رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

العلاقة الشائكة

بريد;

تزداد الحرب التجارية بين الصين وأمريكا سخونة وربما تتحول إلى حرب عسكرية، فالولايات المتحدة تريد بيع صفقة أسلحة متطورة إلى تايوان، وهذا خط أحمر بالنسبة للصين، والسؤال، كيف سيرد الزعيم الصينى على اختراق ترامب كل الخطوط الحمراء.. وأين ؟ .. إن استمرار السياسة الأمريكية الحمائية العدائية من الناحية التجارية مع الصين ستترتب عليه حرب تجارية عالمية قد تؤدى إلى كساد اقتصادى عالمى مثل الكساد الكبير الذى حدث فى الولايات المتحدة الأمريكية وأثر على الاقتصاد العالمى من عام 1929 إلى 1931، وهناك خبراء كُثر حول العالم غير مقتنعين بالتقارير التى تفيد بأن ألمانيا ودول الاتحاد الأوروبى قد تصبح رابحة من استمرار الحرب التجارية بين أمريكا والصين لأن نتائج الحرب لن يسلم منها أحد، ومن أهم نتائجها تراجع النمو الاقتصادى العالمى وحركة التجارة الدولية، وبالتالى انخفاض حركة التجارة فى الاتحاد الأوروبى، وهذا ما أثبتته نتائج الحروب التجارية طوال التاريخ. أما الآن فان الولايات المتحدة الأمريكية تتجاهل المجتمع الدولى متعدد الأطراف، خاصة بعد انهيار الاتحاد السوفيتى عام 1991 لتبقى هى الرقم الأول، وتطورت وتبلورت هذه النظرية (أمريكا أولاً) بوضوح فى عهد الرئيس الحالى دونالد ترامب وكانت ردود الفعل عليها سلبا على الولايات المتحدة، إذ دفعت روسيا والصين الى التقارب أكثر لعدم وجود خيارات أخرى، فقبلتا الصداقة ويعتقد الخبراء الاقتصاديون أنه فى عام 2020 سوف تظهر الصحوة الصينية، وسيفهم الصينيون أن الروس فى حاجة إليهم، ومن جانب آخر فإن القيادة الصينية تأخذ بعين الاعتبار ميول الجيش الصينى نحو التقارب مع روسيا ولذلك سوف تصبح بكين أكثر انفتاحا فى إقامة شراكة مع روسيا ودعمها حتى لو أدى ذلك إلى خسائر إضافية معينة فى العلاقات مع الولايات المتحدة.

وبمعنى آخر ستكون السياسة الصينية أكثر مرونة، فنظرية (أمريكا أولاً) والحرب الاقتصادية التى أعلنها ترامب خلطت الأوراق، وصار الكل متخوفا منها بدرجات متفاوتة وليست حرب الولايات المتحدة الاقتصادية مع الصين بنفس خطورة الحرب الاقتصادية مع روسيا وإيران، فالحرب مع الصين كما أكد الباحث الفرنسى فى معهد (مونتين دومنيك) هى حرب استخدم فيها ترامب فرض الضرائب والحظر بهدف منع تفوق الصين التكنولوجى على بلاده .. إذن هى حرب الضرورة، وإن كانت لها انعكاسات سلبية على العالم بأسره ربما تكون فيها عناصر إيجابية وكان ضروريا أن ينهض أحد ما لوضع حد لسلوك النمر الصينى الكاسح!.

والسؤال الآن : هل ينجح ترامب فى حربه التجارية ضد الصين، بعد الحظر الجديد على هاواوى وشركات تكنولوجية أخرى.. إن شركات التكنولوجيا الأمريكية تعتمد بشكل كبير على الانتاج الصينى والمواد الصينية (المعادن الأرضية النادرة) فعلى سبيل المثال تستورد الولايات المتحدة نحو 80% من تلك المعادن من الصين كما أشار الرئيس شى جين بينج، ومن المعروف أن الصين هى أكبر سوق لها فى العالم.

وترامب لديه رغبة فى إعادة الاستثمارات الأمريكية من الصين وروسيا إلى وطنها وهذا مستحيل تقريبا، أما الصين فأمامها خيارات عديدة ومنها على سبيل المثال أن تتجاهل قانون براءات الاختراع وتبتعد ببطء عن السوق الأمريكية وإن كان هذا صعبا لكن الصينيين ربما يرون أنه يجب القيام به، ويمكن للصين أن تحل منتجات غير تابعة للولايات المتحدة بدلا من منتجاتها، فعلى سبيل المثال يمكنها شراء البترول من إيران وفنزويلا وتكون بذلك قد دعمت الجبهة المعارضة لأمريكا، وأيضا شراء المزيد من الغاز الطبيعى من روسيا، ولكن وفق ما يعتقده الخبراء فإن النخبة التجارية الصينية لن تدفع بالأمور الى هذا الحد إلا عند الضرورة.. إن العقلية التجارية للقيادة الصينية ترى الأمريكيين شركاء تجاريين مفيدين .. أما الروس فهم فقط عدو عدوهم!. .. ونعود إلى السؤال مرة أخرى.. هل ينجح ترامب فى حربه ضد الصين؟.. لابد من فهم أهداف المتصارعين وماذا تريد كل من أمريكا والصين؟!.. ففى مواجهة الصين تريد أمريكا إعادة تأكيد أنها بلا منازع، وتبقى (أمريكا أولا) ولا يمكنها أن تسمح بوجود منافس حقيقى لها، كما أنها لا تقبل الفكرة الشائعة القائلة بأن القرن العشرين كان قرن أمريكا بلا منازع.. أما القرن الحادى والعشرون فهو قرن الصين . وأما النيات الصينية فهى عكس نيات أمريكا إذ تسعى الصين لضمان التفوق أو ربما السيطرة الكاملة على آسيا كخطوة أولى قبل أن تصبح فى النهاية القوة العالمية الأولى.

ومهما حدث فإن العلاقة الصينية ـ الأمريكية ستكون القضية الجيوسياسية الاولى فى هذا القرن الذى من المؤكد أن يشهد أشكالا من التنافس، ويأمل العالم أن تعمل الصين والولايات المتحدة على تشكيل نظام دولى جديد يقوم على الاعتراف بأن القوة الصاعدة يجب أن تمنح الدور الذى يتناسب مع حجمها فى صياغة وتشكيل القواعد والمؤسسات العالمية الجديدة.

د. عماد إسماعيل

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
 
الاسم
 
عنوان التعليق
 
التعليق