هو كلمة السر لأى فيلم سينمائى ناجح، ذلك أنه ينقلك منذ اللحظة الأولى فى أفلامه إلى العالم الخاص الذى يريدك أن تدخل به فلا يسعك إلا أن تذوب هائما فى جميع تفاصيل شخصياته وأدواته الخاصة كأنك جزء من هذا الفيلم، فقد أكسبه عمله منذ الصغر مع كبار المخرجين مثل والده المخرج سعد عرفة وحسن الإمام وعاطف سالم الإصرار والمثابرة وحب المهنة والخوف عليها، والأهم تقديم فن حقيقى يعبر عن حلمه للسينما التى يريدها ويرغب فى حفر اسمه بين عمالقة مخرجيها من خلال الأفلام التى يؤمن بها ويحترم فيها عقلية الجمهور الذى يثق فى أفلامه.
إنه المخرج الكبير شريف عرفة الذى لم أجد إجماعا يتحقق على أحد المكرمين مثلما حدث معه منذ إعلان إدارة مهرجان القاهرة السينمائى تكريمه فى دورته الـ41، حيث قوبل الأمر بكل سعادة وتقدير واحترام وحب من الجميع «نقادا وصحفيين وفنانين وجمهورا» على هذا الاختيار السليم، وهذا شعر به كل من حضر الندوة الخاصة بتكريمه مثل الفنانة ليلى علوى والفنان شريف منير وشقيقه المخرج عمرو عرفة ورئيس المهرجان محمد حفظى وأدارها الناقد الفنى طارق الشناوي.
تحدث شريف عرفة فى الندوة بكل حب وامتنان وإقرار بالفضل لكل من كان له دور فى حياته الإخراجية بداية من والده المخرج سعد عرفة الذى حببه فى المهنة التى تفتحت عيناه عليها مع شقيقه المخرج عمرو عرفة وعلى شرفة المنزل التى كانت تطل على السينما تولد العشق لهذا الفن بكل شغف وحماس.
أثنى شريف على رفيق بدايته فى عالم السينما السيناريست ماهر عواد حيث قدما معا أول أفلامهما وحلمهما «الأقزام قادمون» و«الدرجة الثالثة» و«سمع هس» و«يا مهلبية يا».
وأضاف أن ما وصل إليه الآن خلال مشواره السينمائى بجانب توفيق الله هو توافر الموهبة مع الإصرار، فالأخير هو العامل الأكبر للاستمرار والنجاح فالموهبة وحدها لا تكفى إذا لم يتوافر الإصرار. وقال عرفة: أتذكر فى أحد حواراتى الصحفية بعد تقديمى فيلم «الدرجة الثالثة» صرحت فيه بأن الفيلم فشل، ففوجئت بشخص من العراق يكتب لى ويعاتبنى على هذا التصريح لأن الفيلم من وجهة نظره ونظر الكثيرين عنده كان ناجحا وأحبوه وأعطانى وقتها درسا فى الفرق بين الفشل وعدم النجاح الجماهيري، وقال لي: أنت لم تفشل بدليل حبنا لهذا الفيلم، ومن وقتها كان هذا الأمر إشارة لى فى أعمالى التالية واستفدت كثيرا من تلك الواقعة، وأنه مهما يواجه الفنان أى صعوبات أو إحباطات فلابد أن يقوم ويقفز من جديد، فأنا رغم أن أفلامى الثلاثة الأولى لم تنجح، فإننى كان لديّ إيمان وثقة بأنى أسير على الطريق الصحيح.
وأكد شريف أهمية دور الكاتب وحيد حامد والنجم الكبير عادل إمام فى حياته، فقد كانت تلك المرحلة هى عنق الزجاجة للانتقال إلى مرحلة أخرى ونوعية مختلفة فى الموضوعات بدأت من «اللعب مع الكبار» و«الإرهاب والكباب» و«المنسي» و«طيور الظلام» و«النوم فى العسل» التى شكلت فترة النضوج بالنسبة.
وحول تنوع أفلامه بين الغنائى والسياسى والاجتماعى والكوميدى وكيفية اختياره المشروع القادم الذى يقدمه، أجاب شريف بأنه لا ينظر تحت قدميه ولا يعتبر أن هذا الفيلم آخر شيء يقدمه، فهو يختار ويقدم أفضل المتاح فى ظل الظروف المتوافرة، ولكن فى إطار لا يتنازل عنه لأنه على يقين بأنه سيقدم خلال مرحلة تالية الأفضل أيضا. وأكد أيضا مسئولية الفنانين والقائمين على الصناعة للنهوض بها من جديد، فلابد من عودة الفنان المنتج الذى يكون لديه وعى عما يقدم من موضوعات، فمثلما تحمست سابقا لى النجمة ليلى علوى وأنتجت فيلم «يا مهلبية يا» أتمنى أن يتكرر الأمر الآن، فأحيانا يتولد لديّ شعور بأننا نقدم الآن أفلاما لنجوم وأصدقائهم ممن يجلسون ويتقابلون معا فى جلسات السهر، وهذا الأمر فى غاية الخطورة، ولابد أن ينتبه الجميع إلى ذلك، فلابد أن يكون لديهم مسئولية تجاه ما يقدم، فالفن هو القوة الناعمة التى تؤثر فى الشعوب، فأرجوكم كونوا على وعى بذلك.
وتحدث شريف عرفة عن شخصية المراسل الحربى فى فيلم «الممر» وجعل البعض يوجه له انتقادا، وأجاب متسائلا: ما المانع فى تقديم شخصية عدلت من مسار حياتها وأصبحت شخصية إيجابية بعد ذلك؟، وقال: إن هذا يذكرنى بما حدث لى مع وحيد حامد وعادل إمام عندما تعرضنا للهجوم على اعتبار أننا نظهر المحامين فسدة، فالأفلام ليست تعميما لفساد مهنة كاملة، وعبر عن امتنانه بأن أول تكريم حصل عليه فيلم «الممر» كان من مؤسسة «الأهرام» العريقة، وأول جائزة حصلت عليها كانت من الناقد الكبير سامى السلاموني.
أما عن أفلامه التى قدمها على مدى مشواره السينمائي، سواء كانت غنائية أو كوميدية أو سياسية أو حربية، فأكد أن جميعها تتلاقى حول فكرة المواطن البسيط الذى يريد التغيير والذى يحلم بالتغيير لمستقبل وحياة أفضل، سواء من فشل أو هزيمة أو تحول من ضعف إلى قوة بداية من «سمع هس» مرورا باللعب مع الكبار أو «عبود على الحدود» نهاية بآخر أفلامى «الممر» وكيفية تحويل الهزيمة إلى نصر من أجل الفرد والبلد فجميعها تدور فى هذا الإطار. وتحدث عرفة أيضا عن الفنان الراحل أحمد زكى حيث قدما معا «الدرجة الثالثة» و«اضحك الصورة تطلع حلوة» و«حليم»، فهو يتمتع بموهبة تمثيلية فائقة وفى أثناء التصوير يفاجئك بإحساس لا تتوقعه ومن الصعب أن تجعله يعيد مرة أخرى مثلا فهو ـ رحمه الله عليه ـ عاشق لعمله وكرس حياته كلها من أجل الفن .
أخيرا، وجه شريف عرفة نداء إلى النقاد والصحفيين بألا يحولوا السينما إلى صراع ايرادات بأن فيلما ما يكتسح فيلما آخر، فالإيرادات مهمة ولكنها ليست المحك الرئيسى لتقديم الأفلام.
رابط دائم: