رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس المعهد الدولى للقانونيين الفرانكفونيين لـ «الأهرام»:
بطرس غالى تعرض للمؤامرة مرتين فى الأمم المتحدة والفرانكفونية

أجرى الحوار ــ ماهـر مـقلـد
الدكتور تيمور مصطفى [تصوير ــ محمد عادل]

► كان يعرف الثمن الباهظ لنشر تقرير «قانا» وخرج مرفوع الرأس
► قال لرئيس وزراء إثيوبيا كيف تتلقى تعليمات من مسئول أمريكى صغير؟ 

 

 

 

تحل ذكرى مولد الدكتور بطرس غالى أول عربى وإفريقى يشغل منصب الأمين العام للأمم المتحدة وأول أمين عام للمنظمة الفرانكفونية الشهر الحالي .شخصيات عديدة عاصرته خلال مسيرته الأكاديمية فى رحاب جامعة القاهرة وفى السلك الدبلوماسى والمنظمات الدولية المرموقة التى ترأسها وتحتفظ هذه الشخصيات بذكريات خاصة معه كأستاذ له بصمات مهمة فى العلاقات الدولية وصاحب أوسع الخطوات نحو اعتلاء أهم المناصب الرفيعة الدولية بكفاءته وعلمه .

«الأهرام» حاورت المستشار الدكتور تيمور مصطفى كامل رئيس المعهد الدولى للقانونيين الفرانكفونيين السابق ورئيس الجمعية المصرية للقانونيين الفرانكفونيين وأول مصرى يعمل بمنظمة الفرانكفونية حيث عاصر الدكتور بطرس غالى طوال رئاسته للمنظمة ومقرها باريس وعاش معه أدق المواقف.

فى هذا الحوار يكشف عن تفاصيل خاصة عن كيفية إدارته المنظمة الفرانكفونية وقصة الخلاف مع الرئيس الفرنسى جاك شيراك والذى على أثره لم يتم التجديد له لدورة ثانية وهو الموقف نفسه الذى تعرض له فى الأمم المتحدة بعد أن صمم على نشر تقرير «مذبحة قانا» الذى يحمل إسرائيل المسئولية كاملة عن هذه المذبحة وكانت الولايات المتحدة ضد نشر التقرير.

وقال الدكتور تيمور مصطفى كامل إن قصة منظمة الفرانكفونية جاءت بسبب مواقف مخزية من بعض العاملين داخل المنظمة وتأثر الرئيس شيراك وتدخل بكل قوة لمنع إعادة انتخاب غالى لدورة جديدة وترشيح عبده ضيوف رئيس السنغال الأسبق للمنصب.

ووصفه بأنه كان يتابع مهام العمل فى المنظمة بطريقة غير مسبوقة حيث يدون فى مذكراته اليومية كل التفاصيل بما فيها بدء تاريخ سفر العاملين بالمنظمة وتاريخ العودة ويجرى اتصالا فى نفس يوم العودة ويطلب تقريرا عن نتائج المهمة .

وهذا نص الحوار

كيف تنظر لتجربتك فى منصب رئيس المعهد الأكاديمى الدولى للفرانكفونيين ؟

كان لى الشرف أن أتولى منصب رئاسة هذا المعهد العريق الذى أسسه «رينيه كاسن» وهو من صاغ الإعلان العالمى لحقوق الإنسان فى عام 1964 وبعد أن حصلت على درجة الدكتوراه فى فرنسا ووقتها كنت فى السلك القضائى بمجلس الدولى تلقيت دعوة لحضور أول مؤتمر للمعهد فى عام 1981 فى كندا لعرض بحث عن تطوير الدراسات القانونية الإسلامية وإدخالها فى برنامج المعهد، وهذا المعهد رأسه من مصر الدكتور أحمد فتحى سرور وفى عام 2016 شرفت بتولى هذا المنصب حتى العام الحالى وعقدنا مؤتمرا دولى كبيرا لتكريم اسم الدكتور بطرس غالى والمعهد يضم أكثر من 65 دولة من 5 قارات .

ما الذى تذكره عن الدكتور بطرس غالى ؟

بطرس غالى كان شخصية عالمية يعتز بنفسه إلى حد بعيد وعلاقتى به كانت ممتدة وبها ذكريات تاريخية مهمة وعاصرت معه لحظة بلحظة ملابسات عدم ترشيحه لولاية ثانية كأمين عام لمنظمة الفرانكفونية.

كيف تابعت ملابسات عدم التجديد له لدورة ثانية فى منظمة الفرانكفونية ؟

الدكتور بطرس غالى تعرض لهذا الموقف مرتين، الأولى كانت فى الأمم المتحدة عندما حاربته الولايات المتحدة الأمريكية ووقفت ضد إعادة ترشيحه لدورة ثانية بكل ما تملك من نفوذ ولجأت إلى استخدام الفيتو فى التصويت داخل مجلس الأمن، والثانية تكررت معه فى المنظمة الفرانكفونية عندما رفض صديقه جاك شيراك إعادة ترشيحه لدورة ثانية لأسباب أعرفها .

قصة الأمم المتحدة معروفة وكتب عنها كتابا بعنوان 5 سنوات فى بيت من زجاج لكن ما تفاصيل الفرانكفونية؟

أتذكر كان يعقد مؤتمر للمنظمة فى لبنان لانتخاب الأمين العام للمنظمة بحضور الرئيس الفرنسى جاك شيراك ورؤساء الدول الإفريقية وكانت هناك نية مبيتة من شيراك لأبعاد بطرس غالى وتم ترشيح الرئيس السنغالى الأسبق عبده ضيوف وبالفعل حضر إلى بيروت، وفى الساعة الثالثة فجرا قبل ساعات قليلة من جلسة التصويت على اختيار الأمين استدعانى الدكتور بطرس غالى فى غرفته بالفندق وكنا نقيم فى فندق فينسيا مع الوفود المشاركة، وأخبرنى أنه انتهى من اجتماع عاجل مع الرئيس الفرنسى جاك شيراك بناء على طلب الأخير وأنه عرض عليه أن يستمر كأمين عام للمنظمة لعامين مقبلين، وطلب منه بعض الوقت لاتخاذ القرار النهائي،ويريد وجهة نظرى فى هذا العرض، وبدون تردد قلت له يجب أن ترفض ولا تقبل وعددت الأسباب التى تدعم موقفي.

وماذا كان رده على نصيحتك ؟

بدا مقتنعا ولم يعارض وأكملت له يجب أن يبقى اسم بطرس غالى فى السماء وذكرته بتصريحاته قبل ساعات فى المؤتمر الصحفى ، والتى قال: فيها لن أستمر فى المنصب علاقتى انتهت بالفرانكفونية،وهذا تعهد ويجب أن تترك المنظمة بناء على رغبتك وليس بناء على رغبة الآخرين.

لماذا فكر شيراك فى ولاية لسنتين فقط لغالى ؟

كان يخشى من رفض الرؤساء الأفارقة لعبده ضيوف بعد حدوث أزمة كبيرة بينه وبين الرئيس بونجو رئيس جمهورية الجابون الذى أبدى اعتراضه على فرض شيراك اسم عبده ضيوف وقال:نحن الأفارقة لا يفرض علينا احد المرشح الإفريقي، نحن يجب أن نختار وهذه الأزمة ظهرت حول ترشيح اسم ضيوف فى مأدبة العشاء التى أقامها الرئيس اللبنانى فى ذلك الوقت إميل لحود على شرف الرؤساء.

ما الأسباب التى حالت دون التجديد للدكتور غالى لفترة ثانية ؟

بسبب موقف مخز من جانب بعض الموظفين الدوليين داخل المنظمة، وكما هو معروف أن فرنسا تدفع 95% من ميزانية الفرانكفونية، وكان مدير مكتب شيراك ضد استمرار غالى بدعوى أنه يعطل مصالح خاصة داخل المنظمة فى حين ان غالى كان يدافع عن المال العام ويرفض أن يكون هناك تبذير فى المال العام وكان يعتقد أن لا أحد يستطيع أن يطعن فى شخصه عند شيراك لكن شيراك كان يستمع إلى مدير مكتبه.

لماذا هذا الموقف من مدير مكتب شيراك ضد غالى ؟

بسبب أن مدير مكتب الأمين العام للمنظمة هى كريمته وهذه السيدة منذ أن عملت فى المنظمة عام 1983 لم يستطع أى أمين عام فى المنظمة أن يقترب منها مهما كان قدره وهى تتمتع بقوة ضاربة بسبب أنها ابنة مدير مكتب جاك شيراك وحاولت بقدر الإمكان أن ألعب دورا فى التخفيف من حدة الدكتور بطرس وكان الدكتور غالى فى العمل اليومى عندما تعرض عليه أى مذكرة يصحح فيها ويعتبرها تلميذة وهى كانت أستاذة علوم سياسية والمفارقة أن عبده ضيوف انهى خدمة هذه السيدة من المنظمة بطريقة غير لائقة، واذكر أنها حضرت إلى مصر فى احتفال تكريم بطرس غالى وبكت على فراقه.

كيف بدأت علاقتك بالدكتور بطرس غالي؟

عندما تسلم مهمة أمين عام الفرانكفونية وكنت المصرى الوحيد الذى يعمل فى المنظمة منذ عام 1988 حتى عام 2007 وحتى الآن لا يوجد بها مصرى وكانت تصل ترشيحات من بعض المؤسسات فى القاهرة ولا يتم تعيينها بسبب أن المنظمة تفضل الشباب.

هل شيراك كان ضده ؟

شيراك من أعظم الرؤساء،وهو الذى رشحه لرئاسة المنظمة فى عام 1997 وكان اسم رفيق الحريرى مطروحا ولكن تم الاستقرار على غالى وكان مخلصا للعرب وحضرت معه عندما كان رئيسا لوزراء فرنسا فى عام 96 عندما افتتح مترو الانفاق وحضرت معه افتتاح مكتبة الإسكندرية مع الرئيس الأسبق حسنى مبارك وأذكر أنه قال للرئيس مبارك لماذا ترك السفير على ماهر منصبه كسفير لمصر فى فرنسا وهو شخصية ممتازة وساهم فى تطوير العلاقات وقتها كان يقف السفير أحمد ماهر فقال له مبارك هذا شقيقه ولكن وزنه زائد عنه ، وفرنسا لها دور مؤثر جدا فى تولى بطرس غالى منصب الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة.

هل شعر بالمرارة بسبب عدم انتخابه لدورة ثانية ؟

لم ألحظ هذا الأمر عليه وكان يعتز بنفسه إلى أقصى الحدود ولا يهتم من قريب أو بعيد بغير ذلك وكان وطنيا وأتذكر عندما ترشح الوزير فاروق حسنى لمنصب رئاسة اليونسكو انه تلقى اتصالا من القاهرة لدعم فاروق حسنى من خلال نفوذه فى الفرانكفونية ويومها استدعانى الدكتور غالى وتناقش معى وقلت له الوقت متأخر جدا حيث كانت الانتخابات بعد شهر واحد،وهناك ضغوط إسرائيلية كبيرة ضد فاروق حسنى ومع هذا بذلنا جهودا كبيرة.

هل هناك تشابه بين عدم التجديد له فى الأمم المتحدة والفرانكفونية ؟

مشكلة بطرس غالى أنه كان له مفهومه والولايات المتحدة تريد السيطرة عليه وطبيعة شخصيته ترفض أن يسيطر عليه أحد ويتدخل فى عمله وهذا أدى إلى تعنت الولايات المتحدة ضده حيث صوتت 14 دولة للتجديد له لفترة ثانية بينما صوتت ضده أمريكا وجاءت النتيجة 14 صوتا مقابل صوت واحد وخسر غالى والرئيس الأمريكى بيل كلينتون قال كيف رجل يحصل على أصوات 14 دولة من مجموع 15 ولا يستمر؟ ولكن اولبريت وزيرة خارجية أمريكا كانت متمسكة بتركه المنصب بعد إصراره على نشر تقرير مذبحة »قانا« فى جنوب لبنان وهى السابقة الأولى فى الأمم المتحدة ألا يمكث الأمين العام لمدتين.

هل مذبحة قانا كانت هى السبب الرئيسي؟

بكل تأكيد بجانب دعمه القضايا العربية العادلة فى عام 1996، قام عشرة من أعضاء مجلس الأمن برئاسة مصر، وبدعم غينيا بيساو و بوتسوانا برعاية قرارٍ يدعم بطرس غالى لفترة ثانية مدتها خمس سنوات حتى عام 2001. ولكن الولايات المتحدة استخدمت حق الفيتو ضد ولايةٍ ثانية له.

والدكتور بطرس غالى أرجع استخدام الولايات المتحدة الفيتو إلى عددٍ من المواقف أبرزها تقرير »قانا« وأذكر أن المجموعة الإفريقية كان يرأسها رئيس وزراء إثيوبيا قبل التصويت والتقى الدكتور غالى رئيس وزراء إثيوبيا وسأله لماذا هذا الموقف منى ؟ فأجابه بأن مساعد وزير الخارجية الأمريكى اتصل بى وطلب عدم التصويت لك فرد عليه غالي: هل يجوز أن يتصل مساعد وزير خارجية برئيس وزراء ويطلب منه عدم التصويت لمرشح يمثل القارة الإفريقية ما وزن هذا الرجل وقال له سأروى لك قصة وهى أننى قمت ببيع طوابع البريد التى أحتفظ بها لجدى وتبرعت بقيمتها لصالح مساندة إثيوبيا خلال حربها مع إيطاليا واحتلال إيطاليا لها وأكمل بطرس غالى يومها تغير تماما موقف رئيس الوزراء الإثيوبى وتحرك مع المجموعة الإفريقية لكن الولايات المحتدة كانت مصممة.

كيف تنظر إلى المشهد العام فى مصر ؟

كل من يتابع المشهد المصرى يرى بالعين المجردة أن مصر قطعت أشواطا بعيدة فى التنمية وإعادة هيكلة الدولة والرئيس عبد الفتاح السيسى لعب دورا مهما فى منع تهميش دور الدولة المصرية فى الخارج بعد ثورة 30 يونيو، مصر عادت إلى محيطها الإقليمى والدولي، وأهم ما تتميز به رؤية الرئيس فى بناء الدولة المضى قدما فى فتح الملفات الصعبة التى كان لا أحد يقترب منها فى حين أنها ضرورية وتضمن المستقبل الأفضل لمصر.

ما أهم التحديات التى تواجه الدولة المصرية؟

دون شك هناك تحديات خارجية وأخرى داخلية تتعلق بالظروف الاقتصادية فليس خافيا على أحد حجم المخططات الخارجية التى تستهدف وحدة الدولة المصرية وهذه المخططات لا تقوم بها دولة واحدة ولكن تتورط فيها مجموعة من الدول وهو أمر يحتاج المزيد من الوعى والثقة فى المستقبل وعدم الالتفات إلى الشائعات ومصر الدولة الوحيدة التى استطاعت أن تتماسك وتخرج من حافة الهاوية والشواهد من حولها كثيرة.

ماذا عن صورة مصر فى الخارج ؟

بكل وضوح لا تظهر، كما يحدث على أرض الواقع وليست هناك صورة حقيقية بل بالعكس هناك نوع من المغالطة فى نقل الحقائق وبحكم إقامتى فى فرنسا أرى أن بعض القنوات الأوروبية على سبيل المثال تنشر أخبارا فيها قدر كبير من التحامل على مصر ومن الضرورى التعامل مع هذه المواقف وتصويبها وإبراز الاستقرار الذى تنعم به الدولة.

ماذا عن انطباعات المواطن الأوروبى بعيدا عن مواقف وسائل الإعلام ؟

هناك شغف لمعرفة مصر لكن المواطن فى هذه الدول يحترم توجيهات الحكومة خصوصا تلك المتعلقة بتعليمات السفر خارج الدولة وهذا يتطلب جهدا إضافيا لنقل الصورة الطبيعية عن مصر والحياة فيها، كما أن الاوروبى يتابع بقدر من الثقة الإعلام وطبيعى جدا تؤثر فى توجهاته .

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق