-
أيدت عدوان تركيا على سوريا بدعوى محاربة «الإرهاب»
-
ما هى الحقيقة وراء تصريحات وزيرى الدفاع والخارجية القطريين عن علاقة الدوحة بالإخوان والنصرة؟
«سقط النقاب عن الوجوه الغادرة .. وحقيقة الشيطان باتت سافرة».
لم يكن أحد يتصور أن هذه الكلمات المزلزلة التى أنشدتها أم كلثوم قبل عشرات السنين ستنطبق ذات يوم على دولة محسوبة على أنها «عربية»، تحولت إلى بؤرة للتآمر، وماكينة للأكاذيب والتضليل، فمواقف قادتها، ومنصتها الإعلامية الرئيسية المتمثلة فى قناة «الجزيرة» تؤكد ذلك صباح مساء.
إذا كان المجتمع الدولى تعامل مع تسمية العدوان التركى على شمال سوريا بعملية «نبع السلام» على أنها «نكتة»، فإن وقوف قطر كدولة وحيدة داعمة لهذا الاعتداء الوحشى وغير القانونى على دولة عربية عضو فى الأمم المتحدة، يؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن قطر باتت فى خانة منعزلة تماما عن محيطها العربي، وصارت تفضل الوقوف فى صف خصوم الأمة العربية فى شتى المواقف والظروف، دون مواراة أو خجل.
وقد كانت التصريحات التى أطلقها مؤخرا كل من وزير الدفاع القطري، ووزير الخارجية القطري، دفاعا عن العدوان العسكرى التركى على شمال سوريا، بمثابة محاولة فاشلة وساذجة من جانب النظام القطرى لطمس الحقائق والتلاعب بالأدلة التى تدين مواقف الدوحة ونظام تميم بن حمد، سواء فيما يتعلق بدور قطر فى تمويل ودعم الإرهاب، أو فى دورها التدميرى فى ليبيا وسوريا، أو حتى فى تدخلاتها غير المقبولة فى شئون جيرانها، والأسوأ من ذلك، إيجاد مبررات لعدوان دولة على أخري، بما يخالف القوانين الدولية.
قبل أيام، وفى إطار أعمال الدورة الثانية من منتدى الأمن العالمى الذى عقد فى العاصمة القطرية الدوحة، لجأ مسئولان قطريان نافذان فى نظام تميم إلى اتباع أسلوب وضع «المساحيق» لتجميل الوجوه القبيحة أمام المجتمع الدولي، ظنا منهما أن كل ما يقولانه سيمر مرور الكرام على المشاركين، وعلى وسائل الإعلام العربية والعالمية التى اهتمت بمتابعة هذا الحدث فى هذا التوقيت بالذات، الذى يتزامن مع الموقف القطرى المشين تجاه العدوان التركى السافر على شمال سوريا، والذى باركته الدوحة بوضوح على المستويات كافة، وبفجاجة غير مسبوقة فى تاريخ العلاقات العربية العربية.
موقف مريب
فقد نقلت وكالة أنباء «الأناضول» التركية عن وزير الدفاع القطرى خالد بن محمد العطية قوله أمام المنتدى إن العدوان التركى على شمال سوريا ليس جريمة.
وقال بالحرف الواحد: «ليس جريمة على الإطلاق أن تعمل تركيا على حماية نفسها من المجموعات الإرهابية»، فى إشارة إلى أكراد سوريا، زاعما أن «ما تقوم به تركيا فى سبيل المحافظة على وحدة الأراضى السورية لم تقم به الجامعة العربية».
كما نقلت عنه أيضا قوله إن «تركيا تستضيف أربعة ملايين لاجيء، ولو كان تعاملها سيئا لفتحت الأبواب وأغرقت أوروبا باللاجئين».
كما أثنى العطية على الأسلوب الذى تتبعه القوات التركية فى العملية العسكرية، والتى تم تعليقها بموجب اتفاق تركى أمريكى مساء الخميس الماضي، عقب ضغوط هائلة، وتلويح بعقوبات، من الجانب الأمريكى تجاه الرئيس التركى رجب طيب أردوغان، والذى خاطبه الرئيس الأمريكى دونالد ترامب فى خطاب رسمى غير مسبوق، قائلا: «لا تكن أحمق»!
وفى سياق حديثه أيضا خلال المنتدي، تحدث العطية عن إيران، وكأنه المتحدث الرسمى باسمها، فقال إنه يستبعد نشوب حرب بين إيران والولايات المتحدة، وذلك على الرغم من التوترات الحالية فى منطقة الخليج العربى الناتجة عن هجمات على سفن ومنشآت نفطية. وأضاف أن «الحرب لن تكون لصالح أحد».
