رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

يوسف نوفل: قصيدة النثر «شخبطة».. والحرية حجة البليد

حوار - أنور عبد اللطيف;

جائزة كفافيس


فى ذكرى مرور خمسين سنة على وفاة الشاعر اليونانى قسطنطين كفافيس فى العام 1983، نظمت للمرة الأولى فى مدينتى الإسكندرية والقاهرة احتفاليات ثقافية متميزة، تحت مسمى «كفافيات» لتنمية العلاقات الثقافية بين اليونان ومصر من خلال إبراز إبداعات هذا الشاعر اليونانى الذى عاش فى الإسكندرية، وأبدع كل أعماله فى هذه المدينة التى عشقها.

وفى العام 1990 قام المستشار الثقافى اليونانى كوستيس موسكوف بتطوير احتفالية «الكفافيات» بتأسيس «جائزة كفافيس الدولية» لتمنح إلى مبدعين من مصر واليونان، ونظرا لقيمتها الأدبية والمعنوية، أصبحت من أهم الجوائز التى يفخر بها الحاصلون عليها.

وفى العام 2001 شكلت لجنة للجائزة تقوم باختيار الفائزين كل عامين من كل فرع من يرونه الأكفأ لهذا الترشيح، وبالتالى الفائز هو بالاختيار وليس بالتقدم. وفاز بها من مصر الكاتب نجيب محفوظ، والشاعر الكبير فاروق شوشة، وسيد حجاب وإبراهيم أصلان، ورضوى عاشور، وسحر الموجى، وبهاء طاهر وغيرهم.

والجائزة فى دورتها الخامسة عشرة لهذا العام 2019 فاز بها كل من الكاتبة اعتدال عثمان عن السرد المتنوع بين القصة والرواية، د. يوسف نوفل لإسهاماته النقدية فى النقد عامة على مدار أربعين عاما والشعر خاصة ومنه المعجم المفصل للشعراء العرب، والشاعر أحمد بخيت لدواوينه الكثيرة والمتنوعة فى العالم العربى.

واليوم تحتفى الأهرام بالفائزين من خلال هذه اللقاءات التى أجريت معهم.



«فاز شاب واحد بخمس جوائز فى ليلة واحدة مقدارها 88 جنيها من جوائز المجلس الأعلى للفنون التى وزعت أمس».. أما الشاب صائد الجوائز فهو الطالب يوسف حسن نوفل، وكاتب الفقرة السابقة عنه هو الكاتب الكبير أنيس منصور، حين كان مسئولا عن أخبار الأدب عام 1961، لم يدر أن هذه الفقرة رسمت المسار الأدبى لهذا الشاب على مدى نصف قرن وصار د. يوسف نوفل واحدا من أهم نقاد الأدب الحديث فى مصر مع د.جابر عصفور ود.صلاح فضل، وأستاذا فى كلية البنات بجامعة عين شمس وعميدا مؤسسا لكلية التربية ببور سعيد، وحصل مؤخرا على جائزة كفافيس العالمية لعام 2019، وكما حددت الجوائز مساره الأدبى فإن فوزه بجائزة هذا العام رسم مسارا جديدا لجائزة كفافيس اليونانية نفسها، فلأول مرة تمنح لناقد تخصص فى النقد الأدبى الحديث، وليس النقد اليونانى.

ألف 35 كتابا وموسوعة للشعر الحديث ضمت ثمانية آلاف شاعر ونشر 6 دواوين، وسألته عن سر الجوائز الخمس التى حصل عليها فى ليلة واحدة منذ 57 سنة حتى وصل إلى جائزة كفافيس، ففجرت إجابته إشكاليات النقد وثنائيات الإبداع وشلل الأدب والفصحى والعامية.. وإلى الحديث:



الجائزة باسم الشاعر اليونانى قسطنطين كفافيس هدفها تجسيد إنسانية الفكر والابداع وفلسفتها أن الحضارة نتاج مشترك فوق الانتماءات المحلية، وحصل عليها فى الابداع نجيب محفوظ وأحمد عثمان رحمهما الله.

أما حكاية الجوائز الخمس، فقد كنت أمارس الأدب بكل أنواعه وتقدمت للحصول على الجائزة فى كل فروعها، وحصلت على المركز الثالث فى القصة والمركز السادس فى الشعر كما حصلت على المركز الأول فى المقال والبحث، فمشيت فى البحث وأعطيته الأولوية الأولى، ودرست الماجستير والدكتوراه إلى أن تنبهت بعد خمسين سنة إلى أن صاحب بالين كداب، فقررت فى سنة 2012 بعد ديوانى الخامس «برديات أبو الهول» أننى لن اكتب شعرا بعد ذلك، واستجبت لنداء الناقد حسن فتح الباب حين كتب جناية الشعر على النقد.

وماذا عن التجارب الناجحة لممارسة أكثر من لون أدبى؟

نجيب محفوظ تفوق حين ركز على السرد والرواية والقصة وحين وترك دراسة الماجستير فى الفلسفة وكتابة السيناريو، وإحسان عبدالقدوس طلق السياسة حين اتصل به صديقه جمال عبدالناصر وقال له سمعت أنهم سجنوك، فتوقف عن كتابة المقال والتحقيق السياسى وبدأ التركيز فى الرواية برائعة «انا حرة»، ففتحت له كنوز الحب والشهرة والمال، وعباس محمود العقاد مفكر وناقد جنى على الاثنين تمسكه بالشعر رغم أن نظريته كانت فى واد ووجدان شعره الذى غلب عليه الفكر فى واد آخر.

وهل هذا التفرغ سر عبقرية طه حسين؟

طه حسين أصابته حمى شعر نظمى كتبه فى هجاء الأزهر، كما أنه كان مبدعا حقيقيا يقف على أرض صلبة، لكن عيبه الغرور وعشق البروباجندا ودخوله فى الممنوع القرآنى، حين قال للتوراة ان تحدثنا عن ابراهيم واسماعيل ولكن ليس من حق القرآن، وطعن فى قصة إسماعيل وتأثر بالمستشرقين، ونصحه لطفى السيد بالسفر إلى باريس ليبعد عن الضجة التى أثيرت عليه بعد كتابه فى الشعر الجاهلى، وطالب النائب العام محمد نور بإعدامه، وعاد من باريس برائعته «الأيام»، وبطبعة جديدة للشعر الجاهلى حذف منها فصولا وأضاف فصولا وقال انه طبق الشك المنهجى فكل شيء يرد عليه.

وازدواجية يوسف إدريس بين القصة والسياسة؟

ازدواجية يوسف إدريس لم تبعده، فمقاله فى الأهرام لم يأخذه من القصة القصيرة، بل كما يخيل لى أمن له وظيفة واكل عيش، ليتفرغ لحبيبته الأولى القصة القصيرة بنفس التجلى والعبقرية.

هل البعثات أثرت على توجهاتك؟

أكيد لأنهم فى الغرب يمجدون المواهب ويفسحون لها المجال، فالطاهر مكى سافر إلى الأندلس وعشقها، ومن قبله كان محمد حسين هيكل وزكى مبارك وطه حسين فى الثقافة الفرنسية، انا انبهرت بباريس، وسافرت إلى أمريكا فوجدتها عبارة عن نبات متسلق على الثقافة الفرنسية والإنجليزية، وهم يعترفون بذلك لكن عندهم ميزة كبرى هى الولاء للجنسية الأمريكية، ومن ضمن قسم الجنسية أن يناصر المتجنس أمريكا ضد جنسيته السابقة فى حالة الخصومة.

رجائى عطية كتب عن أزمة النقد ولخص فرسانها الحاليين فى ثلاثة يوسف نوفل وجابر عصفور وصلاح فضل، كيف ترى أزمة النقد؟

نحن فعلا لدينا أزمة فى النقد لكن النقد لوثه الأدعياء والاحتكار والشللية وأزمة النشر.

هل هناك علاقة بين أزمة النقد والحرية؟

الحرية شماعة للكسالى من النقاد والمبدعين، فالنقد لا يتماس مع الحرية حتى الأديب الذى هو أكثر ارتباطا بالحرية عنده نوافذ من الرمز والإيحاء، يستطيع التعبير من خلالها، والشاعر يعمل أقنعة أسطورية يستطيع ان يحملها من المعانى ما يريد، وقد قرأت العريضة التى كتبها رجائى عطية، نقلا عن اجتماع قمم الثقافة وهم محمد حسين هيكل وعبدالرزاق السنهورى وآخرون عام 1951ووجهوها للملك جاء فيها: «يا صاحب الجلالة اجتمع لفيف من رجال القانون ولا حظنا غلاء الأسعار وفقدان فرص العمل وذلك بسبب فساد الحاشية التى تحيط بجلالتكم، وهذا نوع من الرمزية».

هل من حق المبدع ان يختلق حكايات بأسماء تاريخية حقيقية؟

التاريخ نفسه ملىء بخليط بين الشخصى والموضوعى والذاتى.

من حقك أن تدخل على التاريخ ما يجسد الفكرة، فالرافعى عرض تاريخ مصر من رؤيته، وابن خلدون كتب التاريخ من منظوره، فالواقعى لا يلغى التخييلى والشخصى، وحتى النقد كما قال سارتر إبداع ثان، لأنه يرى العمل بمنظوره.

كيف ترى الجيل الحالى من الأدباء؟

الجيل الحالى يتصدره بهاء طاهر ومحمد جبريل ومحمد قطب وخيرى شلبى ومن الإسكندرية محمد حافظ رجب.

ومن النقاد؟

عاب حركة النقد الشللية والمذهبية والهوى، وحال النقد الموضوعى يجسده د. حامد ابو أحمد فهو متخصص ودارس وقارئ متمكن للتراث وللغة الاسبانية، لكن هده المرض والضغوط النفسية فخاصم الحياة النقدية.

هل المعاناة شرط أساسى للإبداع؟

حافظ ابراهيم.. معاناته الاجتماعية منحت شعره النبض الشعبى.

وأحمد شوقى ليس ذنبه أن جدته كانت وصيفة فى قصرالخديو إسماعيل، لكن اندلسيات أمير الشعراء شوقى وشعره الوطنى تمنحه القمة بلا منازع.

ونزار قبانى أعظم شاعر سياسى اجتماعى، يكفى هوامش على دفتر النكسة وقصيدة خبز وحشيش وقمر، فتنبأ بمصير القادة الذين كان همهم العشوة والملذات والنساء.

محمود درويش شاعر القضية بلا منازع.

محمد ابراهيم ابو سنة الافضل على الساحة المصرية

فاروق جويدة فارس المقال السياسى الذى جنى على عطائه الشعرى.

حسن طلب نجح فى مصالحة الشعر بالنقد الذى دخله من باب الفلسفة.

احمد الشهاوى شاعر من الصف الأول بطزاجة الفكرة والجرأة وفلت من الذاتية والغرور بأعجوبة.

احمد بخيت كاد يكون شوقى العصر لو استوعب أن الشاعر يرقق الناقد.

هل تساعدنى على فهم قصيدة النثر؟

قلت من قبل إن قوالب الشعر أربعة المقفاة والتفعيلة وقصيدة النثر وشعر العامية، فهناك نماذج شعر العامية الآن تضرب الشعر الفصيح بـ«مراحل»، لكن مشكلة ما يسمى قصيدة النثر أن دخلها أصحاب الشخبطات والأدعياء.

طلب منى الناقد الكبير محمد عبدالمطلب أن انقد رأيه فى كتابه عن الشاعر حلمى سالم «هكذا تكلم الشعر»، فجاء دفاعى المجامل عن قصيدة النثر كما لو تطلب من الأزهر ان يدافع عن الرقص، وأرى أنه لا يوجد شيء اسمه قصيدة نثر ولكنه نثر فنى والصنعة النثرية موجودة منذ الأزل.

وكيف ترى شعر العامية؟

بيرم التونسى أستاذها ويكفيه الكلثوميات ليتربع على القمة، وأميراها فؤاد حداد وصلاح جاهين.

هل الكلثوميات أعطت أم زاحمت الشعر؟

النص يشرح جيدا بإلقاء جيد أو إلقاء مغنى، وأرى أن أم كلثوم خدمت اللغة العربية وقربت المعنى الشعرى للناس، وكان من حقها ان تبدل كلمات لشوقى، وأسهمت فى تطوير اللغة، فالنطق السليم يقرب المعنى، وحتى الآن وفى هذه السن أستمع إلى أغان لا أفهم معناها إلا بإلقاء ام كلثوم، فإذا ارتقى الغناء ارتقى الشعر والعكس صحيح أيضا.
 

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق