رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

صناعة التمور.. الواقع والمأمول

تحقيق ـ صفاء عبدالحافظ
تصوير: إبراهيم محمود
> التمور من المحاصيل الإستراتيجية فى مصر> تصوير ــ إبراهيم محمود

  •  مشروع الـ 1٫5 مليون فدان يهتم بزراعة النخيل.. والموردون يبحثون عن زيادة التصدير
  •  مسئول معمل أبحاث النخيل: مصر الأولى فى الإنتاج عالميا.. وتصدر 50 ألف طن فقط
  • الأمين العام لجمعية التمور: تشجيع أصحاب المصانع على التحديث ودعمهم فى التسويق
  •  أستاذ بحوث الأغذية وتكنولوجيا الجودة: التطوير بدأ بالزراعة المميكنة والأصناف الفاخرة

 

 

 

تعتبر مصر واحدة من أهم البلدان فى العالم التى تنتج التمور، بل إنها تعد فى المقدمة، وتعد صناعة التمور من المحاصيل الإستراتيجية خاصة فى المناطق الصحراوية والحدودية مثل الوادى الجديد والواحات.

هذه المهنة يعمل بها نحو 30 ألف مزارع ومورد، وبرغم أن مصر تنتج 17 مليون طن فإن إجمالى الكميات التى يتم تصديرها لا يتجاوز 30% من الكمية المنتجة بقيمة 48 مليون دولار فقط، فى حين أن هناك دولا مثل تونس إنتاجها أقل من مصر بكثير لكنها تصدر نحو 35% من إجمالى إنتاجها.

تساؤلات عديدة تطرح نفسها حول هذه الصناعة ولماذا لا يتم تطويرها والعمل على تسويقها لزيادة الكميات المصدرة وتطوير الإنتاج؟ وما هى الحلول المقترحة لتحتل صناعة التمور المكانة اللائقة بها خاصة بعد اهتمام الدولة بهذا النوع من الزراعة بوضعها برامج من خلال مشروع المليون ونصف المليون فدان، الإجابة على هذه التساؤلات والتفاصيل فى السطور التالية:

بداية، يقول الدكتور علاء القاضى الأستاذ المساعد بمعهد بحوث تكنولوجيا الأغذية وخبير تكنولوجيا وتصنيع وجودة وسلامة الغذاء: فى ظنى أن المشروع القومى الكبير والخاص بزراعة المليون ونصف المليون فدان، وكذلك مشروع زراعة 7 ملايين نخلة يمكن أن يكون لنخيل البلح منه نصيب كبير فى هذا المشروع ويكون بداية جديدة لزراعة التمور فى مصر بطريقة منتظمة ومميكنة وبأصناف فاخرة ووحدات تجهيز وتصنيع متقدمة تسهم فى تطوير هذا القطاع الحيوى المهم، ومن جانب آخر نجد أن جزءا كبيرا من إنتاج مصر الذى يتركز أغلبه فى المناطق الشمالية كإدكو ورشيد والعريش يكون من الأصناف الرطبة ونسبتها تتجاوز 52% وأكثر من 27% من التمور المنتجة تمور «مجهل» ــ أى لا تنتج ــ وهى تمور غير جيدة وغير متجانسة ويصعب تصديرها سواء الأصناف الرطبة أو البذرية، ففى الأغلب إما أن تسوق محليا أو للأسف تستخدم كعلف للماشية، ولانخفاض القيمة الاقتصادية لهذه الأصناف فقد أدى ذلك إلى إهمال كبير من المزارعين لنخيلهم، وكذلك عدم الزراعة المنتظمة لهذا النخيل وتلاصق وتلامس الكثير منه مما أدى إلى زيادة انتشار آفات النخيل المختلفة خاصة «سوسة النخيل الحمراء» التى دمرت كثيرا من النخيل، وتؤدى إلى سقوط العديد من الرءوس، وإضافة نسبة كبيرة من الإنتاج من الأصناف المجهولة والمنخفضة الجودة تزيد من نسبة الفاقد وانخفاض الجودة.

ويزيد على ذلك الطرق البدائية فى الحصاد، التى تؤدى الى تلف جزء لا يستهان به من المحصول وعدم وجود مصانع حديثة بتكنولوجيا جيدة كافية لتجهيز وتصنيع التمور، حيث إن أغلب الوحدات القائمة تعتمد على تكنولوجيات وأساليب بدائية وكذلك وجود عدد كبير من المصنعين من القطاع غير الرسمي، أيضا ضعف الربط بين البحث العلمى ومنتجى ومصنعى ومصدرى التمر وعدم الاستفادة من الخبرات العلمية والبحوث التطبيقية فى مجالات التجهيز والتصنيع أضعف من عملية الحصول على بيانات دقيقة عن المعاملات غير السليمة، سواء من بداية الحصاد والنقل والتداول وقلة وحدات التبريد فى مناطق الإنتاج وضعف الخدمات الفنية المقدمة للزراعة ومكافحة الآفات والتبخير غير الصحى بمركبات غير صالحة للاستخدام أو بمعدلات أقل، كل هذا يسهم فى إيجاد أجيال من الآفات أكثر قدرة على تحمل الكيماويات المكافحة وتكون أشد ضررا، بالإضافة إلى عدم الاهتمام الكافى بمنظومة التعبئة والتغليف وتطوير أساليبها وأشكالها وعدم وجود قنوات تصديرية وعدم التخطيط الجيد لفتح أسواق جديدة، حيث تنحصر أغلب الصادرات المصرية الضئيلة بشكل عام فى ثلاث دول (المغرب - إندونيسيا - ماليزيا) مع المنافسة فيما بينها، بالإضافة إلى المنافسة القوية على الأسواق العالمية وعدم تطبيق مراقبة الجودة فى أغلب الوحدات دون إجراء أى تحاليل أو قياسات وأبسطها عدم ضبط رطوبة المنتج، كل تلك المشاكل أدت الى انخفاض أسعار التمور المصرية وضعف سمعتها عالميا، حيث إن متوسط سعر طن البلح النصف جاف المصدر الى المغرب (أهم سوق تصديرية للتمور المصرية فى الوقت الحالي، حيث استوردت من مصر أكثر من 21 ألف طن خلال عام 2018) لا يتجاوز 800 دولار.

 

التطوير وزيادة الصادرات

وأكد أستاذ تكنولوجيا الأغذية أن الاهتمام بزراعة الأصناف الفاخرة فى المزارع الجديدة سيسهم فى الارتقاء بتلك الصناعة خاصة إذا كان هناك دعم من الجهات الرسمية تحديدا فى مناطق المشروع القومى مليون ونصف المليون فدان، وكذلك فى حالة إحلال الزراعات القديمة وتطوير منظومة الحصاد لتقليل التالف والاهتمام بمنظومة النقل والتداول ودعم البحوث التطبيقية فى مجال تصنيع التمور ومنتجاتها وتدوير وتصنيع مخلفاته، وإنشاء مصنع تجريبى لهذا الغرض يكون تابعا لمعهد بحوث تكنولوجيا الأغذية ويكون مركزا تجريبيا للبحوث التطبيقية والإنتاجية، وفى الوقت نفسه يكون مركزا للتدريب المهنى لتأهيل شباب الخريجين، خاصة من مناطق إنتاج التمور للعمل فى وحدات تجهيز وتبريد وتصنيع وتسويق التمور، والاهتمام بمعاملات الحصاد وما بعدها وتصنيع وتصدير المنتجات الطازجة الرطبة مثل الزغلول والسمانى والرطب مع تطوير منظومة الحفظ لزيادة الصلاحية سواء بتطوير تكنولوجيا التعبئة والتغليف مثل التعبئة فى بيئة معدلة الغازات أو تحت تفريغ مع استخدام تكنولوجيا التعقيم الحديثة المتوافقة بيئيا وليس لها أثر متبق مثل استخدام تكنولوجيا الأوزون فى عملية التعقيم سواء الجاف أو الرطب أو فى بيئة العبوة وتشجيع عمل دراسات وبحوث تطبيقية فى هذا المجال.

وأضاف أنه من ضمن عمليات التطوير إنشاء بنك معلومات خاص بكل ما يخص التمور من معلومات فنية وإنتاجية وتصنيعية وتسويقية «حجم الطلب المحلى والعالمى على التمور ومشتقات التمور - أذواق ورغبات  وشرائح المستهلكين، العمل على إنشاء علامة مسجلة دولية للأصناف الجيدة المصرية «ولنبدأ بالصنف السيوى والصعيدى» ويتم وضع مواصفات محددة للمنتجات لتحصل على هذا اللوجو، الذى يجب أن يسوق دوليا من خلال الجهات الحكومية المسئولة ومكاتب التمثيل التجارى فى الدول الأجنبية، ودعم إنشاء وتفعيل الجمعيات التعاونية للقيام بدورها فى التجهيز والتصنيع والتسويق، مع ضرورة إنشاء وحدات تسليمه التمور النموذجية التى يجب أن تكون مزودة بوحدات تبخير وتعقيم آمنة ومخازن مبردة كافية، ومن المهم العمل على فتح أسواق جديدة للتمور المصرية خاصة فى الدول المستوردة مثل الهند، التى تستورد فى حدود 36% من الصادرات الدولية للتمور، والإمارات العربية التى تستورد نحو 8% من الصادرات الدولية والمملكة المتحدة التى تستورد 5% من الصادرات الدولية، وفرنسا التى تستورد 45% من الصادرات الدولية للتمور، وكذلك بعض الدول الواعدة التى يكثر بها عدد المسلمين والمرتبطة ثقافاتهم الإسلامية بتناول التمور مثل بنجلاديش ونيجيريا، وكذلك الدول المستقلة عن الاتحاد السوفيتى القديم مثل أوزبكستان وكازاخستان وروسيا، هذا بالإضافة إلى تشجيع تطبيق نظم الجودة وسلامة الغذاء والاهتمام بتنوع منتجات التمور مثل البودر والمربات والعصائر، والتوسع فى وحدات إنتاج دبس التمر ذات التقنيات الحديثة والتركيز تحت تفريغ، والبلح بالشيكولاتة والمكسرات وغيرها، وتوفير الإبداع فى تصميم وتنفيذ العبوات لجذب المستهلك.

الأولى فى الإنتاج

أما الدكتور مصطفى طه محمدى عسوس ــ أستاذ بالمعمل المركزى لأبحاث وتطوير النخيل - فيتحدث عن أسباب ومعوقات إنتاج وتصدير التمور المصرية قائلا إن مصر تعتبر الأولى فى إنتاج التمور فى العالم، حيث تنتج نحو 17 مليون طن سنويا، ومع ذلك يصدر من هذه الكمية نحو 50 ألف طن فقط بنسبة 3% من الإنتاج الكلي، ويرجع ذلك الى كثير من المعوقات التى يمكن معالجتها، ومنها الاهتمام بالاصناف الرطبة المزروعة فى وسط وشمال مصر، حيث تمثل أكثر من 50% من الناتج الكلى لمصر مثل الحيانى والزغلول والسمانى وبنت عيشة وغيرها، وذلك بإنشاء ثلاجات تبريد وتجميد لزيادة حفظ هذه الأصناف سريعة التلف بالقرب من أماكن الإنتاج، وتحويلها إلى منتجات مثل المعجون والدبس والسكر السائل مما يعطى قيمة مضافة وفى نفس الوقت يمكن تصديرها وتسويقها على مدى العام.

وأضاف عسوس أن النسبة التصديرية للتمور فى مصر من الأصناف نصف الجافة مثل السيوى والصعيدى التى تنتج مصر منها نحو 300 ألف طن منتشرة فى سيوة والواحات البحرية والوادى الجديد، وتمثل نسبة التصدير نحو 17% من هذه الكمية، لذا لابد من إزالة هذه المعوقات لزيادة التصدير من الكميات المنتجة بالفعل وإجراء المعاملات البستانية الصحيحة مثل التقليم والتقويس والتكيس حتى لا تصاب التمور بالآفات المختلفة وتحديد المواعيد المناسبة للحصاد حتى لا يحدث فقد كبير فى المحصول واجراء عملية الجمع بطريقة سليمة حتى لا تؤثر على جودة وسلامة التمور من الاتربة والرمال، وإنشاء صوب تجفيف بسيطة للمزارعين لاستكمال التجفيف بطريقة آمنة من الاصابات الحشرية والأتربة وإنشاء ثلاجات تبريد وتجميد فى أماكن الإنتاج للتخزين السليم، بالإضافة إلى توعية وتدريب العاملين فى تعبئة التمور فى المصانع على الممارسات التصنيعية الجيدة والممارسات الصحية الجيدة والاهتمام بالتسويق والترويج للتمور المصرية فى المعارض الدولية بإنشاء مجمع للتمور له صلاحية اتخاذ القرار فى مصلحة منتجى ومصدرى التمور والتوسع فى زراعة الأصناف القابلة للتصدير كما يحدث الأن فى توشكى وتوجه الدولة لزراعة 25 مليون نخلة من هذه الأصناف.

بينما يقول المهندس السيد محمد صقر ــ الأمين العام لجمعية تمور مصر ــ إن الأمم المتحدة قد أعلنت أن عام 2017 هو عام التمور لاهميته القصوى كغذاء ودواء يسهم فى التنمية الاقتصادية والمستدامة لكثير من شعوب العالم برغم تباين الثقافة او العرق او الدين، وقد انتهزت مصر ذلك لتعلن بدء إنشاء المجلس القومى لتنمية وتطوير صناعة التمور المصرية والمقرر عقد اول اجتماع له قبل نهاية العام الحالى، علاوة لما تم خلال سبتمبر 2016 من اعلان استراتيجية تطوير قطاع التمور فى مصر برعاية منظمة الاغذية والزراعة للأمم المتحدة «الفاو» ومنظمة الامم المتحدة للتنمية الصناعية «يونيدو» وكامل قطاعات الدولة من وزارتى التجارة والصناعة والزراعة ومنظمات المجتمع المدني، ومن ضمن مشروعات الاستراتيجية برنامج تطوير مرحلة التعبئة والتصنيع لتشجيع اصحاب المصانع على التطوير وتحديث خطوط الفرز والإنتاج والتعبئة وتدريب العمالة والهيكل الإدارى على نظم الجودة ومتطلبات اشتراطات سلامة وجودة الغذاء حتى نرتقى بالمستوى الفنى والتقنى لجودة المنتج النهائى وتشجيع الصناع على الابتكار والتميز، وايضا تشجيع عمل براندات لتمييز المنتج المصرى فى الأسواق العالمية والمحلية.

وأضاف صقر أن مصر بها أكثر من 200 منشأة تعمل فى مجال التمور منها أقل من 30 وحدة مسجلة فى اتحاد الصناعات المصرية، حيث تسهم الغالبية غير المرخصة فى وجود منتج غير مطابق للشروط والمواصفات فى السوق المحلية والخارجية، وهو ما دفع الهيئة المصرية لسلامة الغذاء الى إلزام كل الصناع بداية من الموسم الحالى بعدم الترخيص بالإنتاج للمصانع غير المستوفاة لشروط توافر الأمن الصناعى وسلامة الغذاء والهجين، وبالتالى إجبار هذه الوحدات على البدء الفورى لتطبيق الاشتراطات الخاصة بإنتاج وتداول اى منتج غذائى مع تقديم الدعم الفنى والتقنى والتسهيلات المالية ببرامج خاصة لدى البنوك، وذلك لتفادى صعوبة أصحاب المصانع والوحدات الصغيرة فى توفير تكاليف التطوير، وترجع أسباب انخفاض الصادرات مقارنة باحتلال مصر المركز الاول عالميا فى الانتاج الى عدم قدرة اصحاب الزراعات الصغيرة والمتفرقة على تطبيق المعاملات الزراعية الجيدة سواء قبل او بعد الحصاد، بالإضافة إلى الإصابة بالسوسة الحمراء والتلوث بالرمال ولعدم التخزين الجيد فى البرادات، كل هذه الأسباب أدت لعدم الاستفادة من كامل الانتاج، وبالتالى تلافى هذه الأسباب يؤدى الى زيادة حجم وقيمة المبيعات التصديرية، وهذا ما تعمل عليه جميع جهات الدولة حاليا بالتعاون مع هيئة جائزة خليفة بدولة الإمارات بسرعة تطبيق برامج الاستراتيجية للوصول لحجم تصدير 100 ألف طن خلال 5 سنوات مع مضاعفة القيمة، وما يؤكد اننا قادرون على ذلك أن كثيرا من الاستثمارات الوطنية والعربية قامت بالفعل بإنشاء مزارع حديثة وزراعة اصناف جديدة عالية الجودة ومطلوبة عالميا، وستعمل على تغيير خريطة حجم وقيمة الانتاج المتميز خلال الـ 5 سنوات القادمة.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق