رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

بن لادن والبغدادى.. أوراق اللعبة المحروقة

شريف سمير
أبوبكر البغدادى

أهم مبدأ فى سياسة الكبار هو شراء العملاء .. وتجنيد الضعفاء .. وبمجرد ما تنتهى مهمتهم، تنتهى حياتهم .. وماحدث مع زعيم تنظيم «داعش» الإرهابى أبو بكر البغدادى هو صورة بالكربون من مشهد القضاء على مهندس تنظيم «القاعدة» الأول أسامة بن لادن منذ ٨ سنوات مع اختلاف الوسائل والوجوه.

بسُترته الأنيقة ووسط رجاله ومساعديه داخل غرفة العمليات العسكرية، أمر الرئيس الأمريكى السابق باراك أوباما بتنفيذ خطة اغتيال بن لادن داخل مخبئه السرى بباكستان فى ٢ مايو ٢٠١١، وفى ٤٠ دقيقة تمت العملية وغرق بن لادن فى البحر ولا سبيل للعثور على جثته.

وبقدر ما كان أوباما محركا لاستراتيجية تغيير الأنظمة العربية فى الشرق الأوسط وتوجيه رياح الربيع العربى بما يخدم الأهداف الأمريكية واستكمال مخطط «الفوضى الخلاقة»، بقدر ما كانت أجندته تحمل نفس التغيير لـ»الأدوات القديمة» التى استخدمتها واشنطن وأجهزتها الأمنية المحترفة فى صناعة الإرهاب ونشر التنظيمات المتطرفة بأسلحتها التدميرية فى بعض البؤر المهيأة للانهيار الداخلى .. وكان «القاعدة» وزعيمه بن لادن على رأس هذه الأدوات التى نجحت الإدارة الأمريكية فى زرعها وإنتاجها منذ عقود حتى أحداث ١١ سبتمبر ٢٠٠١، وبداية تمرد السحر على الساحر .. وعند هذه اللقطة صنفت واشنطن بن لادن وجماعته ضمن قائمة الإرهاب الأسود وتصاعدت عمليات مطاردته داخل كهوف وجبال أفغانستان وملاحقة أذنابه وخلاياه فى كل مكان.

واقترب موعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية فى عام ٢٠١٢ ليبحث أوباما وقتذاك عن انتصار تاريخى يعزز من فرص بقائه فى السلطة وتجديد ولايته، وكان لابد من «كارت محروق» يتخلص به الرئيس من أحد عملائه فى الماضى، ويجرد أقوى تنظيم إرهابى من مصدر قوته .. وفى الوقت ذاته يجبر التنظيم على توفير بديل جديد ليستأنف نشاطه ويجدد عملياته الإجرامية التى تهدد العالم، بل ويفتح المجال أمام ظهور تنظيمات أخرى من رحم «القاعدة» لتواصل مشوار «الإرهاب العصرى»، ولكن بعد الحصول على «الضوء الأخضر» من القيادة العليا الأمريكية.

وانتهى دور «بن لادن» ومرحلة «القاعدة» المدروسة بدهاء ومهارة استخباراتية، لتبدأ حلقات «داعش» فى عهد أوباما الذى حقق هدفه ونال الولاية الثانية من «رأس بن لادن» .. وفى ٢٠١٤ خرج إلى الجميع أبو بكر البغدادى فى نفس «ثوب الجهاد» الذى ارتداه زعيم «القاعدة» واختار مسرح العمليات فى سوريا والعراق ليستغل ظروف وتطورات الربيع العربى فى زرع مقاتليه وإحكام قبضته على منابع الثروة والبترول فى هاتين الدولتين .. واستطاع البغدادى أن يغسل عقول الشباب بخطبه المؤثرة ونجح فى استقطابهم وتشجيعهم على القتل بأى سلاح يقع تحت تصرفهم ، مما أدى إلى سلسلة من الهجمات المدمرة فى أوروبا، بعد أن ألهمت كلمات البغدادى أكثر من ١٤٠ هجومًا إرهابيًا فى ٢٩ دولة، وراح ضحية هذه الهجمات ما لا يقل عن ٢٠٤٣ قتيلا ..وذهب أوباما .. وجاء الرئيس الحالى دونالد ترامب الذى قرر أن يحاصر شبح العزل من منصبه ولم يجد سوى الإرهاب ليغطى على أخطائه ومقامراته، واستوحى درس أوباما مع بن لادن، فأراد أن يقتبسه مع «البغدادى» لعله يفيد فى تجديد ثقة المواطن الأمريكى ويفوز بولاية ثانية مع اقتراب معركة الرئاسة فى ٢٠٢٠ .. واستبق ترامب خطته بمكافأة قدرها ٢٥ مليون دولار مقابل القبض على زعيم «داعش»، ثم ارتدى نفس السترة ورباطة العنق الحمراء وأمر «دلتا فورس» - نفس القوة الأمريكية الخاصة المنفذة لعملية «بن لادن»- بإحضار رأس «البغدادى» فى عملية مماثلة استغرقت ٣ ساعات وتوَّجتها بمقتل الأخير بحزام ناسف ليحترق «كارت آخر» انتهت مدة صلاحيته بعد ٥ سنوات، ولتستعد واشنطن نحو تجهيز وإعداد «قطعة شطرنج» جديدة تناور بها داخل مربع العمليات فى الشرق الأوسط، ومنه تمتد أصابع الإرهاب إلى العالم وفقا للحسابات الأمريكية!. وعقب رحيل البغدادى وصف جان بيير فيليو ، أستاذ دراسات الشرق الأوسط فى باريس ، مشهد مقتله بأنه «نكسة كبيرة» للتنظيم، ولكنها خسارة رمزية ويمكن تجاوزها. وفقا لـ «قانون اللعبة» الأمريكى، احترقت ورقتا بن لادن والبغدادى بنفس الإشارة .. وحانت لحظة إنتاج «الدوبلير».

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
 
الاسم
 
عنوان التعليق
 
التعليق