لأول مرة بالعاصمة الإدارية الجديدة ترسم القارة السمراء كيانا قويا لـ «إفريقيا التى نريدها»، من خلال تبادل الأفكار وتوحيد الرؤى بما يخدم تعميق التعاون الصناعى والتجارى وإنشاء منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية من خلال رسم خريطة طريق واضحة ووضع الآليات التى تمكن القادة الأفارقة ومتخذى القرار من توحيد الأولويات وأجندات الأعمال لتحقيق التكامل الصناعى الإفريقى بهدف اندماج الاقتصادات الإفريقية فى الاقتصاد العالمي.
هذه الطموحات ناقشها المهندس عمرو نصار وزير التجارة والصناعة بورشة « صنع فى إفريقيا» بمشاركة وزراء الصناعة الأفارقة ورؤساء اتحاد الصناعات وممثلى القطاع الخاص بـ 25 دولة إفريقية و8 دول أوروبية والصين، إلى جانب ممثلى المؤسسات الدولية وشركاء التنمية، حيث أكد ضرورة الاستفادة من الإمكانات والموارد الطبيعية الضخمة وتحديد الميزات النسبية لكل دولة بالقارة لإقامة صناعات حقيقية تحقق الرخاء الاقتصادى لجميع شعوبها، فضلا عن تطوير البنية الأساسية للنقل والاتصالات لجنى ثمار تحرير التجارة وتسهيل الانتقال وتقليل تكلفة نقل البضائع داخل القارة التى تعد الأعلى عالميا، وذلك بعد تنفيذ برنامج تطوير البنية التحتية فى إفريقيا «PIDA» بما يتضمنه من مشروعات للربط الحيوى التى تشمل محور القاهرة ـ كيب تاون«، وتطوير شبكات الاتصالات والربط الكهربائى والسكك الحديدية فى ربوع القارة.
وطالب»نصار« بوجود نظام مالى إفريقى عصرى لتعبئة الموارد المحلية والاستثمار الأجنبى المباشر بين البلدان الإفريقية من أجل تمويل الاجندة الأفريقية 2063 للتحول الاقتصادى ومشروعاتها الرئيسية التى تشمل منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية، والقطار الإفريقى فائق السرعة، واستراتيجية السلع من خلال التكامل الإنتاجى والتجارى القائم على الميزات التنافسية وبناء سلاسل القيمة المضافة الممتدة فى القارة، والاستفادة من خبرة مصر الصناعية .
وأوضح السفير ياسر هاشم، ممثل وزارة الخارجية المصرية، أن مصر تسعى مع أشقائها فى القارة للإسراع فى تنفيذ المشروعات الرائدة فى القارة مثل سد انجا الكبير، وشبكة السكك الحديدية الإفريقية المتكاملة عالية السرعة، والسوق الإفريقية الموحدة للنقل الجوى وغيرها، فضلا عن نشاط التجمعات الاقتصادية الإفريقية فى دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة وجذب الاستثمارات الأجنبية فى المشروعات الكبيرة وعالية التكنولوجيا لتطوير قطاع الصناعة فى مناطق الاتحاد الإفريقى الخمس، بما يفتح الباب أمام تنمية صناعية حقيقة تدعمها حركة تجارة بينية تربط كافة أرجاء القارة.
وقال الدكتور عمرو طه المدير التنفيذى لمركز تحديث الصناعة إن تحقيق التكامل الصناعى الإفريقى يتضمن الإدارة الجيدة للموارد وتدشين سلاسل قيمة إقليمية وتطوير قطاع النقل اللوجستى وتحرير التجارة البينية وتعزيز الشمول المالي، مشيرا إلى إمكان نقل خبراتنا بتدشين نواة لمراكز تحديث الصناعة فى دول القارة ووضع الاستراتيجيات الصناعية وتقديم الخدمات المالية وخدمات الدعم الفني، والتعاون فى مجالات صناعات التجميع الأولية والتعبئة والتغليف والتأهيل والتدريب لتوفير العمالة المؤهلة للصناعة وإنشاء الصناعات المتقدمة.
وأكمل وزير التجارة والصناعة استعرض تحديات التصنيع فى إفريقيا بجلسة «رسم خريطة الموارد الإفريقية»، منها ندرة التدريب الفنى الذى يؤهل العمال لمتطلبات سوق العمل، وضعف الصناعات الصغيرة والمغذية التى تخدم الصناعات الكبيرة.
بينما أشار وزير قطاع الأعمال العام إلى تنفيذ مشروع «جسور» حاليا لتسهيل النفاذ إلى 10 دول إفريقية، الذى يقدم 4 خدمات لوجستية ومشروعا للخدمات التأمينية، ومشروع مجالات الشحن والتخزين والتأمين، ويجرى تأسيس شركة بالتعاون مع القطاع الخاص المصرى لإدارة المشروع، ويجرى تدشين كتالوج إلكترونى للمنتجات التى يمكن تصديرها لدول القارة.
وقال أمير أدودو أرتين، رئيس غرفة التجارة والصناعة والزراعة والمعادن والحرف بجمهورية تشاد، إن القارة يُنظر إليها من الدول الأجنبية على انها مجرد قارة حافلة بالمواد الخام تعتمد عليها الدول الأوروبية فى الصناعة أو تسويق منتجاتها، مشيرا إلى أن هناك عددا كبيرا من المواد الخام التى تصدرها القارة بأسعار زهيدة لعدم إضفاء أى قيمة مضافة عليها وأهمها السمسم والصمغ العربي، فيها منتجاتهما تباع بأضعاف أسعارها فى الأسواق الآسيوية والأوروبية بما يمثل تحديا كبيرا يواجه الحكومات والقطاع الخاص الإفريقى فى الطريق لمضاعفة الإنتاج وزيادة التنافسية للصناعة.
وأشار خالد مقود مدير المكتب الإقليمى لمنظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية بجنوب إفريقيا إلى أن المنظمة تنفذ 607 مشروعات تنموية بالقارة فى مجالات كفاءة الطاقة والطاقة المتجددة وتقليل استخدام المياه وخفض انبعاثات الكربون، ومشروعات دعم الشباب والمرأة والجماعات المهمة لمواجهة حالات عدم الاستقرار التى تعانيها بعض دول القارة.
وأوضحت الدكتورة جيهان السكرى الخبير الاقتصادى والاجتماعى فى بنك التنمية الإفريقى ان التصنيع فى افريقيا يواجه تحديات أهمها انخفاض التنافسية الصناعية التى تولد 700 دولار فقط للفرد، وهو ما يبلغ ثلث ما تقدمه الصناعة فى بلدان أمريكا اللاتينية واقل من خمس ما تقدمه دول شرق آسيا، فضلا عن انخفاض الإنتاجية المرتبطة بصغر حجم المؤسسات الصناعية، والمنافسة من القطاع غير الرسمي، برغم أن إفريقيا تعد أكثر مناطق العالم جذبا للاستثمارات الأجنبية المباشرة؛ حيث تستحوذ على ما يقرب من 30% من الموارد المعدنية فى العالم.وجاءت جلسة «استهداف سلاسل القيمة المضافة» لتؤكد أهمية تطوير منظومة البنية التحتية الإفريقية وتحقيق الاستغلال الأمثل للموارد، والارتقاء بجودة المنتجات الإفريقية لترقى للمستويات العالمية وتوفير المواصفات بالقارة، وتفعيل دور مكاتب التمثيل التجارى بدول القارة لتعزيز التجارة البينية ، وخفض التعريفات الجمركية الإفريقية وتجنب الازدواج الضريبى وتسهيل النفاذ للتمويل لجميع المشروعات الصغيرة والمتوسطة والمشروعات الكبري.
رابط دائم: