عندما يتطرق الصحفى لعالم الكتابة الأدبية ويقتحم عالم التأليف والخيال لابد ان تكون الكتابة والتجربة هنا مختلفة, ليس لتميزه أواختلافه عن بقية الكتاب الذين هم أدباء ومؤلفون بعيداً عن مجال التجربة الصحفية ولكن لتفرده, فالعمل الصحفى يتميز بملامح استكشافية هى مدخل للعديد من التجارب التى لايمر بها المؤلف الأديب بعكس المؤلف الصحفي, وهذا مايقدمه لنا الصحفى أسامة الرحيمى فى كتابه «بوح المبدعين» حيث جمع «الرحيمى» العديد من تجاربه الصحفية الممتعة.التجربة الصحفية بالنسبة للصحفى هى بمثابة فن المتعة والإدهاش ذلك العمل الذى تقوم به وتعد له وأنت فى قمة سعادتك الحقيقية.
............................
فى هذا الكتاب يحاول المؤلف أن يصيغ للقاريء وينقل له سعادته بعمله, فيشرح للمتلقى فى مقدمة الكتاب كيفية التجهيز والاستعداد لعمل الحوار الصحفى الذى تدور فكرة الكتاب عنه فهو يقدم ثلاثين حواراً أجراها مع أكبر المفكرين والمبدعين طوال رحلة عمله فى بلاط صاحبة الجلالة وداخل أروقة صفحاتها, وكيف أن إجراء تلك الحوارات يتطلب استعدادا من نوع خاص, فيوضح أسامة الرحيمى أن القارىء «لايستشعر مرحلة التجهيز بالطبع التى هى تتطلب قراءات كثيرة عن خلفية الشخصية المراد اجراء الحوار معها, فصحفى الحوارات يجب ان يكون قارئا نهما ومطلعا باستمرار على كل ألوان الثقافات المتعددة وكل العلوم الانسانية والأدبية, كى يلمس القارىء صدق المعلومة المقدمة ففن الحوار الصحفى يؤكد على دور الصحافة الحقيقى فهو لون من ألوان الصحافة المرهق الممتع فى نفس الوقت كشأن مهنة الصحافة بصفة عامة.
فيضم كتاب «بوح المبدعين» ثلاثين حواراً لشخصيات متنوعة, سياسية وأدبية ودينية وفنية ثرية بابداعاتهم التى أفسحت المجال للكاتب بالتجول داخل عالمهم ونقله للقاريء بجدية وصدق فرضته عليه تقاليد مهنته الأساسية وهى الصحافة.
فنرى المؤلف يبدأ كتابه بحوار مبهج مع المخرج الكبير داوود عبدالسيد الذى يقول عنه المؤلف فى مقدمة حواره معه» حين جلست مع المخرج الكبير داود عبدالسيد فهمت أن البهجة التى نراها فى أفلامه تكمن فى صميم روحه هو لاغيره, وأن قدرته على تحويل ضحايا بؤس الواقع إلى صناع للبهجة تجيء من اقتناعه الراسخ بأن الفن فى حرب حقيقية دائمة ضد الكآبة والقبح» ويكمل معه حوارا من امتع الحوارات التى تجريها مع مخرج بحجم «داود عبدالسيد» ويستكمل الرحلة الفنية من الحوارت الصحفية التى اجراها الكاتب مع الفنان محمود حميدة ثم سعيد شيمى وحوار من القلب للقلب مع مبدع تعامل مع فن التصوير بقلبه وروحه فكانت روحه هى من تنظر من خلال عدسة كاميرته ليصلنا كل ذلك التدفق من الاحساس والابداع.
وتتوالى بقية الحوارات الثلاثين فى رحلة عطاء الكاتب والصحفى أسامة الرحيمى مع المبدعين,فأصحاب الحوارات وابطال كتاب بوح المبدعين هم, نجيب محفوظ,عبدالرحمن الأبنودى, داود عبدالسيد, محمود حميدة, سعيد شيمى, أحمد عبدالمعطى حجازى, جابر عصفور, محمد المخزنجي,محمد سلماوي, إيفيلين عشم الله,أحمد اسماعيل, صنع الله إبراهيم, إبراهيم أصلان,شريف حتاتة, بهاء طاهر, قاسم حداد, أمين ريان, فتحى إمبابى, إبراهيم عبدالمجيد, د.أحمد أبوزيد, أحمد خالد, فاروق عبدالقادر, د. شاكر عبدالحميد, د.عفاف طبالة, منى الشيمى, بهيجة حسين, د.محمود حافظ, الشيخ ابوالعينين شعيشع, بطرس غالى, محمد حافظ دياب,.
ومايستوقفك داخل الكتاب هو ماأسماه الكاتب بـ«أسبوع فى حياة نجيب محفوظ» أديب نوبل العالمى فيعرض المؤلف لأسبوع قضاه فى تغطية ورصد ست جلسات للأديب الكبير يومياً على مدار اسبوع مع أصدقائه وهو فى الثالثة والتسعين من عمره فيرصد لنا كيفية معايشة نجيب محفوظ للحياة واستماعه واهتمامه بمن حوله فى معايشة هى الاوقع والاجمل فهى تجربة لصحفى مختلفة ومتفردة ينقلك إلى عالم أحد أهم مبدعى مصر والعالم فقدم أسامة الرحيمى عرض لتلك الجلسات الست بتفاصيل مشوقة وسرد أقرب لما نعرفه فى عالم الدراما بالسيناريوفهو قدم سيناريو صغيرا لتفاصيل تلك الجلسات.
ويستمر الرحيمى من خلال كتابه بوح المبدعين بتقديم نماذج لحوارات صحفى يعلم مايلزم المهنة من عناء يتضح فى مجمل اعمالك وماقدمته فى النهاية للقارىء لذلك حرص كل الحرص على تزويد كتابه بكل تجاربه الثرية وابراز ملامحها ليأخذ القارىء معه إلى عالمه الصحفى وكيف يستعد الصحفى لإجراء الحوارات فهى تستلزم وقتا وعملا قبل البدء فيها, اهم مايميز كتاب بوح المبدعين هو انه يعد بمثابة نقل تجربة حية لعمل الصحفى وتسليمها للقاريء يداً بيد, ولم يغفل أسامة الرحيمى حوارات المرأة ودورها فى المجتمع فقدم نماذج مشرفة ومختلفة حيث اختار تقديم الأديبة والفنانة التشكيلية, فهو قدم لنا نماذج لحوارات مع الأديبة البعيدة كل البعد عن الأضواء والعازفة عنها, عفاف طبالة وحوار مع الفنانة التشكيلية, إيفيلين عشم الله فكانت حوارات تمتاز بالقيمة المضافة للقاريء من معلومات جديدة على غير المتخصصين من القراء والمتعة فى آن واحد.
والكتاب يناقشه المؤلف مساء اليوم مع نخبة من المبدعين فى المركز الدولى للكتاب خلف دار القضاء العالى.
رابط دائم: