رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

«إشاعات.. إشاعات».. عروض لا تُحبس بين الجدران

باسـم صـادق

بعد كثير من المعوقات الادراية والعراقيل الرقابية خرج عرض «إشاعات إشاعات» إلى النور.. ولكن كان مخرجه محمود فؤاد صدقى قد تآكل طموحه حتى فى الخروج بعنوان عرضه كما كان مقررا له فما بالك بتفاصيل العرض الدقيقة كالاحتفاظ بفريق العمل أو مكان تقديم العرض أو حتى أسماء بعض شخصياته! غير أنه استطاع النجاة بتوصيل فكرته الأساسية إلى الجمهور ووضعهم أمام مرآتهم لملاحقة السلوكيات السلبية التى قد تكون سببا فى دس الشائعات المختلفة والانسياق وراءها دون وعى أو تفكير..

ورغم أن تيمة العرض قد تبدو ساذجة أو مستهلكة فما أكثر الأعمال التى تناولت فكرة الشائعات عبر وسائط فنية مختلفة مثل فيلم دكتوراة مع مرتبة الشرف لمعالى زايد وعبد العزيز مخيون وإخراج إبراهيم الشقنقيرى.. إلا أن مؤلف العرض متولى حامد تناولها تناولا مختلفا فاستخدم قضية الزحام نتيجة السلوكيات الخاطئة كركيزة أساسية ينطلق منها لتتبع سير الشائعة المولودة من رحم الزحام.. لذلك دارت الأحداث فى قلب ميدان رمسيس حينما تعمد أحد سائقى التوك توك السير عكس الاتجاه فأربك الميدان بالكامل.. وبينما تبدأ الشخصيات الموجودة فى قلب الحدث فى التفاعل معه لمحاولة فك الأزمة يطل تمثال رمسيس على ما يجرى بأسى وحزن شديدين.. بل يحاول الاستغاثة بصديقه الوحيد زوسر مدرس التاريخ الذى أدى به إحباطه إلى الجنون والاقامة أسفل التمثال إقامة دائمة.. ومع الأحداث نرى نماذج عشوائية لكل طبقات المواطنين كسائق التوك توك البلطجى ظاهريا ولكنه ذو معدن اصيل.. وزوج وزوجة من الأثرياء كل ما يهمهما اللحاق بموعد عمل بينما الرجل مستسلم تمام الاستسلام لزوجته المتعجرفة.. ثم بائعة المنديل بنت البلد التى لا تفرط فى شرفها مهما كانت حاجتها إلى لقمة العيش.. ورجال إسعاف يحاولون إنقاذ حياة عجوز رغم هذا الزحام.. ومجموعة من المواطنين يركبون أتوبيس عاما ومذيعة مدعية جاهلة.

ومع تصاعد الصراع يتم خطف أحد الأطفال من أمه.. ومن هنا يبدأ بث الشائعات التى تزيد تدريجيا مثل كرة الثلج وينساق الجميع فى حبكتها والإضافة عليها لتأكيد أن سبب التعطل المرورى هو زرع متفجرات فى الميدان وهكذا.. ويغلف المخرج رؤيته البسيطة المعبرة بأغنيات درامية رشيقة بأشعار صفاء البيلى وموسيقى محمود وحيد.. تساهم فى تقدم الحدث وتؤكد أن الانسياق وراء الشائعات هو سبب تأججها.. حتى يأتى الحل بتعاون الناس أنفسهم بعد أن أفاقوا من غفلتهم إنقاذا للعجوز المريض.. والحقيقة أن أهم ما فى تلك التجربة هو إصرار مخرجها على مواصلة تنفيذ قناعاته بأهمية الوصول إلى الجمهور فى أماكنهم وذلك بإقامة عروضه فى فضاءات مفتوحة تسمح بتجول العرض وتنقله من محافظة لأخرى.

ورغم هذا فإن عجز البيت الفنى للمسرح عن توفير مكان يناسب طبيعة العرض بما يتضمنه من ديكورات لأتوبيس وسيارات إسعاف وملاكى مصنوعة خصيصا لتتناثر بأريحية فى الفضاءات المختلفة ليجلس بداخلها الجمهور كمشارك فى الأحداث.. أدى بالعرض فى النهاية إلى تقديمه بين جدران حديقة مركز سعد زغلول الثقافى الصغيرة جدا والتى وضعت داخلها الديكورات بصعوبة شديدة تعوق حتى حركة الممثلين.. ولولا جهود أشرف طلبة مدير فرقة المسرح الحديث باعتباره منتج العرض وقتها.. وإيمان الناقد مجدى عثمان مدير المركز بقيمة المسرح وموافقته على استضافة العرض بحسب الإمكانات المتاحة له، ما كان ليخرج إلى النور حتى الآن.. خاصة أن المركز أصلا تابع لقطاع الفنون التشكيلية وليس للبيت الفنى للمسرح أو حتى لقصور الثقافة.. فما قيمة أن نقدم عرضا تابعا لشعبة اسمها «المواجهة والتجوال» بين الجدران مادام أنه لا يعبر عن فلسفة الشعبة التابع لها! فمثل هذه العروض لا تُحبس بين الجدران بل لابد أن نطلق لها العنان لتكتسب قيمتها وعمقها من تفاعلات الجمهور هنا وهناك.

ولكن هذا التخبط لا يختلف كثيرا عما حدث فى التغييرات الأخيرة لمديرى مسارح الدولة.. فكيف يتم تغيير مدير المسرح القومى أحمد شاكر عبد اللطيف بحجة تنشيط الأداء – بحسب البيان الصادر عن البيت الفنى للمسرح- رغم مرور بضعة أشهر فقط على توليه إدارة المسرح القومى وبعد ما بذله من جهد لإنتاج عرض المتفائل الذى حقق نجاحا كبيرا ما زال يحصده حتى الآن.. ورغم ما لديه من خطط وطموحات لم يستطع حتى تنفيذ مشروع واحد منها.

فبأى منطق يتم الحكم عليه بأنه غير نشيط؟ وهل كل مديرى مسارح الدولة يقومون بأدوارهم على أكمل وجه حتى يتم تغيير مدير المسرح القومى تحديدا دون إبلاغه مسبقا ودون مناقشته فى الأمر وفى هذا التوقيت الذى يعترض فيه على إنتاج عرض هولاكو؟! وهل سيستطيع الفنان أشرف طلبة أن ينشط أداء المسرح القومى فى الشهور الثلاثة المتبقية على إحالته للمعاش؟! ومادام أن هناك رغبة فى إنتاج عرض هولاكو فلماذا يتم التضحية بنجاح «المتفائل» فى سبيله؟ ولماذا لا يتم استغلال فكرة أن جامعة القاهرة شريك أساسى فى إنتاج هولاكو ويتم افتتاحه على خشبة مسرح الجامعة الأكبر على مستوى مصر حتى يأخذ عرض المتفائل فرصته كاملة فى النجاح والإيرادات بالقاهرة قبل سفره للمحافظات من جهة.. وتكون بذلك سابقة تاريخية تحسب للجميع بأن يشاهد طلاب الجامعات أولا وقبل الجمهور عرضا تاريخيا لقامات بحجم الكاتب الكبير فاروق جويدة والمخرج القدير جلال الشرقاوى من جهة أخرى ثم ينتقل بعد ذلك إلى المسرح القومى؟!

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
 
الاسم
 
عنوان التعليق
 
التعليق