب والسياسيين المستقلين علي أهميته لضمان استقرار المجتمع، سيكون من بين مهام هذه الإدارة إنشاء منظمة غير ربحية لمساعدة الناس علي تعلم الطبخ والأكل الصحي وزراعة احتياجاتهم من الخضروات والقضاء التام علي فاقد الطعام.

واعتبرت المجالس هذا المشروع إسهاما في مساعي الحكومة، بغض النظر عن الحزب الذي سوف يشكلها، في الوفاء بالتزامها بتحقيق أهداف التنمية الدائمة الـ 17 ومن بينها القضاء علي الجوع بحلول 2030.

لم يفوت صديق خان، عمدة لندن، الفرصة. وبدأ حملة لتوعية كل الجهات المعنية بالعلاقة، التي لم يعد يمكن إنكارها، بين الفقر والحرمان من ناحية والجريمة من ناحية أخري.

وتركز الحملة علي أن الوقت قد حان كي تعترف الحكومة بأن المشكلة باتت «مشكلة وطنية» تتطلب، بالتالي «حلا وطنيا عاجلا» وليس مسكنات مؤقتة. وحذر من أن الحاجة أصبحت ملحة إلي « استراتيجية وطنية ملائمة للتغلب علي الفقر واللامساواة بهدف دعم الفئات الأكثر معاناة من الحرمان» ، وكرر طلبه إمداد الشرطة بـ «زيادة بعيدة المدي»، وليس مجرد دفعات مؤقتة عند الطوارئ، في التمويل الذي جدد صرخته من أن الشرطة في حاجة ماسة إليه.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق