رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

للبحر

حتى يمنعوا هؤلاء الصغار من النزول إلى البحر الهائج، ألبسوهم ثيابهم كاملة. هكذا رأيتهم على الشاطئ، وكأنهم ذاهبون إلى حفل مدرسى، وكانوا متضامين ينظرون بوجل إلى البحر على بعد خطوات من أقدامهم الصغيرة، المُدثرة بجوارب ملونة، والمنتعلة أحذيةً لطيفة.

لابد أن البحر كان يهولهم باتساعه اللانهائى، ويخيفهم بزئيره ولغطه، لأنهم كانوا يتضاغطون فى ذعر كلما أقبلت عليهم موجة، ثم ينفرطون جارين فى صراخ بينما الموجة تتكسر على الشاطئ مقتربة من أقدامهم. لكنهم كانوا فى نهاية جريهم، يلتفتون إلى البحر من جديد، ويعودون إلى الاقتراب منه.

لعلهم بدأوا يكتشفون هشاشة الزبد، لهذا لم يعودوا يتراجعون كثيرا كلما انتهى الزبد مُتلاشيا قرب أقدامهم. كما أنهم أخذوا ينشغلون بلعبة ابتكروها من فورهم لتناسب اللحظة..

راحوا يفتشون رمال الشاطئ، داخل حدود البقعة التى تركهم الكبار فيها، عن الأصداف، والحصى الصغير، وأيما شىء يقذفون به هامات الثبج الأبيض لكل موجة مقبلة..

أخذوا يتسابقون فى قذف الأمواج المسرعة إليهم، وبدا فى أول الأمر وكأنهم يقذفون وحوشا طالعة من الماء تخيفهم، يقذفون بتصارخٍ يدفع عنهم الرهبة، وفرحٍ بكل إصابة تشج رأس موجة، أو تخترق قلبها..

ثم، لم تعد المسألة إصابات للموج يدركون أن الماء يلتم عليها، يبتلعها، فأخذوا يتبارون قاذفين أصدافهم وحصاهم بطريقة تجعلهم يتجاوزون رؤوس الموج، ليروا من منهم يرمى أعلى، وأبعد..

أبعد وأبعد وأبعد، بينما كانوا يقتربون من الماء أكثر فأكثر، حتى لم يعد عندى شك فى أنهم سيدخلون البحر، بكامل ملابسهم.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
 
الاسم
 
عنوان التعليق
 
التعليق