رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

د. محمود الشيخ فى حوار مع تلميذه زين عبدالهادى: لا يوجد بيننا نجيب محفوظ آخر ليفوز بجائزة نوبل

د. عماد عبد الراضى
زين يحاور الشيخ

كان مخططا أن يكون حوارنا مع د. محمود سالم الشيخ نائب رئيس جامعة فلورنسا الأسبق، متعلقًا بمجال تحقيق النصوص والتراث، الذي يعد أحد شيوخه على مستوى العالم، لكن حينما زارنا في الأهرام بصحبة صديقه وتلميذه د. زين عبد الهادي أستاذ علم المعلومات بجامعة حلوان، والرئيس الأسبق لهيئة دار الكتب والوثائق القومية، ظهر وجه آخر للرجل الذي عُرف على مستوى العالم ببراعته في فن تحقيق النصوص، فهو محب للأدب، ودارس لأدب نجيب محفوظ، بل كان صديقًا له وقريبًا منه وقتما حصل على جائزة نوبل. لذا فقد آثرنا أن نترك التلميذ يحاور أستاذه، ليكشف لنا عن ذلك الوجه الإبداعي الذي لا يعرفه عنه أحد.

د. زين عبد الهادي: سنبدأ من انتقالك من القاهرة إلى إيطاليا فقد أثر ذلك كثيرا في شخصيتك، ومسيرة حياتك بدراستك على يد البروفيسور جان فرانكو كونتيني أليس كذلك؟

د. محمود الشيخ: كان له أفضل الأثر، فقد تعلمت منه كيف أقرأ الأدب والثقافة، كان أستاذ فقه اللغات الرومانسية بكلية الآداب جامعة فلورنسا، وناقدًا أدبيًا وسينمائيًا، يطمع الجميع في مجرد الجلوس معه، ليس في إيطاليا فقط، بل في أوروبا كلها، فقد كان أحد كبار النقاد في أوروبا، وكنت تلميذه الأول الملازم له، وكانوا يحسدونني على ذلك، تعرفت في بيته على كبار الأدباء والشعراء والفنانين الإيطاليين، مثل الشاعر يوجينيو مونتالى صاحب النوبليوم عام 1975، والكاتب والشاعر والسينمائي بيير باولو بازوليني المخرج الذي فرض نفسه على العالم بأعماله الشعرية والسينمائية التي من أشهرها «الديكاميرون» الذي صوره في صنعاء، وحينما عرفته عام 1972، كان قد صنع فيلما وثائقيا عن سور صنعاء، وأستاذي اكتشفه كشاعر، وكان يحمل له الجميل، وأيضا تعرفت على الشاعر الإيطالي أوجينيو مونتالى الحائز جائزة نوبل، وكان أستاذي هو الذي اكتشفه أيضا، وعرفت الشاعر أونجاريتي المولود في الإسكندرية، والمخرج الإسباني بونويل الذي كان مدينًا لأستاذى لأنه عرف الناس به في إيطاليا.هذا هو الجو الذى عشت فيه معه، وتشربت منه كل هذا، وزادت علاقتي بالفن والأدب.

د. زين عبد الهادي: هل أثَّر هذا فى رؤيتك وإعادة قراءتك لأعمال نجيب محفوظ؟

د. محمود الشيخ: بالطبع، كما كانت لي نظرة خاصة لأعماله، فقد كان العالم كله يعرف نجيب محفوظ كأديب، لكن أحدًا لم يكن يلاحظ أنه كان سينمائيًا أكثر منه روائيًا، فمحفوظ كان يكتب ما يشبه السيناريو الذي يجعلك تشاهد ما كتبه، فهو يصنع مشاهد متكاملة، وكان هذا موضوع بحث كتبته عن أدب محفوظ في إحدى المجلات الأدبية الإيطالية، ولاقى صدى جيدا.

د. زين عبد الهادى: هل ترى أن هذا سر نجاحه؟

د. محمود الشيخ: تاريخ نجيب محفوظ يؤكد أنه بدأ بكتابة السينما قبل أن يكتب الرواية، وقد تحدثت معه قبل كتابة البحث، وتناقشنا في وجهة نظري، ونالت إعجابه بشدة، وأجريت معه عدة حوارات نشرت في الصحف الإيطالية، وكنت أزوره دائما في مكتبه هنا بالأهرام، وأقضي معه ساعات طويلة كلما زرت مصر.