تصريحات مثيرة للسخرية
أما تصريحات وزير الخارجية القطرى محمد بن عبد الرحمن آل ثانى أمام المنتدى نفسه فكانت أكثر غرابة، ومدعاة للسخرية.
فقد تضمنت ما يمكن اعتباره أدلة إدانة حقيقية لا تحتمل الشك فيما يتعلق باعتياد الكذب من جانب مسئولى حكومة الدوحة، هذا إذا اعتبرنا أن من يدير الأمور فى الدوحة حاليا يمكن أن يطلق عليه مسمى «حكومة» بالشكل المفهوم.
فقد دافع الوزير القطرى أيضا بشدة عن تركيا، معتبرا أن هجومها على مناطق شمال سوريا هدفه القضاء على «تهديد وشيك»، ومعلناً تأييد الدوحة لتركيا فى احتلال المنطقة الحدودية مع سوريا ونقل اللاجئين قسراً لها.
وقال الوزير القطرى أيضا خلال «منتدى الأمن العالمي»: «لا يمكننا أن نلقى باللوم على تركيا»، مضيفاً أن أنقرة ردّت على «خطر وشيك يستهدف الأمن التركي».
ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل إن وزير الخارجية القطرى نفى أن تكون الدوحة تدعم جماعة الإخوان المسلمين المحظورة فى مصر، ولا جبهة النصرة فى سوريا.
وفيما يتعلق بالحالة المصرية تحديدا، زعم الوزير القطرى أن الدوحة لم تكن تدعم الإخوان فى مصر، بل كانت تساند الرئيس الأسبق «المعزول» محمد مرسي، لأنه كان منتخبا من الشعب المصري، بحسب تعبيره، مبررا ذلك بأن قطر كانت تساند مصر كدولة بشكل عام.
وقال الوزير أيضا: «لا يوجد دعم، لا لجبهة النصرة، ولا للإخوان المسلمين، ولا لأى من هذه المنظمات، مللنا ونحن نشرح للجميع حقيقة الأمر».
وأضاف أن الإخوان المسلمين هى قصة تم اختلاقها بعد «الربيع العربي»، لأن بعض الدول كانت تخاف من أن يصلها «الربيع العربي» فى يوم من الأيام، مشيرا إلى أن قطر أثبتت أنها لم تدعم الجماعة، بالسجلات والتوثيق.
وفيما يتعلق بدعم جبهة النصرة، قال وزير الخارجية القطرى إن بلاده دعمت «المعارضة السورية المسلحة» بالمجمل، ولم توجه دعمها نحو جبهة النصرة كحال بقية الدول التى ساندت فصائل «المعارضة المسلحة» بالمجمل.
وأكد أن التهديد لتركيا «يأتى عبر مجموعات محددة تابعة لحزب العمال الكردستاني»، وهى منظمة مدانة ومصنفة بأنها «إرهابية»، بحسب تعبيره، موضحا أن «الأماكن التى تم تحريرها» فى سوريا هى الآن فى وضع أفضل، وأضاف: «لم نسمع عن أى تطهير عرقى أو أى انتهاكات من قبل تركيا».
تاريخ أسود .. وحاضر أكثر سوادا
وكلام العطية وآل ثانى مردود عليه بسهولة، ولكن المشكلة أن كلا منهما نطق بهذا الكلام وهو يعرف تمام المعرفة أن أحدا فى المنطقة العربية لن يصدقه، ولكن المقصود هو تجميل الصورة ومحاولة خداع الرأى العام العالمى الذى طفح به الكيل من الحديث عن انتهاكات قطر المتكررة والمتتالية، بداية من غياب الديمقراطية وقمع الحريات واعتقال المعارضين، ومرورا بالتدخل فى شئون الدول الأخري، ومواجهة عزلة إقليمية بعد أن قطعت مصر والسعودية والإمارات والبحرين علاقاتها معها فى يونيو 2017، ولجوئها إلى أحضان تركيا وإيران، وتوفير ملاذات آمنة للعناصر الإرهابية والإجرامية، وتخصيص منصات إعلامية رديئة المستوى لتأليب شعوب المنطقة على حكامها، والقيام باتصالات وأنشطة وصفقات مشبوهة ومريبة مع كيانات ودول ومنظمات، ونهاية بفضيحة كأس العالم الكبرى التى لم يتخذ فيها الاتحاد الدولى لكرة القدم «الفيفا» قرارا نهائيا بعد، بعد أن تأكد العالم كله بوجود شبهات وراء فوز قطر بحق استضافة مونديال 2022، وبخاصة بعد تفجر فضيحة انتهاك حقوق العمال الآسيويين العاملين فى منشآت المونديال، ثم تحول مخاوف المونديال القادم إلى حقيقة مؤسفة، بعد الفشل الذريع فى تنظيم بطولة العالم لألعاب القوى على الأرض القطرية.
حقيقة، لا نعرف ما الذى يمكن أن يقال؟
عن أى قطر نتحدث؟
هل نتحدث عن تاريخ قطر وحكامها مع الانقلابات والخيانة والغدر؟
هل نتحدث عن قطر التى حرضت على موجات «الربيع العربي»؟
هل نتحدث عن قطر التى تستضيف عناصر الإخوان الذين صدرت ضدهم أحكام بالإعدام والمؤبد لتورطهم فى القتل والعنف والتحريض فى مصر وغيرها؟
هل نتحدث عن قطر، موطن قناة «الجزيرة»، التى أنشئت خصيصا منذ عام 1996 لأهداف محددة من بينها ترسيخ التطبيع، والوقيعة بين الشعوب والحكومات العربية، وبين الدول العربية بعضها البعض، تحت شعار «الرأى والرأى الآخر»، وتحولت بعد ذلك إلى منصة صريحة للدعاية للإرهاب والترويج للفوضى والإساءة للدول العربية ومؤسساتها، بل ومحاولة إسقاطها؟
ألم تكن «الجزيرة» هى التى عرضت الفيديوهات المسيئة للجيش المصري، والفيديوهات المضروبة للمظاهرات القديمة، أو الممنتجة، وهى لعبة أتقنتها منذ ثورة «الياسمين» فى تونس، ثم فى ليبيا وسوريا واليمن، وكذلك مصر؟
أليست قطر و«جزيرتها» هما اللذين تآمرا أكثر من مرة لإفساد علاقات دول ببعضها البعض، مثل دورها فى تشويه الحقائق فى حادث مقتل الطالب الإيطالى جوليو ريجيني، بهدف عرقلة اكتشافات الغاز الضخمة لشركة »إيني» الإيطالية فى شرق البحر المتوسط، لحساب تركيا؟
عن أى قطر نتحدث؟
-----------------------------------------------------
الرد فى 8 نقاط
وللرد على وزيرى تميم فى المنتدى الأمني، يمكن الإشارة إلى النقاط التالية:
أولا: فيما يتعلق بالدعم القطرى المزعوم لمصر، المعروف أن مصر انتهت بالفعل منذ سنوات من تسديد كل ديونها المستحقة لقطر بعد مطالبة الدوحة بذلك، وقد سددت مصر تحديدا مليار دولار آخر ديونا مستحقة عليها للحكومة القطرية بتاريخ أول يوليو 2016، وكانت هذه الديون عبارة عن سندات طرحتها مصر فى بورصة أيرلندا بقيمة 5٫5 مليار دولار على مرحلتين عام 2013، بفائدة تراوحت بين 3% و4٫5%، وسددها البنك المركزى المصرى بالكامل بعد ذلك، بناء على مطالبة قطر بها، عقب الإطاحة بحكم الإخوان فى مصر، وهو ما ينفى أن الدعم القطرى كان موجها لمصر، بل كان يخص نظام الإخوان، وفور سقوطه، تمت المطالبة به، وسددته مصر على الفور، رغم صعوبة موقفها الاقتصادى آنذاك بعد رحيل مرسى وجماعته عن الحكم، وتصاعد العمليات الإرهابية فى كل ربوع مصر وقتها لتدمير الاقتصاد والاستقرار.
ثانيا: فيما يتعلق بأن قطر كانت تساند «المعزول» محمد مرسى لأنه كان «منتخبا» من الشعب المصري، تجدر الإشارة إلى الظروف الملتبسة التى وصل فيها مرسى إلى سدة الحكم، بعد انتخابات أثيرت حولها شكوك كثيرة، وجرى إعلان نتائجها فى أجواء غريبة، عندما ملأ أنصار الجماعة الميادين واستبقوا الإعلان الرسمى للنتائج، وصدر إعلان بفوز مرسى قبل الموعد المحدد لذلك، وتم التهديد صراحة بإحالة المدن المصرية إلى بركة من الدماء فى حالة إعلان فوز منافس مرسى فى هذه الانتخابات، التى لا يزال يتم الترويج لها فى الإعلام القطرى وفى الإعلام الأجنبى «المؤدلج» حتى يومنا هذا على أنها «انتخابات ديمقراطية»!
ابوالغيط - شكرى
ثالثا: فيما يتعلق بإنكار دعم قطر لجماعة الإخوان وجبهة النصرة، نكتفى بالقول إنه أمر مثير للدهشة والسخرية، ولا يستحق الرد عليه، لأن قطر اختارت لنفسها منذ سنوات طويلة أن تكون مقرا لقيادات الإخوان، وعلى رأسهم يوسف القرضاوي، كما أن خريطة الدول الداعمة للتنظيمات المسلحة والإرهابية فى سوريا وليبيا وغيرهما باتت معروفة وواضحة المعالم ومثبتة بالأدلة منذ سنوات، ونشرت وسائل إعلام أجنبية عدة تقارير بهذا المعني، بل يكفى القول إن الرئيس الأمريكى دونالد ترامب نفسه أدان رعاية قطر للإرهاب فى الشرق الأوسط بكل وضوح!
رابعا: فيما يتعلق بدفاع الوزيرين القطريين عن تركيا، وتأكيدهما أن الدوحة تؤيد تركيا فى احتلال المنطقة الحدودية مع سوريا، ونقل اللاجئين قسرا لها، وأن العدوان التركى على شمال سوريا هدفه القضاء على تهديد وشيك من جماعات إرهابية، فهو أمر مشين للغاية، أن تجاهر دولة عربية بحق دولة أخرى غير عربية فى احتلال أراض عربية، بدعوى أن الأراضى العربية تهدد أمن تلك الدولة الأخري، وفى هذا الصدد، تجدر الإشارة إلى أن مثلث التآمر بين قطر وتركيا وإيران على الدول العربية هو الدافع الرئيسى لترديد مثل هذه التصريحات المهينة، وإذا كان الأمر كذلك، فلماذا لا تتخذ قطر موقفا مماثلا تجاه جهود الجيش المصرى مثلا فى مواجهة التهديدات الإرهابية فى شمال سيناء؟ ولماذا لا تتخذ موقفا مشابها تجاه الجيش الوطنى الليبى وجهوده للقضاء على ميليشيات الإرهاب فى ليبيا، وبخاصة فى العاصمة طرابلس؟ ولماذا تقف دولة قطر، قيادة وإعلاما، بجانب تلك التهديدات الإرهابية الصريحة لمصر وليبيا؟
خامسا: تحدث المسئولون القطريون عن المعارضة السورية المسلحة، على الرغم من أنه لا يوجد أى إنسان على وجه الأرض يقر بمبدأ إطلاق صفة »المعارضة» على أى جماعة تحمل السلاح، فقد اعتبرت قطر أن من حقها دعم «المعارضة المسلحة» فى سوريا، فى حين اتخذت دول عربية أخرى موقفا موحدا منذ بداية الأزمة فى سوريا، وكذلك فى ليبيا أيضا، وهى الدعوة إلى نزع أسلحة الميليشيات، وعدم إطلاق صفة المعارضة على من يحمل السلاح، وعدم جواز التفاوض مع جماعات معارضة «مسلحة»، وهو المبدأ نفسه الذى أقرته القوات الروسية فور تدخلها فى الأزمة السورية، وفرضته على القوى الغربية الأخرى لاحقا.
سادسا: فيما يتعلق باهتمام قطر بالشئون الليبية والسورية والمصرية والتونسية واليمنية والسعودية، يطرح هذا السؤال نفسه يوما بعد آخر: أين قادة قطر ووسائل إعلامها مما يحدث فى قطر نفسها، ولماذا لا تنشغل قطر بما يجرى على أرضها من أحداث؟ فعلى الرغم من ظهور قناة «الجزيرة» فى عام 1996، فإنها لم تتحدث بأى شيء مثلا عن المحاكمات التى جرت فى عام 1997 لعشرات من المعارضين القطريين الذين تم اتهامهم بدعم محاولة انقلاب فى الدوحة، ولم تتحدث بعد ذلك بشيء عن سجن وانتهاك حقوق معارضين قطريين، اضطر معظمهم إلى الفرار خارج البلاد، ولم تتحدث أيضا عن الانتهاكات التركية لحقوق الإنسان التى أعقبت محاولة الانقلاب الفاشلة ضد أردوغان، ولم تتحدث بكلمة واحدة كذلك عن الانتهاكات القطرية بحق عمال مونديال 2022؟
سابعا: فيما يتعلق بما قيل عن أن تركيا تستضيف أربعة ملايين لاجيء، وأنه «لو كان تعاملها سيئا لفتحت الأبواب وأغرقت أوروبا باللاجئين»، فهذا كلام مناف للحقيقة، إذ أن تركيا تعاملت ولا تزال تتعامل بشكل سيئ مع اللاجئين السوريين، بل وتستغلهم فى ابتزاز الاتحاد الأوروبى علنا، ويكفى حصول أردوغان قبل سنوات على مبلغ يزيد على 3 مليارات من الدولارات مقابل وقف تدفق اللاجئين السوريين عبر الحدود التركية إلى ممر البلقان، ومنه إلى دول أوروبا، ويكفى أنه عاد قبل أقل من شهر من الآن إلى انتهاج لغة الابتزاز من جديد مع أوروبا، بأن هدد بفتح الحدود التركية مع أوروبا لإغراقها باللاجئين عقابا لها على رفضها للعدوان الذى أطلقه فى شمال سوريا، وليس خافيا على أحد الدور المهم الذى تلعبه تركيا فى دعم ورعاية وتمويل وحماية و«تحريك» مسلحى داعش من سوريا إلى مناطق أخري، وليس خافيا أيضا أن عمليات القصف التركى للمناطق الكردية فى شمال سوريا تركزت منذ اليومين الأول والثانى لعملية «نبع السلام» على البلدات التى توجد فيها سجون الدواعش.
ثامنا: وأخيرا: فيما يتعلق بالجامعة العربية وموقفها من الوضع الراهن فى سوريا، أولا، تجدر الإشارة إلى أن الآلة الإعلامية لقطر كانت منذ سنوات طويلة عاملا مهما ورئيسيا وراء محاولات التقليل من شأن هذا الكيان العربي، والسخرية منه، والنيل من اجتماعاته وأهمية قراراته، ومع ذلك، كانت قطر هى التى عارضت اتخاذ أى موقف جماعى عربى ضد تركيا، أو لصالح سوريا، فى الاجتماع الوزارى الأخير للجامعة بالقاهرة، وكانت هى والصومال فقط من تحفظ على البيان العربى بشأن العدوان التركي.
ولا يتبقى فى النهاية سوى أن نشير إلى أن الدبلوماسية المصرية انتهجت منذ اليوم الأول لوقوع العدوان التركى على سوريا سياسة واضحة ومعلنة تجاه هذه التطورات، بما يتوافق مع الإجماع العربي، ومع مبادئ القانون الدولي، ودون مواربة أو مراوغة، ودون أن يتغير هذا الموقف أو يتبدل مع تغير الأحداث والمواقف، بدليل أن البيان الرسمى الصادر عن وزارة الخارجية المصرية بتاريخ 17 أكتوبر، بشأن الموقف المصرى تجاه أحداث سوريا أكد استياء مصر البالغ من العدوان التركى المُستمر على الأراضى السورية، لما يرتبط بذلك من انتهاكات لقواعد القانون الدولي، فضلا عما تمخض عن ذلك العدوان من تداعيات خطيرة على الوضع الإنسانى بفقدان الأرواح ونزوح عشرات الآلاف؛ بالإضافة إلى التأثيرات بالغة السلبية لهذا العدوان على مسار عملية التسوية السياسية فى سوريا.
وأشادت مصر فى هذا الصدد أيضا بموقف الاتحاد الأوروبي، وكذلك موقف الرئيس الأمريكى دونالد ترامب الرافض لهذا العدوان، وقيامه بفرض عقوبات أولية على النظام التركي، (وهو ما ساعد لاحقا فى التوصل إلى اتفاق وقف العمليات العسكرية).
وكما كان موقف مصر تجاه قضاياها العربية واضحا وثابتا، من رفض للتدخل فى شئون الدول الأخري، ومن التأكيد على أهمية الالتزام بالقانون الدولي، وبمبدأ الحفاظ على الدولة الوطنية، ومؤسساتها، ونزع أسلحة الميليشيات، ووقف دعم وتمويل الإرهاب من الخارج، فإن موقف مصر من القضية السورية يقوم على أساس الحفاظ على وحدة سوريا واستقلالها ودعم جهود لجنة صياغة الدستور الجديد، ورفض التدخل فى شئونها الداخلية، مع الترحيب بعودة دمشق إلى مقعدها فى جامعة الدول العربية فور توافر الظروف السياسية الملائمة لذلك.
رابط دائم: