لم يضع ذلك الشاب العشرينى فى قائمة طموحه يوما أن يكون موظفا تقليديا، يذهب إلى العمل ويؤدى دورا ثابتا فى وظيفة ثابتة، فلديه من الأفكار والطموح ما يؤهله لأفق أكثر رحابة، وهذه الأفكار كانت بداية لمشروع ابتكارى يعد سابقة فى الشرق الأوسط والقارة الأفريقية.. مشروع « تارزى الكومبست».
فخلال دراسته بكلية التجارة فى جامعة جنوب الوادى، بحث مصطفى النابى الشاب العشرينى ابن محافظة قنا عمن يشابهه، وكون مع مجموعة من زملائه فريقا سعى للتطوير الذاتى.
وخلال عامة الدراسى الأخير انطلقت داخل الجامعة مسابقة لتقديم أفكار للمشاريع الصغيرة، فوجد النابى فرصته، وكون مع زملائه بقسم إدارة الأعمال فريقا لتقديم مشروع تكنولوجى، متوقعا له الفوز.
ولكن المحكمين كان لهم رأى مخالف باختيار مشروع عن تدوير المخلفات الزراعية.
حاول النابى وزملاؤه الاستفسار من أحد أعضاء لجنة التحكيم عن أسباب الاختيار، وكانت تلك هى الخطوة الأولى على طريق نجاحهم. قال له المحكم: لا تفكر فى التطوير فى هذه المرحلة..، الآن عليك أن تبحث عن مشكلة وأن تجد لها الحل».
تخرج النابى واصدقاؤه فى الجامعة عام 2014، وبدأوا فورا فى البحث عن صاحب المشروع الفائز وتواصلوا معه لتنفيذ الفكرة وتطويرها، وبدأت رحلتهم فى دراسة المخلفات الزراعية وكيفية الاستفادة منها، وتم تطوير الفكرة لتتحول إلى صناعة الأسمدة العضوية من المخلفات الزراعية.
«لم يكن تنفيذ المشروع أمرا سهلا، فقد كنا فى هذا التوقيت لا نملك أى مبالغ مالية، وكنا نعمل فى السر فقد كان الأمر مرفوضا كليا من جانب أسرنا التى تفضل وظيفة فى بنك بمرتب ثابت وتأمين صحى، أو عقد عمل فى الخارج»، يشرح النابى صعوبة البدايات. ويضيف موضحا «عملنا لمدة عام ونصف العام دون معرفتهم، وتوجهنا إلى حاضنات الأعمال وحصلنا على منحة 17 ألف جنيه بغرض تأسيس مشروعنا». لكن الصعوبات أتت معها الفرص، فيشرح النابى «كنا فى بداية المشروع نسعى لبيع الأسمدة العضوية، ولكن مع مرور الوقت أصبحنا نقدم أيضا حلولا واستطعنا أن نبتكر سمادا عضويا مناسبا لكل محصول».

> النابى
وحول تميز مشروعه بإنتاج أسمدة «حسب الطلب»، وكأنه «ترزى زراعى» مختص بالأسمدة أوضح النابى، «مثلا الموز يحتاج لسماد غنى بالبوتاسيوم، والنخيل يحتاج نيتروجين، فتحولنا لما يمكن أن يطلق عليه تارزى الكومبست» فكرة النابى وفريقه تعد الأولى من نوعها فى أفريقيا والشرق الأوسط،، مما تطلب إنشاء معمل ميكروبيولوجى خاص لإنتاج الأسمدة العضوية.
ولكن الصعوبات لم تنته، وكان أبرزها «الفلاح المصري» وكيفية إقناعه بالمنتج الجديد؟ ومن جانب شباب يعمل فى مجال الخدمات الزراعية لأول مرة؟
يعترف النابى بأن إقناع الفلاح المصرى كان من أبرز التحديات أمام فريقه، قائلا: كنا نحاول حتى توزيع المنتج مجانا، ولكن الرد كان «أن الأرض حياته، وأنه لن يجرب شيئا جديدا فيها».
الإنقاذ كان فى «الفلاح المبادر» حسب تعبير النابى، ليكن مغامرا ويملك فى الوقت ذاته قطعة أرض كبيرة.
تجاوب «الفلاح المبادر» وطلب أن تبدأ التجربة فى «برمودة»، فى إشارة إلى شهر الحصاد عند الفلاحين.
وكانت البداية لتنفيذ مشروع النابى فى قنا بتأسيس مصنع بطاقة إنتاجية بلغت 20 ألف طن سنويا، ويسعى النابى وفريقه للتوسع خلال العام المقبل.
أثمرت جهود النابى ورفاقه فى الاختلاف والابتكار.
رابط دائم: