رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

«المحلية الجديدة».. تجارب ملهمة من أجل التغيير

> سواء كانت المدن تقليدية أو ذكية ستظل هناك حاجة للمحليات، وإن اختلفت أدوارها وفقا للتحديات المطروحة بحسب طبيعة كل مدينة، وهل هى تقليدية أم ذكية، ولعل غياب المحليات عن المشهد فى مصر خلال السنوات الأخيرة برز بشدة فى أوقات الأزمات والطوارئ. ولكن فى ظل المطالبات بعودة المحليات يجب أن يكون النقاش حول أى محليات نريد؟ وأى تغيير يمكنها أن تحدثه؟.

يقدم الخبيران بروس كاتز وجيريمى نواك فى كتابهما «المحلية الجديدة: كيف يمكن للمدن أن تزدهر فى عصر الشعوبية»، رؤية جديدة لكيفية إحداث التغيير، وكيف يمكن مواجهة أخطر التحديات الاجتماعية والاقتصادية والبيئية، وعلى الرغم من أن الكتاب يتعرض لأزمة المحليات فى الولايات المتحدة الأمريكية التى تعانى الانقسام بسبب الشعوبية فإن ما يعرضه من تجارب ناجحة للتغيير الاجتماعى بواسطة المحليات يعد إلهاما يمكن الاسترشاد به فى المجتمعات التى تواجه تحديات كبرى.يغطى الكتاب عددًا من القضايا مثل الإسكان، والتمويل، والوظائف، وتجديد المجتمع، الحكومات المتعسرة، والبطالة، والاضطرابات الاجتماعية.

ويبرز كيف تتحول القوة فى العالم نزولاً من الحكومات الوطنية والدول إلى المدن والمجتمعات الحضرية ؛ أفقياً من القطاع العام إلى شبكات الجهات الفاعلة العامة والخاصة والمدنية. يؤدى هذا التحول الجديد للسلطة إلى ضرورة مواجهة التحديات الكبرى التى تميز المجتمعات الحديثة مثل : التنافسية الاقتصادية ، الاندماج الاجتماعى، جودة الخدمات العامة، وضرورة الاستدامة البيئية.يؤكد الكتاب أن تلك المحليات الجديدة ليست بديلاً للأدوار الحيوية التى تلعبها الحكومات ولكنها مكمل لها.

يتضمن الكتاب تجارب عملية من مدن مختلفة حول العالم نجحت فى ربط مجتمعاتها المحلية بفرص النمو داخل الاقتصاد العالمى بطرق شاملة ومستدامة بيئيا من خلال شراكة بين القطاعين العام والخاص والمجتمع المدنى عبر طرق جديدة للتفكير والعمل مع التركيز على النمو والحوكمة. أصبحت بيتسبرج ضحية بسبب انهيار صناعة الصلب والصناعة الثقيلة ذات الصلة.فقررت القيادة التجارية والمدنية والعامة إعادة اختراع المدينة للقرن الحادى والعشرين. فقدمت مثالا حول كيفية إنشاء محرك نمو منخرط بالكامل فى الاقتصاد العالمى من خلال البحوث التطبيقية فى علوم الروبوتات والعلوم الطبية الحيوية، وحول إنشاء شركات ريادية محلية المدينة من مدينة صناعية قديمة فى وسط الغرب إلى مركز عالمى جديد للتكنولوجيا المتقدمة من خلال التعاون بين الجامعات والقوى العاملة المحلية والشركات ورجال الأعمال والمستثمرين. انتقلت إنديانابوليس من كرة السلة إلى التكنولوجيا الحيوية. وبدعم من رأس المال الخاص والمدني، نمت المدينة لتصبح ثانى أكبر مصدر لمنتجات التكنولوجيا الحيوية، بعد ولاية كاليفورنيا. وفى منتصف الثمانينيات، واجهت كوبنهاجن عجزًا سنويًا فى الميزانية قدره 750 مليون دولار. كان الحل هو استعادة الثروة العامة وإدارة أصولها لتحقيق أفضل فائدة للمدينة. دمجت حكومتها كيانات متعددة لتصبح ملكية عامة تدار باحتراف بعيدا عن السياسيين. تقود كل من أمستردام ولوس أنجلوس الانتقال لمصادر جديدة للطاقة المتجددة وتستخدمان الحلول القائمة على الطبيعة للتخفيف من آثار تغير المناخ وخفض انبعاثات الكربون. تعمل سانت لويس وإستوكهولم على إنشاء مناطق ابتكار بالقرب من جامعات الأبحاث المتقدمة والطبية لتحفيز تسويق الأبحاث ونمو شركات المقاولات. تتخذ هذه المدن وغيرها خطوات ملموسة لتعزيز النظم الإيكولوجية المحلية لجامعات البحوث والمستشفيات والشركات الكبيرة والناشئة والمستثمرين وحاضنات الأعمال والمعاهد الفنية.

يبرز الكتاب كيف أصبحت المدن الوحدة المحددة للنظام الاقتصادى العالمى الجديد، حيث يتم مزج العناصر الأساسية للاقتصاد الحديث والشبكات والشركات المبتكرة، والمؤسسات البحثية المتقدمة، والبنية التحتية الحديثة .تمثل هذه الاستثمارات طريقة جديدة لإدارة وتمويل المدن.

على نحو متزايد ، تتعاون الشبكات الحكومية والتجارية والجامعية والمجتمعية ، بدلاً من القطاع العام وحده ، لإيجاد حلول شاملة ومتكاملة ومتعددة التخصصات.

فى جميع أنحاء العالم ، بدأت حركة من الفاعلين المحليين.. حركة يحدث فيها حل المشكلات من الأسفل إلى الأعلى بدلاً من الأعلى إلى الأسفل.

 فالحلول متعددة التخصصات، لم تعد تأتى فقط من الحكومات ولكن أيضًا من قادة الأعمال والعلماء. يضيف المؤلفان «أن الحلول الشبكية، حيث يعمل الأفراد من مختلف القطاعات معا، ستخلق مستقبلا أفضل لنا جميعًا. 

غالبا ما تأتى أنواع الحلول هذه من المدن، ولكن حتى فى المناطق الريفية يمكنهم تطبيق هذه الأفكار لبناء أماكن رائعة وجذب أناس رائعين وتقوية اقتصاداتهم».

يؤكدالكتاب أن الحكومة المركزية لا يزال لها دور محدد تلعبه فى قضايا مثل الحقوق المدنية ، لكن الحلول من أسفل إلى أعلى ستخلق التغيير الأكثر استدامة.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
 
الاسم
 
عنوان التعليق
 
التعليق