د. زين عبد الهادى: محفوظ كان يؤمن بعبارة شهيرة وهي أن »الإغراق في المحلية هو جسر الوصول للعالمية«، كيف ترى ذلك؟

د. محمود الشيخ: محفوظ لم يخرج من مصر إلا مرتين في حياته، وذات مرة أخذوه رغمًا عنه لما اصطحبه عبد الناصر في زيارته لجوزيف تيتو، والمرة الثانية سافر فيها إلى اليمن، وكل ما تعلمه عن العالم كان عن طريق القراءات والسينما، وذات مرة سألته عن السينما الإيطالية، فقال إنه معجب جدا بالممثل الكوميدي أنتونين دي كورتيس المعروف باسم توتو، وقال إن الكوميديا التي يقدمها تراجيدية، وكان السبب أنه قدم كل أفلامه الإيطالية في بيئة شعبية تشبه الجمالية، وهو يشبه »سي السيد« في أنه الشخصية المسيطرة المهيمنة في أفلامه. فواقعية محفوظ الايهامية استمرت سواء في الجمالية أو عندما انتقل لمصر الجديدة عام 1953، فكان ابن عصره وابن بيته وابن الحارة، التي صورها لنا ببراعة، وكانت في مخيلته هي الكون اللامحدود، يفككها ويعيد بناءها من جديد حسب رؤيته للكون، وكتب من خلالها عن الإنسان في كل مكان.

د. زين عبد الهادى: كنت قريبا من عملية ترشيح نجيب محفوظ لجائزة نوبل، فما هو الطريق الصحيح لترشيح المبدعين العرب لجائزة نوبل؟

د. محمود الشيخ: حتى الآن لا يوجد بيننا نجيب محفوظ آخر، فقد كان يستحق جائزة نوبل، لأنه أدخل جديدًا على فن الرواية، وليس عندنا الآن من قدم الجديد الذي قدمه، صحيح عندنا روائيون وشعراء، لكن ليس بثقل محفوظ. لذلك لم يرشح أي أديب عربي للجائزة بعد محفوظ، لكن بعض المؤسسات تطلق شائعات أنها تريد ترشيح شخص ما للجائزة، وفور إطلاق تلك الشائعات، تقول وسائل الإعلام إن هذا الشخص مرشح للجائزة، وهذا موجود في كل بلاد العالم، وليس في العالم العربي فقط.، وسأقول لك سرا عن يقين لم يرشح من العالم العربي شخص واحد لجائزة نوبل سوى نجيب محفوظ.

د. زين عبد الهادى: كيف استقبلت خبر فوز نجيب محفوظ بجائزة نوبل؟

د. محمود الشيخ: كان يومًا من أجمل أيام حياتي، كنت في إيطاليا، وعدت إلى بيتي لأفاجأ بتهنئة زوجتي لي، ولن أبالغ لو قلت إن كل وسائل الإعلام الإيطالية من صحافة وتليفزيون اتصلت بي للحديث عن محفوظ، وكتبت مقالات عنه أعلنت فيها دهشتي من عدم معرفة الإيطاليين به، لأنه كان قد حصل على جائزة البحر المتوسط التي تنظم في مدينة باري الإيطالية قبلها بعام واحد، وكنت قد كتبت عنه مقالا في حينه، فذهبوا للبحث في أرشيفهم عن هذا المقال.

د. زين عبد الهادى: يردد البعض أن نجيب محفوظ فاز بجائزة نوبل عن روايته »أولاد حارتنا« فهل هذا صحيح؟

د. محمود الشيخ: أنا أعتبرها أفضل ما كتب نجيب محفوظ، ففي هذه الرواية فلسفة وجودية وروحانية لم توجد في كتاباته الأخرى، لكنه لم يحصل على جائزة نوبل بسببها، لكنه حصل عليها عن مجمل أعماله، ولأنه مبدع الرواية العربية، لذا فالأمر لا يتوقف على عناصر معينة في مشروعه، بل لابد من النظر إلى مشروعه بشكل كامل.

د. زين عبد الهادى: ماذا عن موقع نجيب محفوظ من القارئ الإيطالي الآن؟

د. محمود الشيخ: كل أعماله ترجمت للإيطالية، فبعد الجائزة طلب مني أحد الناشرين الإيطاليين ترجمة رواياته، لكني رفضت، لأني محقق وفقيه لغوي في مجالي، وليس في ترجمة الأدب، لكن الأعمال ترجمت بعد ذلك.

د. زين عبد الهادي: لو لخصت نجيب محفوظ في كلمات فماذا تقول؟

د. محمود الشيخ: فلتة من فلتات الثقافة العربية.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
 
الاسم
 
عنوان التعليق
 
التعليق