من الأخطاء الشائعة ربط ما وصفته صحيفة «ذا تليجراف» البريطانية بحالة «الهوس المصري» في المملكة المتحدة، باكتشاف هوارد كارتر، بريطاني الجنسية، لمقبرة الفرعون عام 1922، فالشغف بكل ما هو مصري في بريطانيا ومختلف بلدان أوروبا أقدم عمرا، ويرجع أساسا إلى عهد الحملة العسكرية التي وجهها القائد الفرنسي نابليون بونابرت إلى منطقة الشرق الأوسط بين عامي 1798 و1801، فذلك «الهوس المصري» كان ملهما لصيحات الأزياء والعطور، وطبعا تصاميم الحلي والمجوهرات، كما كان من إصدار دار «كارتييه» العريقة لمجموعة خاصة إلهامها مصري خالص.
وتشير «ذا تليجراف» إلى أن معالم «الهوس المصري» مازالت تنتشر ما بين البريطانيين إلى اليوم الحاضر في هيئة معالم رئيسية، إما تنتسب فعليا إلى الحضارة المصرية القديمة، أو تحمل بعض السمات والتيمات المرتبطة بهذه الحضارة الجاذبة، ومن أبرز تلك المعالم، «مسلة كليوبترا» أو ما يطلق عليها «أبرة كليوباترا» التي يرجع تاريخها إلى عام 1450 قبل الميلاد ، والتي تم إهداؤها إلى لندن، لتتمركز بالقرب من نهر «التايمز» الشهير اعتبارا من عام 1877 تحت حراسة نموذجين لأبو الهول مصنوعين من البرونز، ويحمل أحدهما فجوات أحدثتها الشظايا المتخلفة عن قنبلة أسقطها الألمان على العاصمة البريطانية، ولكن المسلات المصرية تنتشر أيضا في مواقع بريطانية عديدة مثل «باكينجهامشير»، و«نورفولك»، و«أيزبي مور»، و«يوركشاير». ولندن نصيبها من المعالم المصرية كبير، يتضمن أيضا «كارلتون سينما» الواقعة بشارع أيسيكس في «إيسلينجتون» ، والتي افتتحت أول مرة عام 1930 بواجهتها المزخرفة والتي تحاكي سمات المعابد والبنايات الفرعونية، «كارلتون سينما» التي تتسع لضيافة نحو 2300، تتحول هذه الأيام إلى قاعة خاصة للاحتفالات، ولكنها مازالت تحتفظ بذات الواجهة المميزة والجاذبة، وفي لندن أيضا، يقبع «البيت المصري» بميدان «بيكاديلي» الشهير، تم إنشاؤه عام 1812 كمتحف ومركز للمعارض، وكان من أهم المراكز الثقافية التي تميز العهد الفيكتوري، وذلك قبل أن يتم هدمه عام 1905 لبناء مجموعة من العقارات السكنية والمكاتب، ولكن النسخة التي تم تشييدها عام 1835، لتكون طبق الأصل من «البيت المصري» اللندني مازالت قائمة في كورنوال، ويتم استخدامه كفندق، وهناك بالطبع الجناح المصري القديم بمتجر «هارودز» الأشهر، والذي يعتبر محاكاة للمعمار والزخارف الفرعونية القديمة، وهناك الجداريات الفرعونية التي أبدعها المعماري جون سومرسكالز بين عامي 1909 و1913 بمقر معرض ومتحف هاريز للفنون. وبعيدا عن لندن، تنتشر المعالم المرتبطة بالحضارة المصرية، كما في حال تماثيل «أبو الهول» التي تقبع لحراسة حديقة النباتات الفيكتورية التي تعتبر من أبرز معالم ستافوردشاير، وغيرها من العلامات المصرية الصميمة التي تنتشر في أنحاء بريطانيا.
رابط دائم: