التعليم الفنى سر نهوض الاقتصادات الكبرى.. والكليات التكنولوجية الحديثة ستغير نظرتنا له
فى ختام زيارة ناجحة للرئيس عبد الفتاح السيسى لبرلين، مثلت طفرة فى تعزيز العلاقات المصرية الألمانية، قدمت خلالها مصر رؤية شاملة حول سبل جذب الاستثمارات للقارة الإفريقية خلال قمة «مجموعة العشرين للشراكة مع إفريقيا» بالإضافة إلى طرح آخر التطورات المتعلقة بالاقتصاد المصرى وفرص الاستثمارات فى مصر، أجرت «الأهرام» حوارا مع المهندس هانى عازر، خبير الأنفاق العالمي، فى برلين، عقب مشاركته فى مائدة مستديرة عقدها الرئيس مع كبار المستثمرين ورؤساء الشركات الألمانية، للتعرف على رؤيته حول ما تشهده العلاقات بين البلدين حاليا ووجهة نظر الحكومة الألمانية والمستثمرين فى الاقتصاد المصري، فضلا عن رؤيته لطبيعة التعاون الجاد حاليا فيما يتعلق بمجالات التعليم الفنى والتدريب المهنى والتى شهدت الزيارة توقيع 6 اتفاقيات تعاون متعلقة بها، وإلى نص الحوار:
أكد المهندس هانى عازر خبير الأنفاق العالمي، أن العلاقات بين مصر وألمانيا تشهد قفزة هائلة منذ عدة أعوام وتزداد ترابطا وهو ما يعكس ثقة ألمانيا فى سياسة الدولة المصرية حاليا تحت قيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، موضحا أن الحكومة الألمانية أصبحت تثق فى الاقتصاد المصرى واتجاه الاستثمارات فى مصر فى الطريق الصحيح عقب خطوات الإصلاح الاقتصادى الجريئة التى نفذتها الحكومة المصرية والتى تدعمها ألمانيا بكافة السبل وفى مختلف المجالات.
وأضاف أن العلاقات بين البلدين شهدت مؤخرا ثقة كبيرة متبادلة بين الجانبين، تحولت لصداقة بخاصة فى ظل رؤية الرئيس عبد الفتاح السيسي، لافتا إلى أنه بات لدى ألمانيا ثقة فى الشعب المصرى بعد تحمله أعباء الإصلاح الاقتصادي، وأيضا أصبح لديهم ثقة وإعجاب بالشباب المصرى الذى شارك بشكل مبهر، خلال السنوات الخمس الماضية، فى إنجاز العديد من المشروعات القومية بجودة ومعايير عالمية وفى توقيتات زمنية قياسية.
هل يتابع المستثمرون الألمان النجاحات التى حققتها الشركات الألمانية فى مصر خلال السنوات الأخيرة؟
نعلم أن الإطار الحاكم لضخ الاستثمارات بالدول هو حالة الاستقرار فى الدولة ومدى النجاح الذى حققته الشركات الأجنبية العاملة فى هذه الدولة، والمستثمرون الألمان إلى جانب الحكومة الألمانية يتابعون عن كثب الإنجازات التى حققتها الشركات الألمانية العاملة فى مصر، بخاصة المشروعات القومية التى تم إنجازها سواء من الناحية الهندسية أو الفنية، فعلى سبيل المثال مشروعات الأنفاق أسفل قناة السويس تم إنجازها بماكينات ألمانية ولكن بأيد عاملة مصرية تم تدريبها فى ألمانيا ولم يكن من المتوقع أن يصلوا إلى مرحلة الجودة العالمية التى يتمكنون خلالها من استخدام الماكينات الألمانية بهذه الحرفية لإنجاز حفر هذه الأنفاق فى مدة قياسية لم تحدث فى تاريخ أوروبا وهو ما أعطى الثقة فى الشباب المصرى الذى أثبت قدرات هائلة على تحقيق المستحيل.
التعليم الفنى يجذب 80% من شباب ألمانيا
تم توقيع عدد من اتفاقيات التعاون فى مجال التعليم الفنى والتدريب المهني..هل نتوقع خطوات جادة لنقل التجربة الألمانية فى هذه المجالات بشكل مؤسسى إلى مصر؟
التعليم الفنى فى ألمانيا يعتبر ثانى أحدث تعليم فنى فى العالم ونقل هذه التجربة إلى مصر يمثل طفرة هائلة فى ظل اتفاقيات التعاون المشتركة التى تم توقيعها لتحقيق هذه التجربة بشكل مؤسسى فى مصر، ولكن التعليم الفنى مرتبط أيضا بالتدريب المهنى الذى يمثل أساس البنية الاقتصادية لألمانيا التى جعلتها فى مقدمة اقتصاديات العالم، فعلى سبيل المثال 80% من شباب ألمانيا يقبلون على التعليم الفنى و20% يقبلون على التعليم الجامعي.
وأضاف: لدينا فى مصر مدارس «مبارك كول»، التى تشرف عليها ألمانيا، والتى كانت مخصصة للتعليم الفنى ثم تطورت إلى مرحلة التعليم المزدوج قبل الجامعى والتى تضم تعليما فنيا وتدريبا مهنيا لإصقال قدرة الطلبة على اكتساب الخبرات المناسبة بجودة عالمية والحصول على شهادة مناسبة تؤهل الطالب للحصول على فرص عمل فى مختلف الشركات العالمية.
وأكد أن التدريب المهنى يعتبر المرحلة الأهم من التعليم الفنى لأن الحصول على شهادة فقط دون خبرة لا يكفي، فتطوير قدرة الطالب بشكل عملى وإكسابه الخبرات المناسبة هو سر تطوير مجال التعليم الفنى فى مختلف دول العالم.
التوعية بأهمية التعليم الفني
من وجهة نظرك كيف يمكن تغيير الصورة النمطية للتعليم الفنى فى مصر باعتباره أقل من التعليم الجامعي؟
يحصل العامل الفنى فى ألمانيا على تقدير كبير من الحكومة الألمانية اجتماعيا يمكن أن نقول إنه أفضل من المهندسين والدكاترة، فهنا فى ألمانيا دكتورة متزوجة من فنى كهرباء، لذا نحن بحاجة إلى تغيير الصورة الفكرية عن التعليم الفنى فى مصر من الناحية الاجتماعية من خلال حملات توعية حول أهمية التعليم الفنى وقدرته على القفز باقتصاد الدولة، فالمهندس المدنى لا يتمكن من حفر الأنفاق أو إقامة محطات عملاقة أو إنجاز أى مشروعات دون الفنيين، والدول الصناعية الكبرى تهتم بالتعليم الفنى أكثر من التعليم الجامعى لأن تعلم المهنة سيوفر فرصة عمل للحاصل على الشهادة.
وأكد المهندس عازر أن الرئيس عبد الفتاح السيسى يدعم بشكل كبير التعليم الفنى والتعليم التكنولوجى المتخصص، حيث تم إنشاء كليات تكنولوجية حديثة تقدم برامج تعليمية تقنية متقدمة، بدأت الدولة طريقها نحوها خلال الفترة الماضية لتخدم مشروعات التنمية بالدولة، وتسهم بصورة مباشرة فى إيجاد فرص عمل جديدة للشباب فى مجالات أكثر تأثيرًا من المجالات التقليدية القديمة.
وتستقبل هذه الكليات طلاب الثانوية العامة والشهادات الفنية بمختلف مدارسها، وتمتد الدراسة بهذه الكليات للطلاب الحاصلين على دبلوم التعليم الفنى نظام الثلاث سنوات والخمس سنوات والمعاهد الفنية.
ويمكن من خلال هذه الكليات تقديم برامج تكنولوجية فى مختلف المجالات سواء الطب أو الزراعة أو السياحة أو تكنولوجيا المعلومات وغيرها. وهذه الكليات ستنتج فنيين متخصصين فى مختلف المجالات التى يحتاجها السوق فى مصر، والذى من خلاله سينهض الاقتصاد المصري.
الشركات الألمانية فى مصر
كيف تنظر لإقبال الشركات الألمانية العاملة على العمل فى مصر وهل تتوقع زيادة عددها خلال الفترة المقبلة؟
تعمل بمصر حاليا 1200 شركة ألمانية تمتد انشطتها إلى مختلف المجالات، وقد دخل العديد من الشركات الألمانية الكبرى الى السوق المصرى خلال الفترة الماضية مثل شركة «بوش» للالكترونيات وشركة «مرسيدس» وغيرها من الشركات ، بالإضافة لشركات حققت نجاحا كبيرا فى السوق المصرى والمشروعات القومية المختلفة مثل شركة «سيمنز» التى حققت نجاحا كبيرا بمشاركتها فى مختلف المشروعات، وأتوقع دخول العديد من الشركات الألمانية مصر خلال الفترة المقبلة.
وأتمنى أن يتم استغلال هذه الشركات ليس فقط فى مجرد ضخ استثمارات بالسوق المصري، وإنما أيضا الاستثمار فى الشباب المصرى من خلال التدريب والصناعة والصيانة ،بخاصة بعد أن أثبت هؤلاء الشباب قدرة باهرة على التعلم والتنفيذ بدقة فى مختلف المشروعات عقب تلقى التدريب اللازم فى ألمانيا وهى الأهداف التى يركز عليها حاليا الرئيس عبد الفتاح السيسى بالتعاون مع الجانب الألماني.
«عازر» ضمن أشهر 05 شخصية فى ألمانيا
اختير المهندس هانى عازر ضمن أشهر 50 شخصية فى ألمانيا بعد أن شيد محطة سكك حديد برلين عام 2006 التى حصلت فى ذلك الوقت على جائزة «محطة العام». كما شارك «عازر» فى عشرات المشروعات بألمانيا وارتبط اسمه بعشرات الأنفاق ومشروعات حول العالم حتى أصبح أشهر خبير أنفاق فى العالم.
كرمت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل المهندس هانى عازر فى 2006 بمناسبة افتتاح محطة برلين للقطارات، لجهوده فى خدمة ألمانيا بوسام الجمهورية الألمانية، وتم منحه وسام الاستحقاق الألمانى بسبب الإنجازات التى حققها فى ألمانيا.
كما كلفه الرئيس عبد الفتاح السيسى بمتابعة ما يجرى على أرض مصر من مشروعات وعلى رأسها المشروع القومى لأنفاق قناة السويس، التى تعد الأضخم على مستوى العالم وإعجازا مصريا يُدرس فى المحافل الدولية.
رابط دائم: